إبنة الشهيد
بعد مدة بسيطة من الفراق لم تحتمل بعده عنها
ذلك الفراق الابدي لا عودة منه ولا لقاء بعده
تركت وسادتها المشبعة بالدموع وتركت ذلك المكان
الذي تشعر بالوحدة فيه غادرت المسكن البسيط الذي تسكن فيه مع امرأة كبيرة بالعمر تبنتها بعد رحيل والدها الى جوار ربه رحل الى اجمل مكان يتمنى الجميع ان يكونوا فيه
بدأت تسير في ذلك الطريق الطويل عنوة كانت ترى امامها بسبب
الدموع المتجمعة في عينيها حتى وصلت للمكان المقصود
ازدادت تلك الدموع… فهي الان تسير بين الاسماء المكتوبة وتلك الصور المعلقة في ذلك المكان الذي يفوح منه عطر الزهور حتى وصلت لقبر والدها فحضنته ببكاء بدا صوت بكائها مسموعا للجميع اجهشت بالبكاء
بدأت تخاطب والدها
اين ذهبت وتركت اميرتك
حميت وطنها ولم تحفظها
بعدك عني يقتلني
فأدع لربك ان يأخذها
بجوارك تبقى خالدة
لا حزن يدمر وحدتها
إن لم تأخذني اليك
فأنا بقربك انتظرك
حطم يا ابي القبر وأخرج كما حطمت قلب العدو.ابي يكفي ارجوك يكفي البعد … اشتياقي لك كشوق يعقوب ليوسف صورك المعلقة بجدار الذاكرة لا يمكنها ان تصبرني و تجعلني اتحمل البعد والفراق …ابي لماذا لم تفكر بعزيزتك حين تركتها و رحلت
اتذكر اخر مرة رأيتك فيها كنت اتوسل اليك ان لا تذهب وان تبقى جانبي الم اخبرك بأني لم يعد لي احد غيرك ….الم تخبرني انني حين ولدت تركت امي الدنيا و ذهبت واخبرتك ان لا تتركني مثلها…أتذكر ما قلته لي وقتها؟ أتذكر ما اخبرتني به حين حملت سلاحك على كتفك لتذهب لتلك البقعة المحتلة من وطني لتحررها.؟..اخبرتني بأن هناك العديد من الاطفال اصبحوا ايتاما وليس لديهم مكان يسكنوا فيه ومن الواجب ان تدافع عن ارضهم لتعود لهم ليكن لديهم مكان يعيشون فيه
لكن انا الان مثلهم من يسدافع عني ويحميني من بعدك ، انا ارضي ليست محتلة لكن قلبي احتله الحزن و استقر فيه… حياتي اصبح لونها السواد برحيلك قل لي من بأمكانه استرجاعك لي الان…من بأمكانه مواجهة الموت هل هنالك بطل يمكنه ان يمنع الموت من القدوم…اريد ان اسأل الموت سؤالاً , لماذا طرق جسدك انت ولم يطرق جسدي معك الم يفكر ان هنالك فتاة صغيرة ليس لها احد بعدك لماذا لم يأخذنا سويآ …ابي ارجوك لا تبقى هناك اخرج من هذا المكان الذي انت فيه..هذا المكان ليس لك ابي عزيزي كيف يمكنك النوم في حفرة ضيقة مضلمة ؟ يكفي ارجوك اطلت في نومك ابي لا يمكنني الرؤيا بشكل واضح بسبب البكاء وتلك الدموع اللعينة التي تمنعني ان ارى صورتك بوضوح .. في هذه اللحظة احسست بيد وضعت على كتفي فأدرت وجهي مسرعة لأرى من يكون
-من انت؟
-لا تخافي يا ابنتي انا الحارس لكن لم تخبريني ماذا تفعلين هنا؟
-اتيت لأرى والدي
-من يكون والدك؟
-انا ابنة الشهيد و والدي الشهيد … الشهيد الذي ترك ابنته للأبد ليحمي هذا الوطن، الشهيد الذي حمى الوطن ونسي ابنته. الشهيد الذي اعاد حق كل مظلوم وكل مهاجر ونسي ان لابنتة حقا عليه ، الشهيد الذي تمزق كتفة من حمل السلاح لأجل ابناء وطنه
انا ابنة الشهيد و فخورة بوالدي كثيرآ وفخورة بكل ما قدمة ابي لهذه الارض
-لكن عزيزتي كيف وصلتي الى هنا هل جئتي بمفردك؟
-اجل
-لكن كيف سمحوا لك عائلتك بالمجيء؟
-انا ليست لديه عائلة انا يتيمة الابوين وليس لدي اقرباء
-لكن اين تسكنين ؟
-اسكن مع امرأءة مسنة بالقرب من المقبرة تبنتني بعد رحيل والدي
-ما رأيك ان تأتي معي وتكوني جزءا من عائلتي؟
تلتفت لقبر والدها وتحدثت:
ابي هل سمعت ما يقوله العم …اصبحت مسكينة لتلك الدرجة بعد ان كنت مدللة واصبح الكل يحزن حين يرى ابنة الشهيد مشردة
-لا يا عم انا اسكن مع امرأة وسأبقى معها الى ان اصبح بجوار والدي
-ومن تكون تلك المرأءة؟
-امرأءة كبيرة في السن تعيش بمفردها كان والدي كثير السؤال عنها وحين علمت بموت والدي اخذتني للعيش معها فهي تريد الاعتناء بي تعتبر ما تفعلة كأيفاء الدين او الفضل لوالدي لذلك هي الوحيدة التي تستحق ان ابقى معها ليس فضلآ او دينآ عليها لكنها وحيدة وتسكن بمفردها لذلك علي ان اكمل ما تركه والدي واستمر بالاعتناء بها
-اتمنى لك السعادة يا ابنتي
-شكرآ لك…علي العودة
تركت المكان وعدت الى المنزل كانت تلك المرأة الحنونة نائمة
دخلت بهدوء حتى لا تستيقظ واكملت يومي بحزن
هذا جزء من الواقع نعيش معه ولا نشــعر فيه مثل هذه الفتاة يوجد الكــــثير يتــــــألم ولا يتكلم فلا ننسى ان نفرحهم ونسعدهم ولو بشيء بسيط …أن كنا اليوم افضل منهم لنساعدهم فربما نكون غدآ اسوأ حال منهم
حنين ميثم الخزاعي – ذي قار