إسرائيل وقطر .. تداعيات الهجوم على الإستقرار الإقليمي – محمد علي الحيدري

إسرائيل وقطر .. تداعيات الهجوم على الإستقرار الإقليمي – محمد علي الحيدري

الهجوم الإسرائيلي الأخير على قيادة حركة حماس في الدوحة يمثل نقطة فاصلة في ديناميات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ لم يعد نطاق العمليات محصورًا في الأراضي الفلسطينية أو جنوب لبنان، بل امتد ليطال دولة عربية ذات دور دبلوماسي وسطي. هذا التحرك يعكس استراتيجية إسرائيلية متــــــــــــقدمة في استهداف البنية السياسية للحركة، وهو مؤشر واضح على اعتبار أي مسار تفاوضي تهديدًا محتملًا لأمنها الاستراتيجي، بما يتجاوز مجرد الاعتبارات العسكرية التقليدية.

تحليل العملية يظهر أنها اختبار مباشر لحدود الردع العربي والدولي، إذ أن ضرب فريق تفاوض مستقر في دولة مضيفة مثل قطر يشير إلى رغبة إسرائيلية في إعادة تعريف قواعد اللعبة السياسية الإقليمية، بحيث يصبح التفوق العسكري والسياسي الإسرائيلي عاملاً محددًا لمصير أي عملية تفاوضية مستقبلية.

هذا التحرك لا يضعف فقط الجهود الدبلوماسية، بل يعيد رسم الحسابات الإقليمية بين اللاعبين الرئيسيين، بما في ذلك الدول العربية التي تتوزع مواقفها بين الانخراط الرمزي والتفاعل المباشر.

من منظور عربي، يشكل الهجوم اختبارًا لمستوى التنسيق والقدرة على الردع الجماعي.

الردود الرسمية كانت محدودة وأغلبها تصريحات رمزية، وهو ما يعكس ضعف الأدوات الدبلوماســـــــــية العربية في مواجهة الانتهاكات التي تمس دولة عربية مستقلة.

أدوات سياسية

الاستراتيجية المستقبلية تتطلب من الدول العربية إعادة تقييم آليات الضغط، سواء عبر المنصات الدولية أو من خلال أدوات سياسية واقتصادية قادرة على التأثير في السلوك الإسرائيلي، خصوصًا في ضوء دور الأطراف الإقليمية الأخرى مثل إيران وحزب الله، والتي قد ترى في هذا التصعيد فرصة لتوسيع نفوذها في المشهد الإقليمي.

الجانب الأمريكي في المعادلة يعكس توازن المصالح بين دعم إسرائيل والحفاظ على القدرة على لعب دور الوسيط. التغاضي عن الهجوم أو تقديم دعم محدود له يعكس تحالفًا استراتيجيًا قائمًا على حماية المصالح الأمريكية المباشرة، لكنه في الوقت نفسه يضعف قدرة واشنطن على التأثير في أي مسارات تفاوضية مستقبلية ويزيد من تعقيد الحسابات العربية والدولية.

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة ليس مجرد حادثة أمنية عابرة، بل انعكاس لتحول أوسع في الاستراتيجيات الإقليمية والسياسية.

يضع الدبلوماسية العربية أمام تحدٍ حقيقي لإعادة ضبط أدوات التأثير، ويعيد طرح السؤال حول جدوى المسارات التفاوضية القائمة في ظل توسع نطاق العمليات العسكرية.

الاستجابة الفاعلة من الدول العربية ستكون مؤشرًا رئيسيًا على قدرة المنطقة على الحفاظ على استقرارها، وصياغة توازنات جديدة تحمي مصالحها وسط تصعيد إقليمي متزايد.

مشاركة