أين يكمن غول الإرهاب – قيس الدباغ

 

قيس الدباغ

ظاهرة الإرهاب ضربت العراق وأحرقت الأخضر واليابس وتوغلت ووصل بها الأمر إلى السيطرة على ثلث مساحة العراق، وامتدت إلى سوريا ومن قبل كانت في جبال أطلس بالجزائر وتفرعت كذلك في ليبيا وتونس وجزء من أفريقيا، ولا ننسى تغولها في مصر حيث كانت تطل برأسها كلما سنحت لها الظروف الإجتماعية والسياسية.

وحيثما ضعفت الدول ينشأ الإرهاب وتظهر أنيابه وقرونه ومخالبه الشيطانية، مما تقدم يتضح أن ظاهرة التطرف الأصولي ليست اعتباطية أو حادثة جديدة، بل أن جذورها الخفية كامنة وموجودة منذ عمق التاريخ ولا ننسى حركة الحشاشين والزنج والقرامطه وماتلاها من جماعات التكفير والهجرة وفرق دار الإسلام ودار الكفر وإخوان بريدة السلفية وغيرها الكثير، كل تلك الفرق والنحل تعتمد إعتمادا كليا على تأويلات وفهم بشري لنصوص مجتزأة ومقطوعة وغيبيات سردية ورؤى وأحلام وسلسلة طويلة جدا من حدثنا فلان وقيل عن قيل عن وعن وعن وفي النهاية يذيل بعبارة ضعيف أو أن أحد الناقلين اشتهر بالكذب والتدليس ،والمصيبة عندما ترى منظري الفكر الإرهابي يعتمدون هذه السرديات كحقائق مؤكدة لايرقى اليها الشك.

ثم تنتهي تلك الطوائف والحركات التي تدعي الأصولية بسبب عوامل كثيرة، ويبقى هذا النتاج كامنا في بطون الكتب التراثية القديمة والمصيبة الأكبر أنه يدرس في في حواضر المدارس الدينية كتاريخ وبنفس الوقت يمنعون منعا شديدا الفكر المناهض له ويحاربون مفكريه بقسوة، ولو سلمنا جدلا بأن رعاية الفكر الذي يدعي الأصولية بسبب حرية رأي وفكر ،طيب لماذا لايدعون الصوت المناهض له بأخذ مساحته وبالنهاية تتصارع الأفكار وتظهر عورات ومثلبات كل فكرة للعيان وتنحسر أفكار العنف والقتل والنهب والسلب وسفك الدماء البريئة.

هكذا يكون فضاء الحريات والعقيدة الصحيحة تثبت نفسها بلا عنف، ولاننسى أن الوحش الإرهابي ماكان يلقى قبولا وانتشارا لولا الحواضن السياسية التي تركبه لفترة حتى تصل مأربها ثم ترفسه بعيدا عنها لأنها تعلم علم اليقين إن هذا الغول سوف يلتهمها عندما يقف على قدميه ويشتد عوده، وهذا ماحدث جليا في الموصل عندما ربض على صدرها غول الإرهاب، فما أن أكتشف حجم الأموال التي وقعت يديه عليها حتى بدأ يتمرد على داعميه وبدأ بطبع عملة خاصة به وكشف عن نواياه المخفيه وأطلق مشروعه الذي يشمل كل العالم الإسلامي وغيره، ثم أطلق شعار كسر وتحطيم الحدود الإقليمية لكل الدول مما يعني وضع كل العالم تحت سيطرته.

هنا لابد أن نقول إذا لم ينبري علماء الفلسفة والاجتماع والمفكرون لدراسة موضوع الإرهاب دراسة معمقة سوف تظهر موجات أخرى من غول الإرهاب وتقع المصائب على رؤوس ملايين الأبرياء وان طال الزمن، لابد من وقفة جادة وإلا سوف يعود الإرهاب ولو بعد حين لأن جذوره كامنه ويتم تغذيتها ببطء، ولات حين مندم.

مشاركة