إياد آغ غالي هبط عليه الثراء من وساطات لإطلاق رهائن القاعدة
زعيم أنصار الدين في مالي كتوم زار أفغانستان وقاتل في لبنان وتحالف مع القذافي
الجزائر ــ الزمان
نقلت تقارير عن مصادر مؤكدة أن الزعيم التقليدي لجماعة أنصار الدين، أوفد مجموعة من أعيان قبيلة الايفوغاس التي ينتمي إليها، إلى موريتانيا للتوسط له لدى السلطات الموريتانية وبحث إمكانية لجوئه السياسي.
وحسب المصدر فإن زعيم جماعة أنصار الدين أرسل مجموعة من مشايخ قبيلة الايفوغاس متكونة من 12 شخصا على متن أربع سيارات رباعية الدفع إلى موريتانيا، عبر معبر باسكنو الحدودي، بهدف التباحث مع المسؤولين الموريتانيين لمسألة لجوء إياد آغ غالي السياسي إلى موريتانيا.
وأضاف المتحدث أن الجماعة التي أوفدها إياد غالي ستنسق بموازاة ذلك مع شقيق القيادي العسكري السابق في أنصار الدين الرائد أكلي آغ ماني، الذي استفاد مؤخرا من اللجوء السياسي بموريتانيا، بعد وساطة قام بها شقيقه محمد ماني، المقيم بموريتانيا منذ تسعينيات القرن الماضي، وهو من مقاتلي الحركة الوطنية لتحرير أزواد في موريتانيا، والذي يحتفظ بعلاقات واسعة مع السلطات الموريتانية. وأوضح المصدر ذاته أن غالي يتواجد منذ خمسة أيام بمنطقة تيغرغر بشمال مالي، وهو المركز الخلفي للجماعات الإرهابية بالساحل، حيث أراد التحصن هناك باعتبار أن تيغرغر من أكثر المناطق وعورة بالشمال المالي، ريثما ترد عليه السلطات الموريتانية، مشيرا إلى تولي الناطق باسم جماعة أنصار الدين سندة ولد بوعمامة قيادة الجماعة، بعد انشقاق زعيمها التاريخي.
ويرى المصدر أن خطوة إياد آغ غالي كانت متوقعة، منذ رفضه لاتفاق الجزائر الموقع بين جماعة أنصار الدين والحركة الوطنية لتحرير أزواد بالجزائر شهر ديسمبر الماضي، وهو الاتفاق الذي يضم سبعة بنود يلزم الطرفين نبذ الإرهاب ومعارضة استخدام القوة العسكرية في شمال مالي.
وأبرز المتحدث أن زعيم جماعة أنصار الدين إياد آغ غالي كان يتولى منذ البداية مهمة تحضير الأجواء للتدخل الفرنسي، وذلك باقتحامه لمدينة كونها الفاصلة بين شمال مالي وجنوبه، ولم يستبعد المصدر ذاته أن تكون موريتانيا نقطة عبور فقط لإياد آغ غالي نحو فرنسا.
وبهذه الخطوة تكون جماعة أنصار الدين قد تلقت صفعتين في أقل من أسبوعين بعد إعلان جماعة جديدة أطلقت على نفسها اسم حركة أزواد الإسلامية بقيادة القباس آغ انتالة انشقاقها عن جماعة أنصار الدين ، وعزمها على المضي نحو حل سلمي ، خصوصاً في بلدة كيدال شمال شرقي مالي حيث طالبت بإنشاء حكم ذاتي أوسع .
وأصبح اياد اغ غالي أكبر المنتصرين في غزو شمال مالي والزعيم الطوارقي صاحب الشخصية النافذة الذي كان وسيط الغربيين في الإفراج عن رهائن القاعدة اليوم يقاتل الكفار في سبيل الله . ويعلم اغ غالي مليا، حسب المقربين منه، بكل شيء في الصحراء الشاسعة المحيطة به، أي الرجال والمناخ وتاريخ الطوارق، وهو المتحدر من كيدال شمال شرق مالي قرب الحدود الجزائرية الذي ينتمي الى قبيلة ايفورا المتفرعة عن قبيلة ايراياكان.
ويعتبر الرجل القصير القامة والطويل اللحية وصاحب الوجه العابس، حكيماً من الاعيان الذين يستشارون في قبيلته التي تطلق عليه اسم أسد الصحراء .
وقد اشتغل الرجل وهو ابن عائلة من الرحل يربون الماشية وكان في شبابه مشغوفاً بسباقات الجمال، ميكانيكيا وموظفا إداريا في ليبيا والجزائر.
وباسم معاناة شعبه أشهر السلاح في حركة تمرد طوارق سنة، 1990 وقاد هجوما لايزال مشهوراً على حامية عسكرية في ميناكا أقصى الشرق كان بمثابة اندلاع التمرد.
واشتهر اغ غالي الزعيم السياسي والقائد العسكري في حركة ازواد الشعبية، بأنه يدعو رجاله الى الاكتفاء بمهاجمة رموز الدولة والأهداف العسكرية.
وروى وزير سابق أنقذ غالي أحد اقاربه خلال النزاع، أن اياد يتمتع بهدوء كبير ولا يثور ابداً في الاوضاع الصعبة .
وبعد ان كان أول من انخرط في الكفاح المسلح، كان ايضاً من الذين أخمدوا نيرانه في يناير 1991 بالتوقيع على اتفاق وقف الأعمال العدائية المبرم بفضل وساطة جزائرية. وبعد انتهاء التمرد رفض الانخراط في الجيش المالي وتفرغ لأعماله ولم يظهر في الساحة السياسية والعسكرية لسنوات طويلة.
وظل كذلك حتى العقد الأخير من القرن الماضي عندما طلبت منه اجهزة الاستخبارات الغربية مراراً وساطة في التفاوض من أجل الافراج عن رهائن احتجزها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي. وفي تلك الفترة التي يبدو أنه زار خلالها باكستان، تبلور ايمانه الحقيقي واشتد موقفه رغم أن المقربين منه يرون انه ليس متطرفاً بل ظل كريما ومضيافا.
وفي حين كانت الحركة الوطنية لتحرير ازواد المدعومة بتدفق المقاتلين الطوارق المسلحين الذين كانوا في صفوف قوات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، تعد العدة لهجوم على الجيش المالي في الشمال لزم اغ غالي التكتم.
وبعد الانتصارات الأولى فرض اغ غالي نفسه ميدانياً، وقال خلال لقاء مع الحركة الوطنية لتحرير ازواد بعد السيطرة على تيساليت في نهاية يناير الماضي أنا لست مع استقلال شمال مالي ، أريد الشريعة لشعبي .
كذلك حصل في مدينة تمبكتو حيث أسهمت الحركة الوطنية لتحرير ازواد في غزو جوهرة الصحراء ، لكن حركة أنصار الدين طردتها منها فوراً وباتت مدعومة بمقاتلي تنظيم القاعدة الذي شوهد قياديوه الجزائريون الثلاثة الى جانب غالي.
ويحتفي سكان مالي بإياد غالي الذي حكم ثلثي البلاد منذ رفع الراية السوداء التي يرفعها تنظيم القاعدة، وأسس مجموعة أنصار الدين ، التي سرعان ما توسعت في البلاد، وتواصل التوسع أكثر فأكثر.
التحول الديني
لكن المفاجأة التي لا يعرفها معظم سكان مالي، والتي كشفتها صحيفة صنداي تايمز البريطانية أن الحاكم الجديد كان يشرب الويسكي، ويعشق مصاحبة النساء، قبل أن يصبح زعيماً لتنظيم القاعدة في مالي، ويصدر أوامره المشددة بمعاقبة الزناة بالرجم حتى الموت أو الجلد، ويمنع التلفاز والتدخين، فضلاً عن فرض الحجاب الكامل على النساء، بما في ذلك تغطية الوجه والأيدي والأرجل.
ونقلت صنداي تايمز عن الناطق باسم مجموعة أنصار الدين ، ساندا بوأمامة، قولها إن غالي أصدر أوامره بتدمير القبور المخالفة للشريعة، وقطع أيدي السارقين، والجلد أو القتل رجماً لمن يرتكب جريمة الزنا .
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن غالي كان عاشقاً للتدخين والخمر والحفلات الصاخبة، إلا أنه شهد تحولاً دينياً جذرياً عندما سافر في شبابه إلى باكستان، ليصبح اليوم وهو في الخمسينيات من العمر أحد أهم الأهداف المطلوبة لبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي.
ويقول أصحاب غالي إنه هادئ ونوعي ، لكنه يغضب من الحديث عن ماضيه، حيث يقول القائد العسكري في مجموعة أنصار الدين عمر هماهة نحن لا نرد على القصص التي تتحدث عن أن إياد كان شارباً محباً للويسكي، وأنه كان زيراً للنساء .
وقال سكان محليون في مدينة تمبكتو التي أقام بها غالي لأول مرة ليس سهلاً أن تعرف الحقيقة عن إياد غالي، إنه لا يتحدث كثيراً مع السكان المحليين، ولذلك فإنهم يتخوفون منه .
وولد إياد غالي لأسرة غنية، لكنه سرعان ما وظف قوته المالية ضد الغرب، وفي ثمانينيات القرن الماضي سافر إلى ليبيا، ومن هناك إلى لبنان، حيث تدرب وشارك في القتال، لكنه في العام 1990 عاد إلى مالي ليقود فيها ثورة مقاتلي الطوارق من أجل الانفصال عن مالي.
وفي العام 2003 ساعد إياد غالي في إطلاق سراح 14 أوربياً أغلبهم ألمان، كانوا مختطفين من قبل مجموعة مسلحة مرتبطة بالقاعدة في الجزائر، وتقول المصادر إنه أصبح ثرياً بعد أن تلقى عمولات نظير وساطات قام بها لإطلاق سراح رهائن.
AZP02