القدس (أ ف ب) – يستعد الجيش الإسرائيلي الجمعة للسيطرة على مدينة غزة، أكبر مدينة في القطاع الفلسطيني، بهدف معلن هو “هزيمة” حركة حماس وتأمين إطلاق سراح الرهائن، وسط انتقادات دولية.
وبعد 22 شهرا من الحرب المدمرة، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ضغوطا شديدة من داخل إسرائيل وخارجها لإنهاء الهجوم في قطاع غزة حيث تهدد المجاعة أكثر من مليوني فلسطيني، وفقا للأمم المتحدة.
وبحسب الخطة التي وافق عليها مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، فإن الجيش “يستعد للسيطرة على مدينة غزة” المدمرة إلى حد كبير في شمال القطاع “مع توزيع مساعدات إنسانية على السكان المدنيين خارج مناطق القتال”، حسبما أعلن مكتب نتانياهو الجمعة.
بالإضافة إلى نزع سلاح حماس و”إعادة جميع الرهائن – أحياء وأمواتا”، تهدف الخطة وفق مكتب نتانياهو إلى فرض “السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة؛ إقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية”.
وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس مساء الجمعة إن الجيش “يستعد منذ اليوم لتطبيق القرارات بشكل كامل”.
بعيد الإعلان عن الخطة، قررت ألمانيا وقف صادراتها لإسرائيل من الأسلحة التي قد تستخدمها في غزة، وهو ما اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي “مكافأة” لحركة حماس.
كما صدرت مواقف رافضة للخطة عن الاتحاد الأوروبي والصين وتركيا العديد من الدول العربية والمسلمة وكذلك الأمم المتحدة التي اعتبرها أمينها العام أنطونيو غوتيريش “تصعيدا خطيرا”.
وقال نتانياهو في منشور على منصة اكس “نحن لن نحتل غزة، بل سنحررها من حماس”، مضيفا أن نزع السلاح من القطاع وإقامة “إدارة مدنية سلمية (…) سيساعدان على تحرير رهائننا” ويمنعان أي تهديدات مستقبلية.
وفي خضم التنديد، طلبت دول عدة عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، تقرر عقده الأحد، وفق مصادر دبلوماسية.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة خطة إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة بأنها “تصعيد خطير” من شأنه أن يفاقم أوضاع الفلسطينيين، وفق ما أعلن متحدث باسمه.
– “حماية شبابنا” –
ورأت حماس التي تواصل احتجاز 49 رهينة بينهم 27 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم، أنّ ما طرحه نتانياهو “من مخططات لتوسيع العدوان على غزة يؤكّد أنه يسعى فعليا للتخلّص من أسراه والتضحية بهم، من أجل مصالحه الشخصية وأجنداته الأيديولوجية المتطرّفة”.
واعتبرت أن “هذه التصريحات تمثّل انقلابا صريحا على مسار المفاوضات” مشددة على أن “أي توسيع للعدوان على شعبنا لن يكون نزهة، بل سيكون ثمنه باهظا ومكلفا على الاحتلال وجيشه”.
في غزة التي تتعرض للقصف يوميا ويمطرها الجيش بأوامر الإخلاء المتكررة، قال السكان إنهم يخشون الأسوأ.
وأظهرت صور لوكالة فرانس برس سحابة من الدخان وسط أنقاض في مدينة غزة ناجمة عن غارة إسرائيلية الجمعة.
وقال رفيق أبو جراد (54 عاما) وهو نازح من بيت لاهيا إن “احتلال المدينة سيؤدي إلى نزوح كبير. ونحن كفلسطينيين هُجّرنا عشرات المرات…”.
وقالت جنين أبو جراد (23 عاما) إنه “سيتعين علينا مغادرة مدينة غزة لحماية شبابنا الذين سيعتقلهم الاحتلال… سيجبر الأطفال وكبار السن على السير لأميال تحت الشمس، في حين لا يوجد طعام”.
في إسرائيل، أعلن منتدى عائلات الرهائن أن قرار الحكومة “يعني التخلي عن الرهائن”. وقال إن “الحكومة اختارت المضي في مسار متهور جديد على حساب الرهائن والجنود والمجتمع الإسرائيلي ككل”.
وأعلن نتانياهو الخميس أن إسرائيل “تعتزم” السيطرة على قطاع غزة ولكن من دون أن “تحكمه” أو “تحتفظ به”.
وتابع في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز “نريد تسليم السلطة لقوات عربية تحكم غزة بكفاءة من دون أن تهددنا، ومع توفير حياة جيدة لسكان غزة. هذا غير ممكن مع حماس”.
حاليا، يحتل الجيش الإسرائيلي أو ينفذ عمليات برية في حوالى 75 في المئة من مساحة غزة، ويقود معظم عملياته من نقاط ثابتة في القطاع أو انطلاقا من مواقعه على امتداد الحدود. ويقوم بقصف جوي ومدفعي يوقع قتلى وجرحى في أنحاء القطاع بشكل يومي.
احتلت الدولة العبرية قطاع غزة في العام 1967، وانسحبت منه في العام 2005 بشكل أحادي وفككت 21 مستوطنة أقيمت على أراضيه.
وندد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد بالقرار، معتبرا أنه “كارثة” ستؤدي إلى “مقتل الرهائن والعديد من الجنود، ويكلّف دافعي الضرائب الإسرائيليين مليارات الدولارات، وإفلاس دبلوماسي”.
– قلق من إسقاط المساعدات جوا –
وبحسب إذاعة “كان” العامة، فإن الخطة المعتمدة والتي ستنفذ على عدة مراحل، تنص على “اجتياح مدينة غزة عبر إجلاء سكانها خلال الشهرين المقبلين” إلى مخيمات “ثم تُحاصر القوات المدينة وتعمل داخلها”.
وأعلن الجيش أنه نفّذ بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات سلسلة من العمليات في قطاع غزة الجمعة، استهدفت خمسة من قادة ومقاتلي حماس وحليفتها حركة الجهاد الإسلامي شاركوا في الهجوم على أراضيها.
في الأثناء، أعلن المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة فرانس برس الجمعة عن مقتل 18 شخصا بنيران إسرائيلية في أنحاء القطاع الفلسطيني.
كما أعرب عن قلقه إزاء “المخاطر الكبيرة” لإصابة ومقتل المدنيين بسبب إنزال المساعدات جوا في القطاع الفلسطيني، بعد إصابة شاب يبلغ 19 عاما بجروح بالغة في مدينة غزة الجمعة.
وأفاد رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة أمجد الشوا وكالة فرانس برس بأن إجراءات التفتيش البطيئة والتي تستغرق وقتا طويلا عند المعابر لا تمكِّن سوى عدد قليل من الشاحنات من دخول القطاع.
وقال “ما يدخل قطاع غزة من شاحنات هي أعداد قليلة من 70-80 شاحنة يوميا ضمن أصناف محددة”، في حين تقدر الأمم المتحدة الحاجة إلى 600 شاحنة على الأقل يوميا.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، توفي 99 شخصا، بينهم 29 طفلا دون سن الخامسة، بسبب سوء التغذية منذ كانون الثاني/يناير، وهي “أرقام ربما تكون أقل من الواقع”. وقالت وزارة الصحة التي تديرها حماس الجمعة إن العدد بلغ 202، بينهم 98 طفلا.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضا أن مستشفاها الميداني في رفح عالج أكثر من 4500 مريض أصيبوا بالأسلحة منذ 27 أيار/مايو، “وأفاد معظمهم بأنهم كانوا في طريقهم إلى مواقع توزيع الأغذية عندما أصيبوا”.
وقالت اللجنة إنه “من غير المقبول أن يتعرض الناس للإصابة والقتل أثناء محاولتهم إطعام أسرهم”.
أسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب عن مقتل 61258 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
في المقابل، أدى هجوم حماس إلى مقتل 1219 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفقا تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى بيانات رسمية.