عدنان أبوزيد – الزمان
بعد تجربة التعددية الحزبية في العراق، منذ العام ٢٠٠٣، لازالت القوى والأحزاب والكيانات السياسية التقليدية التي ضربت جذورها في الأرض الطائفية والمناطقية والمذهبية، هي التي تقود العملية السياسية وسط محاولات متواضعة لمنافستها من قبل أحزاب وتيارات تدعو إلى التأسيس على قواعد وطنية ومدنية تتجاوز المحدوديات الضيقة.
وقال مشاركون في استطلاع الزمان ان هذه المحاولات يمكن ان يكتب لها النجاح، اذا بُذلت الجهود وتزايد منسوب الوعي بأهمية حدوث ذلك من اجل نظام سياسي جديد، يتجاوز المعايير التي تأسس عليها النظام الحالي.
والعراق بلد متعدد الطوائف والمذاهب، وقد لعبت هذه العوامل دورًا مهمًا في السياسة العراقية منذ تأسيس الدولة فيما هناك ثقافة قوية في العراق تركز على الهوية الطائفية أو المناطقية.
الأمين العام لحزب واثقون، والنائب التنفيذي لرئيس ائتلاف الاساس العراقي، علي الشريفي يقول أن «العملية السياسية افرزت من خلال مرورها بمخاضات عسيرة تمثلت بالانتخابات التي اقترنت بتغيير القوانين الانتخابية، عدة نماذج من الافكار السياسية والمنهجية الحزبية كانت في بداياتها عقائدية دينية طائفية قومية طال امدها حتى وصل سقفها الى العشرين عاما، لكن ما حدث بالشارع العراقي ابان ثورة تشرين التي تعد بمثابة انعطافة جديدة بالواقع السياسي العراقي انتجت رحما سياسيا مختلفا عمن سبقه اسهم بولادة احزابا مبنية على معايير وطنية لا تؤمن بالبيوتات السياسية الطائفية لأنها تمثل خليطا تمتزج فيه كل صور وتنوع و فسيفساء المجتمع العراقي على مختلف مكوناته».
يرى الشريفي انه «حتى اللحظة مازالت مقومات نجاح المحاولة وضخ الحياة للمولود السياسي الجديد متعسرة كونها محكومة بمظلة سياسية حاكمة مرهونة بتقسيمات مناصبية غير مشروطة دستوريا وهي ما تعارف عليه الجميع بانها استحقاق المكونات، فرئاسة الوزراء عدت شيعية ورئاسة مجلس النواب سنية، ورئاسة الجمهورية كردية، ويضاف لها سائر الاستحقاقات المبنية على الطائفية والعرقية، لذا فان مولودنا الوطني المتجسد بالأحزاب الجديدة مازال يحتاج الى مقومات التغذية الجماهيرية والمنهجية الوطنية العابرة للطائفية والقومية والعرقية والعشائرية، وأن الامل يحدونا جميعا متأملين نجاح التجربة لتكون واقعا سياسيا مستقبليا في قادم السنين».
ويتوفر العراق على مستوى عالٍ من الفساد السياسي، ما يضعف الثقة في الأحزاب السياسية.
و من العوامل التي تدعم تأسيس أحزاب عابرة للطائفية والمناطقية والمذهبية في العراق تزايد الوعي بأهمية الوحدة الوطنية وتجاوز الانقسامات الطائفية والمناطقية والمذهبية.
يرى رئيس حركة حقوق البرلمانية، النائب المهندس حسين مؤنس، ان «الوضع العام في البلد يتطلب ظهور احزاب وحركات جديدة، ابتداء من الاداء السياسي المحبط ومرورا بالتظاهرات ودعوات المرجعية للتغيير وليس انتهاءا بمحاولة تجاوز التخندقات الطائفية والمكوناتية، لكن ذلك يتوقف على قانون الانتخابات الذي تم تشريعه والذي سيدعم سطوة الاحزاب وتسلطها، ولذلك وعلى رغم الاحتياج اتوقع ان التغيير لن يكون كبيرا وقد يكون هناك تغيير للوجوه لكن دون العناوين والأحزاب». وتُرصد مشاركة متزايدة للشباب في السياسة العراقية، وهم أكثر ميلًا إلى التركيز على القضايا الوطنية بدلاً من الهوية الطائفية أو المناطقية. كما ان تحولات اجتماعية واقتصادية تحدث في العراق، تخلق فرصًا جديدة للتعاون بين مختلف الطوائف والمذاهب. السياسي المستقل، حسين الفلوجي يرصد «فرصة واضحة لولادة أحزاب عابرة للمكوناتية والطائفية والمناطقية في العراق»، مشيرا إلى أن «تحالف المستقلين يمكن أن يكون حلاً واعداً لهذا الغرض، وهذا التحالف يمثل فرصة لإيجاد تكتل سياسي وطني شامل، كونه يسعى إلى تشكيل منهج سياسي مستقل وغير تابع لأي مكون طائفي أو إثني والتركيز على مصلحة العراق ككل، وليسوا مقيدين بأجندات طائفية أو مناطقية، كما يعمل المستقلون على جذب الأعضاء والناخبين من مختلف الأطياف والمناطق والمكونات ويحرصون على تمثيل مجتمع متنوع وتعزيز التنوع الوطني في السياسة ويسعون إلى التركيز على القضايا الوطنية المهمة مثل الاقتصاد، التعليم، الخدمات العامة، ومكافحة الفساد، هذا يخدم مصلحة العراق بشكل شامل ويساعد في تجاوز الانقسامات السابقة».
يضيف الفلوجي بأن «تحالف المستقلين يركز على الشفافية والمساءلة في العمل السياسي، هذا يساهم في بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين، ويقلل من تقديرات الفساد والانحياز الطائفي، فضلا عن هذا المشروع يمثل فرصة حقيقية لتشكيل تكتل سياسي يعمل على تحقيق وحدة وتمثيل حقيقي للشعب العراقي ككل، دون قيود طائفية أو مناطقية، ومن خلال التفرغ للقضايا الوطنية والشفافية في العمل الحكومي، يمكن لهذا التكتل أن يلعب دوراً مهماً في تعزيز الاستقرار والتقدم في العراق». ومن الخطوات التي يمكن اتخاذها لدعم تأسيس أحزاب عابرة للطائفية والمناطقية والمذهبية في العراق،
التعليم والوعي المدني في تعزيز قيم التسامح والتنوع وقبول الآخر، فضلا عن تعزيز المشاركة السياسية التي تعزز الشعور بالانتماء الوطني وتجاوز الانقسامات الطائفية والمناطقية والمذهبية. كما يساعد مكافحة الفساد السياسي في تعزيز الثقة في الأحزاب السياسية والمؤسسات الحكومية.
رئيس مركز التفكير السياسي، احسان الشمري، يشير إلى ان «الفرصة لاتزال متوفرة في إمكانية تأسيس أحزاب وحركات عابرة للطائفية المكوناتية والخطوط العرقية، لكن المشكلة تكمن في منسوب الوعي بالتحديد للتعامل مع هذه الأحزاب على اعتبار انه لا تزال هناك ثقافة سياسية تعتمدها الأحزاب التقليدية المستمرة لاستمرار الخنادق الطائفية والقومية بعيدا عن وجود أحزاب وطنية بالتحديد». يستطرد الشمري «أتصور ايضا ان الأحزاب التقليدية تعمل على التضييق على هذه الأحزاب ذات الصبغة الوطنية وبالتالي يتم اقصاءها، لكن المجتمع تجاوز إلى حد ما هذه الحدود لكن الأحزاب الممسكة بالسلطة تعمل على تفتيت هكذا تأسيسات».
يتابع «رغم وجود الفرصة الأيديولوجية لتأسيس حزب وطني يضم كل الطيف العراقي لكن المشكلة بعدم توفر الإمكانيات التي تساعد على ديمومة هذا الحزب او الأيديولوجية، لهذا تستمر هذه الاحزاب وفق مبدأ الفرص المفقودة، وقد فقدنا اكثر من فرصة ولا اعتقد ان ذلك قد يدفع إلى المزيد من العمل، لكن هذا لا يعني الركون إلى تلك الأحزاب القومية او الطائفية، بل يتوجب ديمومة عمل الأحزاب العابرة حتى مع ضعف الإمكانيات وهناك فرصة أخرى كبيرة تتولد قادمة»، مؤكدا على أن «الشعب العراقي، وطني، يعتمد الهوية الوطنية على رغم محاولة إطفاء هذه الهوية من قبل الأحزاب الطائفية».
مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، الباحث السياسي نزار حيدر يرى انه «ولى، الى اشعار اخر، زمن ولادة الاحزاب الوطنية التي تعتمد المواطنة كمعيار للانتماء اليها، كما كان الحال في فترة التأسيس الاولى التي امتدت من ١٩٢٠ تقريباً والى نهاية العهد الملكي، والعكس هو الصحيح فحتى الاحزاب العريقة التي اعتمدت معيار الدين او المذهب او القومية اتجهت وبشكل صاروخي لتضيق اكثر بمعاييرها من خلال تبني معيار الاسرة الحاكمة». يشير حيدر إلى ان «طبيعة النظام السياسي القائم منذ التغيير عام ٢٠٠٣، هو نظام يعتمد على المحاصصة وتقاسم السلطة والنفوذ ولا علاقة له بفكرة تأسيس الدولة، ولذلك يبذل كل حزب من احزاب السلطة اقصى جهوده من اجل حماية نفوذه في السلطة وهو الامر الذي يتطلب ان يتكئ على معيار الاسرة والعشيرة ويغض الطرف عن المعايير الحضارية الحقيقية كالخبرة والكفاءة والقدرة على الانجاز والنزاهة وغيرها من المعايير التي تاخذ بها الاحزاب في الدول الناجحة». يضيف «المحاصصة كما نعرف بدأت بالمكونات الثلاثة، الشيعة والسنة والكرد، ولذلك فعندما جرت اول ثلاث انتخابات بعد التغيير جرى التنافس بين ثلاث قوائم فقط تمثل المكونات الثَّلاثة المشار اليها، لتنشطر المحاصصة على نفسها الى ان وصلت الى ان تتبنى معيار الاسرة والعشيرة فقط، وهذا ينطبق على ممثلي المكونات الثلاثة في العملية السياسية». يستأنف «كما ان طبيعة النظام السياسي المكوناتي القائم على نظرية الحماية الذاتية والدفاع عن النفس من خلال خلق الاعداء الوهميين الذين يتشكلون من المكونات الاخرى او من خارج الحدود من الذين يتامرون على المكون لازاحته عن السلطة، ان كل ذلك خلق جوا عاما يعشعش في مشاعر ونفوس وعقول المواطنين يحول بينهم وبين اعتماد معيار المواطنة في اي مشروع سياسي، لدرجة ان الاغلبية يعتبرون ان مثل هذا الجهد الوطني بحد ذاته بمثابة المؤامرة على المكون لا ينبغي ان يتورط فيه احد حريص على حقوق مكونه، لذلك نلاحظ اننا بإزاء التصعيد في وتيرة الخطاب العنصري والطائفي كلما اقتربنا من استحقاق انتخابي ما».
يتابع «الاحزاب السياسية العريقة التي استلمت السلطة من الغازي المحتل بعد التغيير ولحد الان تمتلك كل ادوات الديمومة والسطوة كالمال والاعلام والسلاح والعلاقات الاقليمية والدولية فضلاً عن السلطة ونفوذها وامتيازاتها، ولذلك فمن الصعب جداً ان تنافسها الاحزاب والتيارات الناشئة التي لا تمتلك شيئاً من كل الادوات الواردة الذكر، خاصة وان تجربة المستقلين في الانتخابات النيابية الاخيرة ونوابهم تحت قبة البرلمان، الفاشلة والبائسة، تحولت للأسف الشديد الى مصدر احباط وعامل ياس للشارع والراي العام عموماً وللزعامات الناشئة التي قد تفكر بالمبادرة لتغيير المعادلة، فيما الملفت للنظر بهذا الصدد هو انه حتى القوى والاحزاب السياسية الناشئة التي ولدت في الساحة خلال السنوات القليلة الاخيرة لم تعتمد معيار المواطنة ولذلك ظلت تحتفظ بالهويات الثانوية، الدين، والمذهب، والاثنية بدلاً عن الهوية الوطنية لتتمكن من عبور الانتماءات بمختلف مسمياتها، على رغم من انها تنتقد وبشدة كل المعايير الثانوية في العمل الحزبي والسياسي وهي تعتبر ذلك السبب المباشر لتكريس الانقسامات المكوناتية في المجتمع وفي العمليَّة السياسيَّةِ».
ويستذكر الكاتب علاء الخطيب، مقولة الفيلسوف الالماني هيجل في أن “كل فكرة عندما تولد تحمل معها بذور فنائها”، فهذه الاحزاب التي تسلمت السلطة منذ اكثر من عشرين عاماً، قد بدأ الوهن والهزال والضعف عليها وبانت نقاط ضعفها، وحملت بذور فنائها اي نهايتها، لذلك فان التغيير حتمية تاريخية وضرورة يفرضها الواقع السياسي، والفرصة متاحة اليوم اكثر مما سبق لولادات جديدة مختلفة، ولعدة اسباب منها فشل الاحزاب (العجوز) في خلق معادلة وطنية في بناء الدولة، علاوةً على اضمحلال المعادلة الوطنية.
كما أن النموذج الذي قدمته احزاب السلطة اعتراه التآكل جراء الفساد والمحاصصة والترهل بكل الجوانب، معتبرا ان هناك جيلا جديدا لا يحمل ادران الماضي ولا عُقد المرحلة السابقة، بل هو جيل غير منكسر قوي، متسلح بروح الحب للوطن، وقد ولدت بالفعل هذه الاحزاب وبارك الشباب ولادتها وانخرطوا بها، املاً بالتغيير وايمانا بنهاية الاحزاب الحاكمة كحتمية تاريخية وقدر لابد منه.
ويتحدث الباحث السياسي، بلال الخليفة عن أن «ولادة الأحزاب عادة ما تكون متزامنة مع أحداث معينة مثل عملية تغيير الأنظمة كما حدث في العراق بعد عام 2003، او احداث كبيرة كأحداث احتلال داعش والذي نتج عنه ظهور حركات الى الساحة السياسية بسبب دورها في الحدث ولولا تلك المعارك لاندثرت الكثير من تلك الحركات، وكذلك قد تنشأ الأحزاب بأموال من خارج البلد أي بدعم دول خارجية وهذا الاعم الأعظم، وتوجد طائفة من الأحزاب تكون ذات صبغة دينية وهي رائجة جدا عندنا.
وبعد العام 2003 تشكل العراق الجديد وهو مبني حسب الدستور المقر العام 2005 وهو جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، ونظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق، (المادة 1 من الدستور) وان الحكومة المشكلة تكون من حصة مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان وحسب المادة (76/أولا والتي نصت يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية».
يستأنف «هذا جعل الحكومات تتشكل بشكل توافقي ومن مشاركة جميع الأحزاب المشاركة في العملية السياسية وان حصص الوزراء والدرجات الخاصة تكون حسب المقاعد في البرلمان، حيث جعلت من كل الأحزاب تتشارك في حكم العراق، لكن الجميع يعلم ان العراق قد انفق منذ تغيير البرلمان والى الان اكثر من تريليون دولار ولكن الوضع الاقتصادي والخدمي سيء جدا، من كل الجوانب ومن امثلة ذلك ان الحكومات انفقت بحدود مئة مليار دولار على الكهرباء لكن بقي التجهيز غير جيد وخصوصا بالصيف وان المواطن معتمد على مولدة المنطقة بحدود ثلث او نصف التجهيز في الصيف».
يستطرد «كل ذلك وغيره من الأمور والفساد والاكتناز غير الطبيعي للمسؤول جعلت المواطن يفقد الثقة بالأحزاب والمسؤولين وينظر اليهم بانهم فاسدين، وتجلت تلك النظرة في احداث تشرين رغم انها انحرفت بعد ذلك، حيث يصرخ الكثير من الناس كلا للأحزاب، ومن رحم تلك الصرخات تولدت حركات وتيارات وانخرطت بعضها بالحكومات التي تشكلت بعد ذلك وكانت كغيرها من الأحزاب ان لم تكن اسوء منها».
يرى خليفة ان «من الأمور التي يجب ان نمر عليها هي ان اهم مؤشر لمقبولية الأحزاب لدى المواطنين هي نسبة المشاركة في الانتخابات ومنها الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في 10 أكتوبر العام 2021 والتي رجح الكثير بان نسبة المشاركة لم تصل الى 20% ولكن الاعلام الحكومي قال انها تجاوزت 40 % لكن المواطن ومن خلال متابعته للانتخابات يذهب الى الراي الأول لنسبة المشاركة،
وهذا يعني ان الناس غير المؤدلجين هم الغالبية العظمى من الشعب وهم غير قابلين على العموم بالأحزاب الموجودة حاليا، وان قانون الانتخاب اعطى فسحة امل للترشح الفردي لانه جعل المحافظات متعددة الدوائر الانتخابية وهذا خلق للمستقلين فرصة كبيرة، لكن القانون تم تعديله لانتخابات مجالس المحافظات القادم وتم إعادته لقانون سانت ليغو المعدل وبهذا تم اغلاق الباب بوجه الترشح الفردي أي المستقلين، وشجع المستقلين على تشكيل كتل انتخابية للدخول في معركة الانتخابات وبالتالي شجع تشكيل أحزاب أخرى».
يستدرك «لكن النقطة هي هل ان الأحزاب مقبولة لدى المجتمع، وهل ان تشكيل الحزب لا يحتاج الى أموال كبيرة، وهل يستطيع منافسة أحزاب لديها من الخبرة والنفوذ الحكومي ولديها الأموال الطائلة، فالأحزاب الناشئة من قبل افراد وطنيين فقط سوف لن تنجح لعدم امكانيتها مجاراة القديمة، وربما تنجح أحزاب جديدة ترفع شعار الفساد وشعار التغيير والاستقلال ولكن يجب ان تكون مدعومة من تجار كبار او دول خارجية وستنفضح أيضا كسابقاتها بعد حين».
الاعلامي والناشط السياسي المستقل، فارس المهداوي، يرى انه «في ظل صراعات سياسية وحزبية تعد الأشد في العراق، فأن محاولة إيجاد خيارات مدنية عابرة للطائفية والعرقية والمذهبية تعتبر محاولات صحية بهدف الخروج من النمطية الفاشلة طوال 20 عاماً والتي لم تنتج لنا إلا مزيداً الأزمات والتجارب الفاشلة، ذلك أن الصراعات الحالية لم تتمكن من ادارة البلد خلال عقدين من الزمن، وارى ان التغيير ضروري جداً ولكن بشرط أن لا يكون من نفس المنظومة التي أخفقت بشكل كبير، وأي بديل يظهر حالياً فحقيقته انه منبثق من كتل وتحالفات وأحزاب تمرست على الغش والمخاتلة وخداع الجمهور».
يعتبر المهداوي أن «بلورة أي مشروع مدني جديد عابر بشكل حقيقي للمكوناتية تبقى فرص بقائه قائمة إذا اقتنع الشارع به وعمل على اصلاح الوضع وعرض مناهج وخطط وبرامج يعري بها التجارب القديمة واحزاب السلطة التقليدية، وعليه أن يواجه نفوذ السلطة ويخوض حرباً ضروس ضدها والسعي لان يكون نواة لمعادلة وطنية نظيفة تعمل على الأمد المتوسط والبعيد».
ان التغلب على التحديات المذكورة أعلاه، يتيح تأسيس أحزاب عابرة للطائفية والمناطقية والمذهبية في العراق، وسوف يكون لهذه الأحزاب دور مهم في تعزيز الوحدة الوطنية وبناء دولة عراقية ديمقراطية.