فاتح عبدالسلام
الى أين تذهب سياسة ملاحقة الشركات النفطية العالمية وتجريدها من حق الاستثمار في الحقول العراقية إذا تعاملت مع الاقليم الكردي؟ حدث ذلك مع شركات تركية وروسية وأمريكية وسوف تستمر المحاولات من أجل عزل كردستان العراقية عن شركات الاستثمار العالمية التي تتطلع دائماً للعمل مع بغداد وعدم التفريط بالعلاقة معها مادامت المشاكل الدستورية بين المركز والاقليم لم تجد حلاً سياسياً أو دستورياً . لكن هذه السياسة ليست سوى هروب الى أمام، وعدم تحمل المسؤولية في حل المشاكل العالقة مع الاقليم الكردي.
هناك جانب من الصورة لا تراه حكومة بغداد بوضوح، وهو العلاقات مع الدول العربية المهمة حيث يمكن أن يفيد منها الاقليم الكردي في تعزيز صناعة النفط والغاز لديه. وسوف يقود هذا الأمر يوماً بعد يوم الى تكريس علاقات اقتصادية جديدة مع الدول العربية فضلاً عن تركيا ودول في أواسط آسيا، ما يعني إن الوضع الاستقلالي للثروة في الاقليم الكردي سيكون أمراً واقعاً بدفع غير مباشر من حكومة بغداد التي تتصرف من دون أن ترى تطور المشهد السياسي الدولي والاقليمي، ومن دون أن تدرك حجم العلاقات الدولية التي انفتح عليها الاقليم الكردي، في حين لا تزال العلاقات بين بغداد والعواصم العربية عند حدودها الدنيا في التفاعل السياسي والاقتصادي والدبلوماسي.
خطوات بغداد تتقاطع مع لغة الحوار والجلوس الى مائدة واحدة لحل المشاكل برغم من امتلاء التصريحات بها، وبرغم من إن المشاكل ليست سهلة وعويصة لكنها من صنع أيديهم جميعاً. فالدستور الذي أصبح جريمةً ومعيبةً وسبيلاً للانقسام لم يهبط من السماء، وإنما كان أول ثمرة من ثمار العملية السياسية في زمن الاحتلال الامريكي الموثق حسب الامم المتحدة من دون أن تكون هناك التزامات حقيقية من المحتل للطرف الذي وقع تحت ظلم الاحتلال ولم يفد من قدرات الولايات المتحدة الاعمارية والتحديثية. إنّهم يدعمون استقلال كردستان من دون أنْ يشعروا.