إندثار الإملاء وانتشار الأخطاء اللغوية – دعاء يوسف
أصبحت الأخطاء الإملائية والمغالطات اللغوية ظاهرة متفشية في المجتمع العراقي، بحيث لم تعد محصورة في الكتابات الفردية أو منصات التواصل الاجتماعي، بل امتدت لتشمل لافتات المحلات التجارية، الإعلانات على الشاشات، ولوحات الطرق العامة. وقد أظهرت متابعة ميدانية أن العديد من اللافتات تحمل أخطاء فادحة في الكتابة، سواء في أسماء الشركات أو في العبارات الدعائية، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان القارئ أحيانًا للثقة في النص المكتوب ويشكل تحديًا للحفاظ على اللغة العربية الفصيحة.الواقع اليومي يظهر أن الكلمات المغلوطة باتت جزءًا من المشهد العام، حيث يتم تداولها في وسائل الإعلام والإعلانات بشكل متكرر، مما يجعل الأجيال الجديدة تتعود على الخطأ وتفقد القدرة على التمييز بين الصحيح والخاطئ في اللغة العربية الفصيحة. انتشار هذه الظاهرة يعكس فجوة واضحة بين ما يُعلَّم في المدارس والجامعات وبين ما يُمارس في الحياة اليومية، ويهدد بإضعاف قدرة الطلاب والشباب على الكتابة والقراءة بشكل سليم.ويرتبط تفشي الأخطاء الإملائية بشكل مباشر بوسائل الإعلام الحديثة والرقمية، إذ غالبًا ما تتفوق السرعة في إنتاج المحتوى على التدقيق اللغوي. فقد لوحظ أن الإعلانات التلفزيونية والرقمية المعروضة على الشاشات الكبرى تحتوي في كثير من الأحيان على أخطاء واضحة، سواء في تركيب الجمل أو كتابة الكلمات، مما يعكس تجاهلًا شبه منهجي للقواعد الإملائية والفصاحة.كما يظهر في وسائل التواصل الاجتماعي أن بعض المغالطات اللغوية لم تعد تُعتبر خطأً، بل جزءًا من ما يُسمى بالحداثة أو الهوية العصرية، وهو ما يزيد من صعوبة استعادة الانضباط اللغوي. يلاحظ أيضًا أن الاهتمام بالخطأ اللغوي أصبح ثانويًا بالنسبة للبعض مقارنة بسرعة إيصال المعلومة أو الفكرة، سواء في الإعلانات أو المنشورات الرقمية، مما يعزز انتشار الأخطاء بين جمهور واسع من المستخدمين.التحدي لا يقتصر على الإعلام الرقمي فقط، بل يمتد إلى المدارس والجامعات، حيث يعاني المعلمون من تراجع مستوى الإملاء والكتابة الصحيحة بين الطلاب، ما يجعل دور المؤسسات التعليمية أساسيًا في مواجهة هذه الظاهرة. ولضمان الحفاظ على الهوية الثقافية والتراث اللغوي، يصبح التدقيق اللغوي في كل ما يُنشر إعلاميًا أو يُعرض على العامة ضرورة ملحة، إلى جانب التوعية المستمرة بأهمية الإملاء الصحيح والفصاحة في اللغة العربية.