توقيع
فاتح عبد السلام
كيف يمكن أن نقرأ تلقي أمير قطر دعوة من العاهل السعودي الذي تضيف بلاده القمة الخليجية، لحضورها بعد أيام قليلة ؟ وهل يمكن أن تلبي قطر الدعوة وبأي مستوى تمثيل ؟ وهل كان بإمكان الرياض عدم دعوة الدوحة ، بعد هذا الخصام الطويل .
اسئلة كثيرة لا يسع لها المجال هنا ، لكنها تلتقي جميعاً عند ، نقطة جوهرية هل توجد مبادرة للحل والمصالحة في هذه القمة ، لكي نتجاوز الاسئلة كلها ؟
لا يبدو انّ هناك أجواء تفاؤل في امكانية حدوث تغيير في مسار الازمة الخليجية، ولا يمكن أن تحدث المعجزات السياسية في خلال ايام قليلة تسبق القمة ، كما انّ الدوحة لا تزال عضواً في مجلس التعاون الخليجي وانّ توجيه الدعوة اليها بالحضور هو عمل بروتوكولي كما حصل في القمة السابقة ، وانّ التمثيل القطري لن يتجاوز المستوى الوزاري أو الدبلوماسي العالي كما ستفعل الدول الخليجية الاخرى ، وهذا ما يجعل القمة نوعاً من اسقاط الفرض ، لا قيمة له ، حيث إنّ قطر مثلا اتخذت قراراً استراتيجياً في الانسحاب من منظمة أوبك التي تتولى السعودية الزعامة الواضحة فيها من دون أن تنتظر انعقاد القمة الخليجية ، لذلك تبدو علامات الطلاق الاقتصادي أكثر وضوحاً الان ، وهي بالنسبة للدول الخليجية أساس الخلاف السياسي، بالرغم من التغليف بشعارات غير مقنعة حول الارهاب وسوى ذلك من دعم تنظيمات وزعامات وتدخل في أزمات المنطقة ، وهي تهم تطال الجميع اذا عدنا الى أصل الازمات العربية وظروف المشاركة فيها بحسن نية أو بتخطيط مغرض .
لكن ، المبادرة لا تزال بيد الدولة الاكبر ، وهي السعودية التي تستطيع أن تغلّب المصالح الاستراتيجية في الجزيرة والخليج ، وتتجاوز الخلاف الحاصل، فالدول الخليجية لم تخل أصلاً من مشاكل بينية في خلال الثلاثين سنة الاخيرة ، وبالامكان إعادة اطفاء المشاكل الفاقعة وفتح باب المصارحة مهما كانت قاسية وصعبة ، لأنّ مَن يريد أن يسد باب الخطر الايراني ، عليه أن لا يمنح فرصاً سهلة لأحد في الخليج للتقارب مع ايران ، ذلك التقارب الذي قد يخرج من التكتيك الظرفي والمصالح العاجلة الى أبعاد استراتيجية لا يمكن تداركها، هذا اذا كان الخلاف الخليجي الايراني استراتيجياً كما يظهر في الاعلام الرسمي .
مجلس التعاون الخليجي قام في مطلع الثمانينات من القرن الماضي لمواجهة دولتين كبيرتين هما ايران والعراق ، واليوم يبدو متعثراً في مواجهة مشكلاته الداخلية ، وهذا تهديد وجودي له.
رئيس التحرير – الطبعة الدولية