إختراق لا تتركوه يمر

إختراق لا تتركوه يمر

إختلفت طبيعة وحجم وقوة وسرعة التفاعل مع حادثة الخرق الأمني الخطير الذي تمكنت خلاله الزمر التكفيرية إستغلال خاصرة بادية النجف الأشرف شبه الخالية من أي وجود أمني أو حتى بشري يُذكر . لا شك أننا كأبناء محافظة النجف الأشرف من عشائر وحشد شعبي وقوى أمنية لدينا من القوة والشجاعة ما يؤهلنا من إمكانية الوصول إلى مكة المكرمة والصلاة في الكعبة المشرفة خصوصاً إذا صدرت فتوى تعزز وتوحد هذه الطاقات الغيورة الشجاعة العظيمة . إلا أن العقل والحكمة تتطلب أن نتصرف بتخطيط ودراسة وتدبير وكتمان وشجاعة وعدم الإتكال على الشجاعة لوحدها تطبيقاً للحكمة الفلسفية القديمة القائلة (الكثرة غلبت الشجعان ، ولكن الحيلة غلبت الكثرة) .

من الواضح والمسلم لدى الجميع أن هذه الزمرة الضالة وصلت لناحية القادسية من خلال البادية وتحديداً من خلال ثغرة في حدود محافظتي النجف الأشرف والمثنى ، ومن الغريب جداً أن صحراء البادية الغربية التي تمتد من الأنبار إلى كربلاء ثم النجف ثم المثنى لم يتم التعامل معها على أنها من أخطر الجهات التي تهدد أمن العراق ولا سيما محافظات الوسط والجنوب وتحديداً من مركز تصدير الشر والظلام والفساد في السعودية . بل الأغرب من ذلك أننا نتسامح مع المارين بهذه البادية من حملات صيد يتجول فيها أمراء الخليج وتجار الممنوعات بجميع أشكالها وكأن الأمر لا يعنينا مكتفين ببضعة ثكنات ونقاط عسكرية لا تتناسب مع حجم الخطر (المستقبلي) المحدق بهذه المحافظات (كربلاء ، النجف ، الديوانية ، المثنى) . يبقى السؤال الأهم ، ما الحل ؟؟؟ الحل برأيي الشخصي عدة خطوات وأمور من شأنها تأمين هذه البادية ولكن مع وجود وعي وضغط شعبي يضمن إستجابة السلطات المركزية والمحلية لتحقيقها بعيداً عن سياسة المجاملات التي يدفع أبناء الوسط والجنوب ثمنها غالياً ومنذ زمن طويل ، ومنها : 1/ إقرار السلطات التشريعية والتنفيذية في النجف الأشرف قرارات عاجلة يتم من خلالها تخطيط البادية وتوزيع أراضيها على شكل (قرى) بقطع أراضي لا تقل مساحتها عن 400 متر وتوزعها مجاناً أو بأسعار رمزية على الأهالي وعوائل الشهداء حتى لو كانت هذه المشاريع لا توجد فيها أي شكل من أشكال الخدمات من طرق معبدة أو كهرباء أو ماء ومجاري .. إلخ ، فالمهم أن تبدأ الحكومة بالتوزيع والظروف الإجتماعية كفيلة في إحياء هذه القرى كما حصل في قرية النور خصوصاً إذا جرى (تطويبها) وبالتالي إمكانية تأمين هذه البادية بشكل طبيعي وعدم تركها مسرحاً للأعداء وللمجرمين كل هذه السنوات . 2/ الحكومة المركزية تجامل أو تعمد مضطرة إلى مداراة شرائح وجماعات عليها ما عليها من علامات إستفهام أو مؤشرات سلبية طائفية وإجرامية وتتعامل معهم كأمر واقع كما حدث مع جماعة اثيل النجيفي وآخرين فخصصت لهم الرواتب وضمنت لهم الحقوق والإمتيازات فلماذا لا تبادر الحكومة إلى تشكيل قوة كافية في العدد تتصف بالتدريب واليقضة الأمنية العالية من أبناء هذه المحافظات وعشائرها (كربلاء ، النجف ، الديوانية ، المثنى) يتكفلون فقط بمسك الحدود والبادية مع السعودية . هل في ذلك ترف ؟ أم أن أرواح أبناء الوسط والجنوب مكتوب عليها أن تضحي في الشمال والجنوب ؟!!! 3/ الشوارع (التبليط) عموماً في الوسط والجنوب تكاد تكون معدودة وبعضها قديم جداً يمتد تأريخ تنفيذه إلى أيام الستينيات ، ومن المعروف أن أي منطقة ومهما كانت إذا وجد الناس طريقاً سليماً يوصلهم إليها فإنهم لن يترددوا بذلك بل ستمتد الحياة إلى هذه المناطق بشكل أو بآخر ، فالمطلوب أن تهتم حكومات هذه المحافظات بمسألة تعبيد الطريق الموصلة إلى البادية مهما كانت تكلفتها خصوصاً إذا زالت حجة التقشف التي بانت آثاره على أبناء الوسط والجنوب دون غيرهم من المحافظات الشمالية الكردية أو الغربية .

إنني أعلم جيداً أن البادية العراقية الغربية هي من أروع البوادي في المنطقة العربية كونها منبسطة وغنية بالثروات وتتواجد فيها الكثير من أصناف الطيور والحيوانات النادرة وهي بحاجة إلى إلتفاتة جادة ومدروسة وسريعة قبل فوات الأوان . إختراق الأمس في ناحية القادسية مؤشر ينبغي أن لا نتهاون معه أو نستخف به بالإتكاء على شجاعتنا .. صحيح أننا شجعان .. ولكنهم غادرون .. وعلينا دائماً أن نتذكر ونعتبر من غدر جدهم (عبد الرحمن بن ملجم) لعنه الله الذي تمكن من قتل أشجع الخلق طراً الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” أثناء صلاته . فهل من معتبر ؟؟…

  أحمد رضا المؤمن – النجف

مشاركة