إيران تذكّر العالم بأنّها قوة بالستية كبرى

باريس  (أ ف ب) – من خلال قصف باكستان وسوريا والعراق هذا الأسبوع، تُظهر إيران مرّة أخرى فعالية برنامجها البالستي، الذي بدأت العمل به قبل 40 عاماً واستمرّت فيه على الرغم من العقوبات الدولية.

واستهدفت إيران الثلاثاء ما وصفته بمقرّات “تجسّس” وأهداف “إرهابية” في سوريا وإقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي.

كذلك، استهدفت طهران “ملاذات إرهابية” في باكستان، ما أسفر عن مقتل طفلين وفق إسلام أباد، التي ردّت بشنّ ضربات على إيران، أدّت إلى مقتل تسعة أشخاص وفقاً لطهران.

في ما يلي، نظرة عامة على قدرات هذه القوة الإقليمية:

– عمق ودقّة –
تملك إيران ترسانة ضخمة من الصواريخ ذات المدى المختلف – قصيرة (300 كيلومتر)، متوسطة (300-1000) وبعيدة (حتى 2000)، والتي يتم إنتاج وتجميع نسبة كبيرة منها محلياً، بوجود قطاعٍ صناعي وأكاديمي عالي المستوى.

وتقول الخبيرة المستقلّة إيفا كولوريوتيس “نادراً ما يمرّ عام من دون إعلان إيراني عن تطوير نوع جديد من صواريخ كروز أو صواريخ بالستية”.

وتدريجياً، تمّ تطوير الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب، التي يقول جيريمي بيني من شركة الاستخبارات البريطانية الخاصة “جاينز”، إنّها “أسهل في التخزين وأسرع في التشغيل… وبالتالي أكثر فائدة من الناحية التكتيكية”.

ويضيف لوكالة فرانس برس أنّ “الإيرانيين نقلوا تقنية سكود، من مدى 300 كيلومتر للصواريخ التي حصلوا عليها في الثمانينات، إلى 1600 كيلومتر وأكثر”، مشيراً أيضاً إلى “أنظمة توجيه أفضل بكثير تسمح بتصحيح المسار”.

– الحرب الإيرانية العراقية –
شكّلت الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) نقطة تحوّل بالنسبة إلى طهران، التي حصلت بشكل خاص على صواريخ “سكود-بي” الروسية للرد على ضربات صدام حسين.

ويقول جون كريجانياك من مشروع “ويسكونسن للحدّ من الأسلحة النووية”، إنّ “هذه التجربة تركت انطباعاً دائماً لدى المسؤولين الإيرانيين، الذين خلصوا إلى أنّ الصواريخ كانت وسيلة فعّالة للرد وعنصراً حيوياً في دفاعهم”.

وبالتالي، كانت الاستثمارات فيها أكثر أهمية لأنّها عوّضت نقاط الضعف في الأسطول الجوي. ويضيف كريجانياك أنّ إيران “لم تتمكّن من تجديد مقاتلاتها في العقود الأخيرة وعوّضت عن ذلك ببناء الصواريخ”.

– المساعدات الخارجية –
يقول فارزان سابت من معهد الدراسات العليا في جنيف لوكالة فرانس برس، إنّ “مخزون إيران الأصلي من الصواريخ البالستية تمّ توفيره من ليبيا وسوريا وكوريا الشمالية”.

كذلك، اتجهت طهران نحو الاتحاد السوفياتي ثمّ إلى روسيا، قبل أن تحصل على استقلالية حقيقية. ويرى جيريمي بيني أنّ “المساهمة الخارجية (حالياً)… ليست واضحة تماماً ولكنّها قد تتعلّق بالمكوّنات أكثر من التصميم والتطوير الكاملَين”.

بالتوازي مع ذلك، فإنّ الصواريخ “ربما تستخدم مكوّنات جاهزة، طالما أنّ الإيرانيين يعرفون كيفية دمج المنتجات التجارية” في أسلحتهم.

ويأتي ذلك على الرغم من العقوبات الدولية، الأميركية خصوصاً، التي ساهمت في إبطاء البرنامج وزيادة تكلفته، ولكن ليس إلغائه، حسبما يؤكد المحلّلون.

– أرقام مجهولة –
كما هو الحال غالباً في هذا القطاع، فإنّ المخزونات الإيرانية غير معروفة لكنّ الخبراء يعتبرونها ضخمة، سواء تلك الموجودة لدى الجيش أو لدى الحرس الثوري أو لدى حلفاء إيران المختلفين في المنطقة، انطلاقاً من حزب الله اللبناني وصولاً إلى الحوثيين في اليمن.

وتقول إيفا كولوريوتيس إنّه يكاد يكون من المستحيل وضع تقدير محدّد، حتى في طهران وحدها، مشيرة إلى أنّ الجيش والحرس الثوري “لديهما مصانع ومستودعات منفصلة خاصّة بكلّ منهما”.

وتضيف أنّ مصادر عربية وغربية “تشير إلى أنّ هناك حوالى 60 ألف صاروخ، لكن في رأيي أنّ الرقم أعلى بكثير وقد يصل إلى 200 ألف”.

– طموحات مستقبلية –
يغذي البرنامج البالستي للجمهورية الإسلامية طموحاتها النووية، التي ستعتمد على الصواريخ ذات التقنية العالية إذا أرادت الحصول على القنبلة النووية، الأمر الذي يتهمها الغرب بالرغبة في القيام به.

غير أنّ فرزان سابت يؤكد أنّ “هناك مهمة تقليدية تتمثّل في أن تصبح لدى طهران القدرة على ضرب أهداف بدقة من بعيد… وفي ثني خصومها عن ضرب إيران وبعض مصالحها في الخارج، أو على الأقل جعلهم يدفعون ثمناً باهظاً مقابل ذلك”.

من جهته، يشير جون كريجانياك إلى أنّ من بين أهداف طهران “تحسين قدراتها على ضرب الأهداف المتحرّكة”، الأمر الذي يتطلّب أنظمة توجيه أفضل ونوعية أفضل من الاستخبارات التقنية.

ويجب على طهران أيضاً أن تسعى إلى زيادة الحدّ الأقصى الحالي لمداها البالغ 2000 كيلومتر. ويعدّ هذا مشروعاً معقّداً، لكنه ليس بعيد المنال بالنسبة إلى هذه القوة الإقليمية.

 

مشاركة