الأبعاد الإجتماعية للإعلام الهابط – مهند عماد عبد الستار

 الأبعاد الإجتماعية للإعلام الهابط – مهند عماد عبد الستار

يومًا تلوى يوم، فإنَّ المجتمعات العربية لا سيَّما المجتمع العراقي بانحدارٍ تدريجي لا مناصَ منه، بسبب بروز بعض الأشخاص إعلاميًا والذين ولِدوا من رحم الهزل والانحطاط ليس إلَّا، ومن المعلوم فإن الإعلام في جوهره ذا هدف نفعي الذي يبتغي تسليط الضوء عمّا يخدم المُجتمع والدولة سواء من ناحية أخلاقية، فنية، اقتصادية، سياسية، علمية، ثقافية…وهلمَّ جرَّا، ومن ثم فإن الدور الإعلامي لا يقل قيمة عن الدور القانوني في تنطيم شؤون المجتمع وصد الانحرافات التي تعتري سلوكياته وتصرفاته.

من المُؤسف حقًا، وبعد تحول أغلب وسائل الإعلام السمعيَّة والمرئيَّة، فضلًا عن منصات التواصل الاجتماعي، من إعلام نفعي هادف إلى إعلام ربحي هابط، وذلك عن طريق تبني مادة إعلامية فاسدة الأمر الذي انعكس بشكل سلبي بغية إفساد ما تبقى من أخلاق داخل المنظومة الاجتماعية، ولا نُبالغ إذ قلنا بأن المواد الإعلامية ذات الأثر المُنحط المُنحرف باتت أكثر خطورة من المواد النارية القاتلة!، فالسلاح الناري قد يجوب اعتاب البيوت ولا يتخطاها بينما الإعلام أمسى خارقًا لبيوتنا مُفسدًا لأخلاقنا مُمزقًا لشملنا، مما أدى إلى خلق جيلٍ خالٍ من الأخلاق دون انقطاع إلا اللهم إذا فاق الناس من سباتهم العميق.

في ظل الوقت الحاضر لا يمكن القول بأن القانون هو السيف القاطع للحد من الإعلام المُنحرف عن طريق مُلاحقة ومُعاقبة من يُروج ويَنشر ما يُفسد المجتمع فهذا ضرب من ضروب الخيال، فالتربية والتعليم تسبق الثواب والعقاب وهذا من مسلمات الأمور، كذلك أن دور الدولة هو الآخر غير كافٍ لوضع حدٍ لانحطاط الماكينة الإعلامية، إذ إن المسؤولية تقع على كاهل المجتمع بالدرجة الأساس وذلك بعدم اعطاء الإعلام الهابط أيِّ قيمة تمكنه وتشجعه من الانتشار داخل المجتمع قاطبةً، وبعد ذلك يأتي دور الدولة لتحصين المجتمع وحمايته بأدوات أولها استخدام الردع والزجر، مما سيفشل الإعلام الهابط فشلًا ذريعًا في تحقيق غايته من جهة، وانتشال ما تبقى من روابط أخلاقية من الغرق في غياهيب الانحطاط من جهةٍ أُخرى.

وبناءً على ذلك، فإن المسؤولية الاجتماعية في مواجهة الإعلام الهابط تقع على عاتق كل فرد منا وتتمركز على أمور عدة:

1- عدم الترويج أو المشاركة للمواد الفديوية الهابطة التي تهدف إلى الانحطاط، التي يتم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي.

2- الإبلاغ عن الصفحات التي تنشر المقاطع المُخلة بالأخلاق، وهذه ميزة متوفرة في جميع منصات التواصل الاجتماعي.

3- الابتعاد عن التعليقات في الصفحات والمشاهدات المتكررة لمقاطع الفيديو التي تهدف إلى الخُبث الأخلاقي، لأن ذلك يعد دخلًا ماليًا للمروجين دون أن تعلم.

4- عدم الترويج للأشخاص فارغي المحتوى كمن يتبنى غناء ذات ألفاظ نابية هابطة غير أخلاقية، أو ممثل ذات تمثيل فاشل غير هادف، أو نقد يهدف إلى نشر الطائفية أو العنصرية المُهينة للكرامة الإنسانية، وغيرها من المحتويات الإعلامية التي تعزب عن البال.

5- اللجوء إلى خاصية الحذف لكل شخص يروج لمواد إعلامية هابطة التي تترك أثرًا سلبيًا انحطاطيًا.

وأخيرًا وليس آخرًا، فإن مشكلة الإعلام الهابط تفاقمت بسبب دعم أفراد المجتمع بالدرجة الأساس دون وعي ودراية بعواقبها الوخيمة، إذ لا يمكن وضع حد لها، إلا بتضافر الجهود الاجتماعية سواء أكانت أفراد أو جماعات أو مؤسسات لمكافحة الإعلام الهابط، فالمسؤولية اجتماعية أكثر من كونها مسؤولية قانونية، أو دولية.

{ أكاديمي وباحث دكتوراه في القانون الجنائي

مشاركة