اطلبوا العون من إيران

د. فاتح عبدالسلام

كانت‭ ‬دوريات‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬المدن،‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة،‭ ‬تستنفر‭ ‬ولا‭ ‬تعود‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬أطلق‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬العرس،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تجده،‭ ‬تتجاوز‭ ‬على‭ ‬فرحة‭ ‬الناس‭ ‬وتعتقل‭ ‬العريس،‭ ‬وتفسد‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬حتى‭ ‬يسلم‭ ‬مطلق‭ ‬الرصاص‭ ‬نفسه‭ ‬ويتم‭ ‬الافراج‭ ‬عن‭ ‬العريس‭ ‬حينها‭. ‬وتبرر‭ ‬الشرطة‭ ‬تصرفها‭ ‬القاتل‭ ‬لفرحة‭ ‬المحتفلين‭ ‬بأنها‭ ‬تطبق‭ ‬قانوناً‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬أرواح‭ ‬الناس،‭ ‬بعد‭ ‬ازدياد‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا‭ ‬برصاص‭ ‬الاعراس‭. ‬وكان‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬يدّخر‭ ‬أرواح‭ ‬المواطنين‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تزهق‭ ‬جزافاً،‭ ‬لأنَّ‭ ‬زهق‭ ‬الأرواح‭ ‬كان‭ ‬مكانه‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬جبهات‭ ‬القتال‭ ‬التي‭ ‬يقرر‭ ‬فتحها‭.‬

لا‭ ‬نريد‭ ‬المقارنة،‭ ‬لكن‭ ‬منصات‭ ‬الصواريخ‭ ‬ذات‭ ‬تسع‭ ‬فوهات‭ ‬في‭ ‬الأقل،‭ ‬هي‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬اكبر‭ ‬من‭ ‬مسدس‭ ‬صغير‭ ‬يجري‭ ‬استخدامه‭ ‬في‭ ‬الاعراس‭ ‬خلسة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬مطلق‭ ‬الصواريخ‭ ‬برغم‭ ‬من‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬المنصة‭ ‬المتنقلة‭ ‬متروكة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬باتت‭ ‬متوقعة‭ ‬ومعروفة‭ ‬للجهات‭ ‬الأمنية‭.‬

الأهداف‭ ‬الأخيرة‭ ‬كانت‭ ‬منزلَي‭ ‬رئاستين،‭ ‬ولربما‭ ‬لاحقت‭ ‬الهجمات‭ ‬هدفاً‭ ‬رئاسياً،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السليمانية،‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬مستبعد‭. ‬

قصف‭ ‬مطار‭ ‬بغداد‭ ‬الدولي‭ ‬واصابة‭ ‬طائرتين‭ ‬مهملتين‭ ‬او‭ ‬عاملتين‭ ‬لا‭ ‬فرق،‭ ‬يعني‭ ‬انَّ‭ ‬المهاجمين‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬خط‭ ‬أحمر،‭ ‬وانّ‭ ‬البلاد‭ ‬تحت‭ ‬اقدامهم‭ ‬بما‭ ‬حملت‭ ‬وبما‭ ‬ثقلت،‭ ‬تاركين‭ ‬للآخرين‭ ‬الولولة‭ ‬والادانات‭ ‬والاستنكار‭ ‬والشجب،‭ ‬تلك‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬لضعفاء‭ ‬الإرادة‭.‬

المسألة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الحل،‭ ‬والقصف‭ ‬قد‭ ‬يتسع‭ ‬ليشمل‭ ‬أهدافاً‭ ‬مدنية‭ ‬أخرى،‭ ‬لذلك‭ ‬أرى‭ ‬انَّ‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬أولى‭ ‬ان‭ ‬يطلب‭ ‬العراق‭ ‬المساعدة‭ ‬الدولية‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وانه‭ ‬سبق‭ ‬ان‭ ‬طلبها‭ ‬من‭ ‬ايران‭ ‬أيام‭ ‬كان‭ ‬داعش‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬أبواب‭ ‬بغداد‭ ‬،‭ ‬واليوم‭ ‬يجدر‭ ‬بالعراق‭ ‬ان‭ ‬يطلبها‭ ‬مجددا‭ ‬وقد‭ ‬اصبح‭  ‬الوجه‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬يضرب‭ ‬داخل‭ ‬العاصمة،‭ ‬مادامت‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬في‭  ‬زمن‭ ‬حرب‭ ‬داعش،‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬الامن‭ ‬والسيادة،‭ ‬والمسألة‭ ‬،‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬تقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬البلد،‭ ‬لأنه‭ ‬سبق‭ ‬ان‭ ‬طلب‭ ‬المساعدة،‭ ‬علناً‭ ‬وبافتخار‭ ‬من‭ ‬ايران‭ ‬،‭ ‬وله‭ ‬أن‭ ‬يكرر‭ ‬الطلب‭ ‬اليوم،‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬معنياً‭ ‬بوقف‭ ‬تلك‭ ‬الهجمات‭.‬

‭ ‬انَّ‭ ‬الوضع‭ ‬السيادي‭ ‬القلق‭ ‬يستحق،‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أسوأ،‭ ‬إلا‭ ‬حرب‭ ‬الشوارع‭ ‬،‭ ‬فهل‭ ‬تريدون‭ ‬الانتظار‭ ‬حتى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬‮«‬على‭ ‬راحتكم‮»‬‭.‬

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com

مشاركة