إنهم يغتالونك أيها الربيع
سعد عباس
فضيحة النظام الرسمي العربي ما بعدها فضيحة، قبل الربيع وأثناءه. يشغلنا دوماً بمعارك بينية مفتعلة ليتهرب من واجباته إزاء القضايا الجوهرية، أكانت القضية المركزية فلسطين وسواها من أراضٍ عربية أخرى محتلة ، أم قضايا الحريات والمواطنة والعدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق الأقليات، بل والأهم أعني الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة، ثم الأهم أيضاً متمثلاً في حسم قضية الهوية.
قبل الربيع العربي، لم يتقدم أي نظام عربي خطوة واحدة على طريق إصلاح حقيقي يعيد توصيف العلاقة بين الشعب والسلطة الحاكمة على وفق المفاهيم السوية القائمة على عقد اجتماعي رصين وواضح، ولا تزال هذه الأنظمة تراوح في مكانها برغم رياح التغيير التي أطلقها الربيع في دول عدة، بل على النقيض فإنها أي الأنظمة انقسمت الى فريقين يحرضّان على بعضهما بعضاً ويتكتلان في معارك كسر عظم تُتفق فيها المليارات وتُسفك فيها الدماء وتُزهق فيها الأرواح وتُقطّع فيها أواصر المجتمعات وتُعمّق فيها العصبيات الطائفية والمذهبية والإثنية والمناطقية، حتى تسممت نسائم الربيع العربي وبات في نظر أوساط واسعة من الرأي العام، وهي معذورة، نقمة وليس نعمة.
شخصياً، نبّهت كثيراً ومبكّراً شباب الأمة الى أنّ أنظمة الاستبداد ستستميت في وأد الربيع الربيع وإجهاض الأحلام النبيلة لجيله النقيّ، لكنني حقاً ما كنت أتصوّر أن تستنفر هذه الأنظمة كامل طاقة اللؤم والانحطاط والوحشية جهاراً نهاراً الى هذه الدرجة.
وأعترف، أيضاً، بأنني بدأت أكتشف الآن فقط أن حجم الفساد في بلادنا العربية أكبر مما كنت أتصور بكثير، وأنه متشعب ومتغلغل في أوساط كثيرة بما فيها أوساط كانت فوق مستوى الشبهات.
الآن، ازددتُ يقيناً بأن التغيير والإصلاح أصعب مما كنت أظنّ، لكنه في الوقت نفسه أكثر ضرورة وحتمية مما كنت أعتقد، وأنهما كلما تأخرا تفاقمت كوارثنا ومآسينا، وتضاعفت خسائر الأمة وتدهورت قواها. بل إن تأخر الإصلاح في أي بلد عربي يوماً يقرّبه من الحرب الأهلية يوماً.
سؤال بريء
ــ ما أبلغ من قول أناتول فرانس إذا قال خمسون مليون شخص مقولة حمقاء، فإنها تظلّ مقولة حمقاء؟ .
جواب جريء
ــ قول أوليفر هولمز عقل المتعصب يشبه بؤبؤ العين، كلما زاد الضوء المسلط عليه زاد انكماشه .
/7/2012 Issue 4248 – Date 11 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4248 التاريخ 11»7»2012
AZP07
SAAB