إيران إنتصرت.. أمريكا لم تنهزم – فاتح عبدالسلام

إيران إنتصرت.. أمريكا لم تنهزم
فاتح عبدالسلام
في كل المعايير والمواصفات والتقييمات المرحلية تكون ايران هي الفائزة ولو بالنقاط في هذه الجولة من المفاوضات النووية مع الدول (خمس زائداً واحد) .
أولاً ظهرت ايران أنها صاحبة الكلمة الأقوى في فرض تأجيل التوقيع على الاتفاق لغاية مطلع تموز المقبل وهي فترة زمنية تحتاجها ايران لترتيب عدد كبير من ملفاتها الاقليمية والدولية وربما النووية على حسب مسؤولين في الاستخبارات الاسرائيلية تحدثوا مراراً عن حاجة ايران الماسة الى مزيد من الوقت لإنجاز طبختهم النووية. وفقد الأمريكان مصداقيتهم وهذا ليس جديداً عليهم، في قولهم أن التأجيل ليس خياراً كما كانوا يقولون قبل أسبوع في حين أن المعلومات كانت متاحة في جميع الأوساط السياسية الإيرانية في أن الاتفاق النووي لن يوقع في نهاية المهلة بل ان المهلة لا قيمة لها أصلاً.
ثانياً عدم الحسم في التوقيع والانتقال الى التنفيذ يجعل الملفات كلها مفتوحة خلال هذه الأشهر السبعة المتبقية على ما يشبه المجهول لاسيما إزاء محاربة تنظيم الدولة الاسلامية المعروف بداعش في العراق.
ثالثاً كانت هذه النتيجة النووية المتوقعة أن تكون لصالح مزيد من المكاسب الايرانية منها اطلاق سبعمائة مليون دولار من ارصدة ايران المجمدة شهرياً، مزدوجة التأثير بعد فشل زيارة جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي الى تركيا وعدم الاتفاق على العمل لتلبية المطلب التركي لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد الحليف القوي لإيران الآن.
رابعاً اسرائيل على الأرجح ستكون لها قراءة مختلفة أمام العجز الدولي في حسم المفاوضات باتجاه غلق احتمالات الجانب العسكري للمفاعل النووي الايراني واعلان الاعتراف العالمي بسلميته.
خامساً تستطيع ايران التي نجت من عنق زجاجة المهلة النووية في الرابع والعشرين من تشرين الثاني 2014 أن تنجو بفعل ضغوطها في العراق وسوريا ولبنان واليمن والخليج من أية مُهل أخرى تشعر انها لا تلبي الحد الذي تقتنع هي به من التعاون النووي وليس الذي يدور في ذهن واشنطن أو باريس أو سواهما.
سادساً من المرجح أن واشنطن ليست في وضع مريح إزاء التزاماتها مع حلفائها في المنطقة لذلك لا تميل الى تصعيد مع ايران لايصب في صالحها في النهاية أو تكون كلفته عالية ، لاسيما أن ايران تستطيع أن تلعب بالبيضة والحجر من دون أن تظهر بالصورة أبداً وتترك الأمر لمليشياتها في العراق أو دول أخرى لتتصرف. لكن بطش الأمريكان إذا بطشوا سيعيد إيران إلى حالها في مطلع القرن الماضي.
رئيس التحرير

لندن