إلى أستاذي أبو عقيل

إلى أستاذي أبو عقيل بعد التسفير الاجباري من عمان التي بقيت فيها قرابـــــة تسع سنوات وعشت فيها اجمل سنوات عمري سافرت مع زوجتي الكويتية الجنسية وابني حيدر الى عمان وسكنت في فندق الحرمين مقابل الساحة الهاشمية وكانت اجرة الفندق دينارين يوميا وقد ارهقت كاهلي وجعلتني محرجا امام زوجتي وابني ولم تكفي المبالغ التي جلبتها من العراق لتســـديد اجرة الفندق التي بلغت اثنين واربعين دينارا اضف الى ذلك اجرة المنزل الذي استاجرته القريب من الفندق الذي يعود الى السيد على ابو الراغــــب ونمنا نحن الثلاثة على الارض في اليوم الاول وفي اليـــــوم الثاني من تاجير البيت حصلت على فرصة عمل وفرص العمل في الاردن نادرة وشحــــيحة لكونه بلدا فقيرا يمر بضائقة مالية حصلت على وظيفة رئيس تحرير مجلة العالم العربي وطبعت النسخة الاولى من الجريدة التي لاقت استحسانا كبيرا من المتابعين للصحافة وعن طريق رئــــــــيس مجلس ادارة الجريدة محمد مصطفى الصرفـــــندي حصل ابني حيدر على عمل في احد المجمعات التسويقية الكبرى في عمان بينما واصلت زوجتي عملها معي في نفس الجريــــــدة التي كنت اترأس تحريرها واصلنا كفاحنا اليومي ودأبنا في الظهور المشرق وبعد سجني عند عودتي في سجن الرمادي بدات رحلة الشقاء … ويوما بعد آخر كانت تزداد معاناتي واول يوم قضيته في سجن تسفيرات الرمادي نمت في المرافق الصحية لان السجن كان ممتلئ عن اخره وتم نقلي الى سجن الرمادي ومن ثم الى تسفيرات الرمادي وبعد ذلك نقلت الى سجن المخابرات معصوب العينين وذقت شتى صنوف التعذيب التي لا ازال احمل وشمها في حلي وترحالي وبعد سنة وستة اشهر اطلق سراحي عام 1997 في الشهر السابع بعد صدور عفو رئاسي عن المعتقلين السياسيين وبقيت ستــــــة اشهر لم اغادر منزلي مذهولا من وقع الصدمة بعد ان فارقتني زوجتي التي خيرتني بين خيارين لا ثالث لهما اما الرحيل صوب الهجرة نحو السويد حيث تتواجد شقيقتها الصغرى الصحفية ليلى الغريب او الانتحار ولما كانت ابنتي الوحيدة سارة مسجلة باسمها وقعت في حيرة من امري فابنـــــتي متعلقة بامها اكثر مني وفضلت ان تسحب ما تبـــقى من رصيدي في بنك الاردن والكويت وتصفـــــية اثاث المنزل ريــــــثما تستقر امورها لالتحق بها في دنيا الغربة ومنذ ذلك الحين كان الوداع الاخير لها ولم ار وجه ابنتي التي كان عمرها اربع ســـــنوات فاصبح عمــــرها الان تسعة عشر عاما … عندما خرجت من السجن دبرت امري وفتحت بسطية سكائر في الكراج الموحد وقد شعرت بالضيق تماما ياتي بعض الناس يسالون عن الصحفي الذي يبيع الســـــكائر وكنت لا اخجل من هذا العمل وتعرفت على صديقــــي ابو عقيل الذي اختارني عاملا في فرن الكيك في سوق الحطابات وعندما تعرف على خلقي وتواضعي اختارني بائعا في ذلك المعمل ثم سرعان ما اصبحت مسؤولا عن كل شيء في هذا الفرن اشتري السمسم والطحين والزيت واسدد الحسابات وازحت جانبا كبيرا من هموم ابو عقيل الذي تفرغ تماما للراحة مع اصدقائه وبقيت على هذا الحال اكثر من ثلاث سنوات بائعا للكيك والكعك لاحد محلات ابو عقيل في السوق الكبير ومسؤولا عن اخذ حساب المحل الذي كان يديره الاخ سيد علي ويومـــــــا بعد اخر تعززت الثقة بيننا فكان نفاد الكيك والكعك يشعرني بالضيق لاني شعرت بمسؤولية المحل وكانه محلي مما يدفعني لشراء الكيــــــك من معمل جمال السفاح والمعمل يقع في حي السنية خلف سوق الهرج وكان البيع بالمفرد واجمعه خارج دخل المحـــــل ليصبح مبلغا جيدا يفــــوق اجرتي اليومية التي كانت لا تتجاوز ثلاثة الاف دينار مما زاد في ثقته بي وظل حالنا هكذا حتى صدور اوامر تعييني فتركت العمل وتفرغت للتدريـــس ومن ثم الكتابة في الصحف العراقية وبقيت آثار وحلاوة رحلة العمل مع ابو عقيل على لساني .. واليوم قبل غربتي الجديدة بعد ان يئست من الوضع الحالي المزري وقررت انا وابو عقيل ان اعمل لديه ثلاثة ايام اقضيها مع استاذي الرائع الذي عملت معه واكلت من زاده وعرفني عن كثب ومنحني ثقته المفرطة وسلمني محله ولم اشعر معه باي مضايقة طيلة الفترة .. اقول له وداعا ابا عقيل والى الابد واظن انا على يقين بعد تعرضي لازمة صحية قاتلة لن اخرج منها سالما اشد الرحال الى ديار الغربة .. لاعيش غربة في بلد مجاور وانا سعيد خير الف مرة من غربة قاتلة وانا بين اهلي وناسي بعد ان وجدت الجحود والغدر من اقرب الناس الى قلبي ولم اجد الصدر الحنون الذي يحتويني وظلم ذوي القربى اشد مضاضة من وقع الحسام المهند !! حسين المسعودي