الأبعاد الإقليمية لعزل مرسي ــ بهاء النجار
مما لا شك فيه أن لجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها محمد مرسي الرئيس المصري المعزول امتداد وجذور في المنطقة العربية والاسلامية ، فلها أنصار في دول عدة مثل الأردن وقطر وسوريا والمغرب العربي بل وحتى تركيا.
وهذه الجذور لا تعني بالضرورة أن للجماعة تنظيما في تلك الدول، وانما هو انتماء مذهبي وعقائدي وهو ما تتميز به التنظيمات الدينية فهي تنظيمات عابرة الحدود، بل ان هناك أحزاب وحركات اسلامية لا ترتبط بالاخوان الا أنها تحمل نفس العقيدة وتتعاطف معها نذكر على سبيل المثال لا الحصر الاتحاد الاسلامي الكردستاني في العراق ، وهذا لم يأتِ من فراغ فعمر الجماعة بلغ الثمانية عقود.
وهذا الانتماء بالتأكيد سينعكس على مشاعر مريديهم في تلك الدول، وبما أن الوضع السياسي ملتهب في أغلب تلك الدول ضمن ما يسمى بـ الربيع العربي والمواطن عموماً له مساحة واسعة جداً للتعبير عن غضبه تصل الى الاعتصامات والاحتجاجات والعصيان المدني وحتى اللجوء الى المظاهر المسلحة.
في مثل هذه الظروف المتوترة تكون شرارة بسيطة لاشعال نار قد لا تنتهي بسقوط نظام أي دولة من هذه الدول، فعلى سبيل المثال نأخذ تركيا وما تعيشها حالياً من أزمة مع المتظاهرين والمأزق الذي وُضِعت فيه الحكومة التركية بسبب مصادرة الحريات وسياسة التوسع العنصري والمد الطائفي الذي رفضه الشعب التركي لأنه يراها اهانة وتشويها له، وبدأت حكومة أردوغان تفقد تمثيلها للشعب التركي من خلال هذه السياسات الفاشلة.
ولتركيا وجوه تشابه كثيرة مع مصر أيام مرسي نذكر منها
1 ــ أن الدولتين تدار من قبل حكومتين يسيطر عليها فكر الاخوان.
2 ــ الاحتجاجات مندلعة على أوجها وان كانت مصر متقدمة على تركيا.
3 ــ الجيش له حضور قوي يوازي السلطة التنفيذية ويختلفان مع حكومتيهما وقد يساند المتظاهرين في اسقاط حكم الاسلاميين واحداث انقلابات خصوصاً وأن الجيشين يعتبران من الجيوش القوية، فالجيش التركي ثاني أكبر جيش في حلف الناتو والجيش المصري يمتلك سادس أفضل جهاز مخابرات في العالم كما يُنقل.
4 ــ الدولتان لهما ثقل في المنطقة وانهيارهما أو تخلخل وضعيهما السياسي يعني حدوث زلزال في المنطقة قد يؤثر على كل الدول التي لها نفس الظروف التي تعيشها مصر وتركيا.
5 ــ كلتا الدولتين لها علاقات مع اسرائيل جيدة وتغيير وضعهما السياسي يشكل قلقا ولو مؤقتا لاسرائيل وهذا له انعكاسات بشكل أو بآخر على سياسات الولايات المتحدة.
6 ــ ان سقوط هاتين الدولتين وأفول نجميهما يعني بزوغ نجوم أخرى على مستوى المنطقة والعالم الاسلامي مثل ايران والسعودية.
7 ــ ان سقوط حكومتي الاخوان في هاتين الدولتين يعني صعود تيارات علمانية وليبرالية، أو صعود السلفيين خصوصاً في مصر.
ومن الدول التي ستتأثر تأثراً واضحاً بزوال الاخوان هي قطر، فهي الراعي الرئيسي للتغيير في مصر بعد الاطاحة بنظام مبارك وهي الداعمة الأولى لصعود الاخوان للحكم، وتنحية مرسي من الحكم مع ما تمر به قطر من تغيير رأس السلطة من الأب حمد الى الأبن الشاب تميم الذي جاء في ظروف مبهمة وغامضة يُتوقع أن تكون نتيجة أزمة داخلية ضمن العائلة الحاكمة أو ضغطاً خارجياً، فان ذلك سيشكل تحدياً كبيراً أمام أمير قطر الجديد تميم بن حمد ، وكل ما يرتبط بـ قطر سيتأثر أكيداً ومنها حركة حماس فمصيرها معتمد بشكل أساسي على قطر بعد الدعم المالى المنقطع النظير من قبل حمد أمير قطر الأب السابق.
أما تونس فبدأت الاشارات والتلميحات بتشكيل حركة مشابهة لحركة تمرد المصرية التي قادت تظاهرات 30 حزيران»يونيو في ميدان التحرير في القاهرة، وهذه التحركات ان لم تطح بحكم حزب النهضة الاسلامي ــ القريب من الاخوان فانها ستضغط وتخلخل نظام حكمهم ليشاركهم آخرون من السلفيين والعلمانيين.
والأردن التي بقي نظامها صامدا في وجه التغيير العربي يبدو أنه سيشهد تحولات وتكتيكات جديدة من قبل الاخوان فيها والتي ستؤثر بشكل ملحوظ.
أما الدول التي لا علاقة لها حالياً بالاخوان وبما يحدث في مصر وستتأثر بسبب تلك الأحداث هي سوريا، فأحداث سوريا تشغل المهتمين بها عن ما يحدث في غيرها، الا أن الزلزال الذي ضرب مصر باسقاط الرئيس المصري الاخواني والذي سينتقل الى خارج مصر غطى على أحداث سوريا رغم أن ما يحدث فيها حالياً ليس بالشيء القليل.
الا أن ما ستتأثر به سوريا هو انشغال الاعلام العالمي والعربي بأحداث مصر وبالتالى ستغيب قضية سوريا أمام الرأي العام، وقد تُستغل هذه الحالة لاحداث قضايا خطيرة اما لانشغال الاعلام بأحداث مصر كما قلنا أو لجلب الأنظار وعودة سوريا الى تصدر وسائل الاعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة.
وما ستتأثر به سوريا أيضاً هو انشغال بعض القوى المؤثرة فيها وأخص بالذكر تركيا وقطر، وهذا التأثير قد يكون ايجابياً بالنسبة لحكومة الأسد وحلفائه كايران وحزب الله الا أنه سلبياً على المعارضة وداعميها بسبب انخفاض مستوى المساندة والدعم.
أما العراق فقد يتأثر ايجابياً بسبب انشغال قطر وتركيا بأحداث مصر والظروف الداخلية التي تمر بها كل منها تغيير الأمير في قطر والاحتجاجات في تركيا ، ويمكنه أن يلعب دوراً دبلوماسياً اقليمياً من خلال التحرك الدبلوماسي المتحرر من الضغوط الداخلية والخارجية.
AZP07