الأسير

الأسير

 كان (زياد) شاباً طموحاً جدا” كل امنياته ان يحيا بخدمة المرضى ويتقدم بدراسته ليكون طبيباً بارعا” في مجال الجراحة اكمل دراسته وعليه فلقد تخرج في الجامعة هذه السنة كان عليه ان يخدم في الجيش لمدة سنة كاملة ضمن القانون التحق بالجيش بعد تخرجه مباشرة وكان يحب زميلته بالجامعة (وصال) فتاة لطيفة محترمة وهادئة جدا” بعد 6 سنوات من الحب قرر ان يخطبها ويتزوجا بعد الاجازة الاولى من معسكر التدريب تزوج بحفل عائلي جميل ولكن كان عليه العودة بعد 10 ايام لان فترة الاجازة ومرت الايام وحبهما تكلل بطفل جميل اطلق عليه اسم (كمال) كان يوم ولادته اجمل ايام حياته في نفس يوم ولادة طفل كان يوم التخرج من الخدمة ذهب الى المقر ليتم تخرجه وكان حفل رائعاً جدا” وعند عودته مساء” تفاجأ بخبر اعلان الحرب  الخبر مؤسف جدا” لكنه تخرج وغدا” يستلم كتاب التخرج صباحا” قرر الذهاب الى المقر بعد وداع زوجته وطفله كمال ليعود اليهم بكتاب التخرج ويستلم عمله في المشفى لكن عند وصلوله جاءت التبليغات بالتحاقهم بالجيش والحرب وتمديد فترة الخدمة العسكرية حتى تنتهي الحرب شعر بحزن وغم وطلب ان يذهب لوداع زوجته وعائلته وطفله لكن رفض طلبه عليه الالتحاق بالوحدة العسكرية بالخطوط الامامية ومباشرة اتصل بزوجته على عجل واخبرها بالذي حدث وانه يحبها وطفلها كثيرا” ذهب الى الخطوط الامامية الجو مفعماً بالخوف والرعب كلما تقدموا خطوات كان صوت القصف اكثر قوة وكان يرى جثث الجنود ملقاة على الارض والدماء تسيل الامر كانه مكان للموت لا للعودة بقي يدعو الله ان تنتهي الامور على خير وصلوا اخيرا” الى مقر الوحدة العسكرية وهناك اخبرهم انه طبيب وسوف يتكفل بالعلاج للجرحى وافق القائد هناك وتم تسليمه مشفى ميداني عبارة عن خيمة صغيرة مع بعض الادوات الطبية  بالنسبة له لأيهم المهم ان لا يكون معه المقاتلون مر شهر كامل عليه وكان يتصل بزوجته وطفله ليطمئن عليهم واصوات التفجيرات تسمع وتتعالى والرعب يدب بهما طلب بعدها اجازته الشهرية لكن رفض الطلب لعدم وجود بديل عنه بانتظار وصول الطبيب المناوب فكان عليه البقاء لشهر اخر حتى وصله خبر قدوم الطبيب الجديد بعد يوم واحد استعد للعودة فهو بحالة اشتياق كبير لعائلته وليلا” كان اصوات الانفجارات تقترب اكثر واكثر لم يستطع (زياد) النوم حتى خرج من الخيمة ليشاهد ان الجنود في حالة فزع العدو يتقدم اكثر واكثر وكان الامر مخيفاً ومرعباً حاول ان يهرب لكن منعوه من الهرب واعطوه سلاحاً ليقاتل رفض وبقوة رفع عليه السلاح اما ان تقاتل او تقتل عدد الجنود بتناقص وعليك ان تقاتل كان لا يعرف شيئا سوى مسك المسدس تحرك وحاول القتال ولكن سرعان ما تم القاء القبض عليه وامساكه من قبل العدو وسحب بعنف لان اسير اخذ عنوة وبقوة مع الضرب حتى تم ربط يديه وتعصيب عينيه وركب سيارة ولم يدرك الى اين يتجه حتى تم الوصول والنزول الى الارض سقطت العصبة من عينه ووجد نفسه بين الجنود وارض صحراء تم ضربهم والقاؤهم على الارض وامر بقتلهم وحانت النهاية والموت قادم ليس له الا سواه بعد ان سمع اطلاقات نارية ورأى من حوله الدماء تسير وصل اليه الامر حتى اطلق النار وكان المسدس فارغاً كأن السماء انقذته فاخذ الى السيارة ومن ثم الى المعتقل كان العد هائلاً من الجنود لم يكن امامه سوى الجلوس في احد الزوايا حتى يستوعب ما جرى عليه من هم وغم وكيف اصبح اسير حرب لدى العدو مرت ايام عليه المكان قذر والتنفس صعب لعدد الاسرى الكثير والاكل قليل جدا” وجاف بصعوبة يؤكل مرت عليه الايام ولا يفكر سوى بزوجته وطفله وكيف حالهما وهل سمعا الخبر بانه سقط اسيرا” حتى كان يكتب على الجدران يعد بالأيام يوما” بعد اخر حتى مرت سنة عليهم ويسمعون عن استمرار الحرب ولكن محكومين بالأمل بان يعودوا الى ارض الوطن قريبا” في احد الايام حدث شجار داخل المعتقل مع بعض الحرس مما ادى الى تعذيب بعض الاسرى وكانت الدماء تسيل مما ادى بـ (زياد) الى رعايتهم طبيا” والاهتمام بهم لكن ما فعله كان امر ادهش الحرس واخبر عنه مسؤول المعتقل وعندما استجوبه عرف بانه طبيب وكان الامر عليه بان يمتنع عن تقديم الخدمات للجنود وقاموا بوضعه كعقوبة بزنزانة انفرادية حيث الرطوبة والظلام لمدة اشهر لا يرى الشمس ولا يكاد يعرف الايام حتى خرج منها ليعود مع الاخرين كان جسمه قد نحل وتغيرت ملامحه اين ذهب ذلك الشاب الوسيم وذلك الطبيب المتميز اصبح شاحباً معتكفاً على نفسه لا يحدث احداً حاول بعض الاسرى التقرب اليه والحديث معه الا انه صامت ولا يتحدث بقي لاشهر على هذا الحال حيث مرت الان عليه سنتان كاملتان ولم تنته الحرب والامر لازال بيد القدر لتنتهي ويستريح من العذاب حتى فكر في نفسه ان يعيش كما كتب له القدر وان يكون قوياً حتى يعود لزوجته وطفله فهم ينتظرونه  مرت عليه الايام وقد جلس مع بعض الاسرى وكان لهم حديث عن مدى بقائهم هنا داخل السجن وحتى متى الامر يرثى له عليهم التفكير مليا” بالوضع حتى قروا الهرب كان المعتقل اسفل الارض وهناك شباك يدخل منه نور الشمس اما في الاعلى حيث يوجد ساحة كبيرة لغرض الاستراحة الاسبوعية يكون موعد التعرض لأشعة الشمس وحول الساحة هناك اسلاك شائكة مزودة بالتيار الكهربائي حتى يمنعونا من الهرب الزملاء في المعتقل احدهما مهندس كهرباء والاخر استاذ جامعي لم يتحملوا الوضع وطلبوا مني ان اكون معهم كانت الخطة ان يأخذوا معهم فراشهم المكون من مادة الاسفنج بحجة غسلة وتعريضه لأشعة الشمس وهناك ينتظرون فترة تغيير الحرس 10 دقائق تكفيهم للهرب يبقون في النهاية كانت الخطة كتبت في شهرين كاملين وكل جمعة عندما يخرجان الى الساحة العلوية لغرض التعرض لأشعة الشمس حسب ما مقرر لهم كانوا دائما ينظرون الى ما بعد الاسلاك حتى حدوا طريقهم للعودة الى ارض الوطن وانتظروا ان تحين الفرصة المناسبة لذلك في ذلك اليوم سمح لهم بان يرسلوا رسائل الى عوائلهم بعد تبليغ منظمة رعاية الاسرى كانت سعادتهم كبيرة جدا” وتجمعوا لكتابة الرسائل وتحديد العناوين ليتم الارسال وتمنى من زوجته ان ترسل صورة لها ولطفله (كمال) وكتب لها كل شيء عنه لكن السلطات رفضت ذلك فقط سمح له بالسلام على عائلته وطلب الصور والاطمئنان عليهم رغم الحزن وافق في هذه الرسالة بصيص امل له بالاطمئنان على عائلته تم ارسال الرسالة وبانتظار الاجابة لكن في صباح اليوم التالي كان القرار بالهرب تهيؤ بانتظار يوم الجمعة حتى تتم لهم الخطة مرت الايام وهم بالانتظار ولم يكن لهم الا اللحظة حيث قدم يوم الجمعة واستعدوا للخروج لكن لسوء حظهم منعوا لان الامطار غزيرة جدا منذ الفجر مما سبب لهم الاحباط وحالة عصبية وكانت شجارات كبيرة بين الاسرى بسبب عدم خرجوهم فقرر مسؤول المقر معاقبتهم ليقفوا بالمطر الضجر والعصبية كانت حاضرة بقوة خرجوا بعد تعرضهم الى الضرب والاهانة وقفوا بالمطر لساعات طويلة ولكن الحظ لعب لعبته معهم اطفاء التيار الكهربائي عن الاسلاك بسبب الرطوبة العالية ومما زاد لهم الفرصة لسرعة الهروب تجمع الثلاثة واقتربوا من الالاك بانتظار تغيير الحراسة وانتهزوا الفرصة بعد 5 دقائق من تحرك الحرس قفزوا عبر الاسلاك وهموا بالركض سريعا” والحراس يطلقون النار لكن بعد المسافة كان لهم حسن حظ ركض الثلاثة بدون توقف استخدموا كل قواهم وتحركوا حسب الطريق الذي رسموه ليكون عند الحدود اما في المعسكر كان الاستنفار كبيراً جدا والحرس تحركوا خلفهم ولكن لم ينظروا للخلف استمروا بالركض وافلتوا من الحرس حتى وصلوا الى منزل قديم وباتوا ليلتهم وهم يرتجفون من شدة البرد والتعب والارهاق قد لازمهم ناموا لساعتين وخرجوا فجرا” بعد ان سمعوا اصوات السيارات تقترب واصلوا الجري لأنها فرصتهم حتى انتهى النهار وحل الظلام وجاءت السيارات الحرس تقترب منهم قرروا ان يدخلوا في احد المغارات وبقوا هناك حتى الصباح رغم الجوع استمروا حتى وصلوا الحدود وهناك توقفوا وكانت فرحتهم كبيرة بعض خطوات ويعبرون انتهى الحزن ابتسموا.

نيسان نصري – بغداد

مشاركة