القاهرة -مصطفى عمارة
أثار بيان وزارة الداخلية المصرية، الذي صدر عقب العملية التي قامت بها حركة حسم والتي تُعد الجناح العسكري لجماعة الإخوان في قلب القاهرة، وأدت إلى مقتل مواطن مصري مدني وإصابة رجل شرطة، مخاوف من عودة التوتر مرة أخرى إلى العلاقة المصرية-التركية، والتي شهدت مؤخرًا تحسناً ملحوظاً عقب الزيارات المتبادلة لرئيسي مصر وتركيا إلى بعضهما البعض، وأدت إلى عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
خاصة أن بيان الداخلية المصرية تضمّن اسم تركيا صراحة، ووصفها بأنها تأوي عناصر مناهضة للنظام المصري. وتجنبًا لعودة التوتر إلى العلاقات بين البلدين، كشف مصدر أمني رفيع المستوى لـ»الزمان» أن مصر سلّمت تركيا ملفاً أمنياً يتضمن أسماء عناصر إخوانية متورطة في «عمليات إرهابية» داخل مصر، وطالبت مصرُ تركيا باتخاذ إجراءات عاجلة بحق هذه العناصر، مع إمكانية مناقشة تسليم بعضهم للسلطات المصرية لمحاكمتهم في مصر.
وأوضح المصدر أن تركيا تجاوبت مع الطلب المصري، وقامت بإبعاد الناشط الإخواني محمد عبد الحفيظ – الذي تعتبره السلطات المصرية أحد المحسوبين على حركة حسم-إلى جهة مجهولة، بعد عودته إلى تركيا، رغم مناشدات حقوقيين بمنع ترحيله إلى مصر، خشية تعرّضه للتنكيل من قبل السلطات المصرية.
هددت السلطات التركية المعارضين لنظام السيسي بالترحيل في حالة الاستمرار في توجيه الانتقادات للنظام. واستبعد اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة السابق، في تصريحات خاصة لـ»الزمان»، أن يؤدي وجود عناصر محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين بتركيا إلى صدام مصري-تركي، ذلك أن البلدين، خلال اللقاءات الماضية على مستوى الرئيسين، اتفقا على تسوية الخلافات بينهما بالطرق السلمية وتجنّب الصدام، بما يحقق مصالح البلدين.
خاصة أن التبادل التجاري والمصالح الاقتصادية وصل إلى أعلى مستوياته، فضلًا عن أن ملف غزة يتطلب التنسيق. ورغم ذلك، فإن هناك ملفات تتطلب المزيد من المشاورات، خاصة فيما يتعلق بالملف الليبي، وترسيم الحدود البحرية، وغاز شرق المتوسط، والتواجد التركي في القرن الإفريقي.
إلا أن الإدارة السياسية في البلدين لديهما قناعة بأن التقارب المصري-التركي يصب في صالح البلدين والمنطقة، حتى وصل الأمر إلى إجراء مناورات مشتركة وتعاون عسكري.
وأضاف الأكاديمي والباحث المصري، بشير عبد الفتاح، أن العلاقات المصرية-التركية شهدت انطلاقة قوية في ظل التطورات التي شهدتها المنطقة، ومساعي الولايات المتحدة وإسرائيل لإعادة هندسة المنطقة، فضلًا عن الضربات الأمريكية-الإسرائيلية لإيران، والتي أخرجتها من معادلة القوى المركزية في الشرق الأوسط، ومحاولة جعل إسرائيل هي القوة المهيمنة في المنطقة.
كل ذلك سيعزز من الجهود الرامية إلى تنسيق التعاون المصري-التركي، للحفاظ على الأمن في المنطقة