أين يكمن الخطأ ؟        (1-2)     -عبد الله عباس

خواطر ليست عابرة عن دراسة سعد ناجي جواد بشأن معضلة الأكراد

أين يكمن الخطأ ؟        (1-2)     -عبد الله عباس

(1) حقاَ انها (معضلة) ..!

قرأت بدقة دراسة قيمة بعنوان (المعضلة الكردية في العراق .. عوامل التأزم والمستقبل) كتبها الباحث القدير (د . سعد ناجي جواد) ونشر في مجلة (السياسة الدولية  وهي احد اصدارت مركز الاهرام المصرية – العدد 213 يوليو / تموز / 2018)  و د . سعد من  اوائل المهتمين بالوضع الكردي في العراق و وجهات نظره جديره بتقدير الوسط الكردستاني  . اول ما لفت انتباهي في هذه الدراسة تسمية الوضع الكردي بـ (المعضلة ..!) حيث تعودنا ومنذ تقسيم الشرق الاوسط نتيجة اتفاق سايكسبيكو الذي ادى الى خلق (اكثر من مشكلة …!!) لاهل المنطقة  المنكوبة والبائسة ولحد الان  احدها سميت بـ (المشكلة الكردية)  منذ ذلك التأريخ نطالع البحوث والدراسات و الكتب عن الكرد تحت عنوان (مشكلة ‘ قضية ‘ المسالة الكردية) … أما تسميتها بـ (المعضلة) في هذه الدراسة هي التسمية الحقيقية لمعضلتين من افرازات وعد بلفور واتفاق سايكسبيكو اولها الكردية والثاني الفلسطينية لم يصلهما يد توجهات حقيقية لمعالجتها اذا لم نقل أن اشارات سير الاحداث توحي ببقائهما (المعضلة) الى مدى غير منظور  وكما هو معلوم وكما جاء في تفسير مصطلح (المعضلة)  في علم اللغة  أنها تعني (المعضلة : المسالة التي لايهتدي لوجهها …!!) أو (الطريق الضيق المخارج ..!!)  والمسألتين فعلا تنطبق عليهما الوصف (المعضلة) أكثر من تسمية قضية أو مشكلة ممكن في كثير من الاحيان رؤيا الحل في نهايات الانفاق التي تمر بها المشكلة او القضية …. مايهمنا (المعضلة الكردية) التي هي مأساة امة يحدثنا  التأريخ  عنهاو (بعد الغدر الذي يتحدث التاريخ عنه  عندما اختار احد ابناء هذه الامة ان يلعب فيه دوراَ  سلبيا مؤثرا  حيث تم اسقاط دولة الميدية في عام 550 ق . م  ولم  تأتي فرصة طوال ذلك التاريخ لكي ينطلق من خلاله الكرد لاعادة بناء دولتهم القومية كحال القوميات الاخرى في المنطقة . لا نريد ان نتوقف طويلا على ذلك الانكسار  بل نستعرض بشكل موجز الاحداث التاريخية منذ عام 1514 الميلادية حيث نتفاجأ ان الصورة واضحة امامنا تاريخيا:   تواجه الامة الكردية وباستمرار ومنذ ذلك العام كل المحاولات من اجل الحرية وبقوة شرسة لاقصى حد بحيث اذا وصلت انتفاضتها الى خطواتها الاولى لبناء الاستقلال  لا يطول   التمتع بذلك النصر  لعام او عام ونصف حيث تسحق انتفاضاتها بالقوة التي اشرنا اليه  والمؤلم في هذا العرض  انه كان يتم اجهاض تلك المحاولات لاسباب داخلية عندما يجد اعداء الكرد منفذ من سياجهم الداخلي لاجهاض حلمهم ….)

 (2) الحكم في العراق قدوة ..!

يقول (د . سعد) حقيقة في دراسته عندما يؤكد بأن (أن العراق كان ولايزال الدولة الوحيدة من بين الدول التي تضم اجزاء من كردستان الكبرى – تركيا وإيران و العراق وسوريا – التي اعترفت منذ الحكم الوطني فيها عام 1921 بالهوية والثقافة الكردية …..ألخ) وانا ككاتب وصحفي كردي وفي اكثر من التحليلات التي كتبتها ونشرت في الصحف و المواقع المعلوماتية واخرها في كتابي المعنون (الكرد : تحدي الظلم في الشرق الاوسط/ 2016 – السليمانية) اكدت هذه الحقيقة بالارقام والوثائق   وذلك  يعني انه هناك شواهد تأريخية تؤكد أن التعامل العربي ولحد اواسط الثمانينيات القرن الماضي (حدث فيهما حملتي الانفال والضرب الكيميائي)  ضد الكرد عموما و في العراق خصوصا تعاملا ايجابيا بعكس الحكومات وحتى الاوساط الشعبية في البلدان الاخرى ايران و تركيا و سوريا   التي  فرضت حزامها العربي على المناطق الكردية .  ففي ايران ومنذ تاسيس نظام الشاه وكذلك بعد انتصار الثورة التي ادى الى اسقاط نظامة  كان التعامل الرسمي للدولة تعامل عنصري واضح وعدم الاعتراف بحقوق الكرد القومية ورغم ان الدستور الإيراني الحالي ينص في البندين 15 و19 على حق الأقليات في استعمال لغاتها في المجالات التعليمية والثقافية ولكن تم إغلاق الكثير من الصحف الكردية عندما انتفض الكرد هناك مطالبا بحقوقهم القومية المشروعة وسحقت الانتفاضة كسابقاتها في زمن الشاه باستعمال القوة المفرطة شملت قتل الناس و حرق الارض ويبدو ولايزال الاستجابة لتلك الحقوق من المستحيلات …!

أما في تركيا فأن التعامل العنصري منذ تأسيس جمهورية (أتاتورك) معروف للعالم وجاء الدستور التركي عام 1923 ليقر اللغة التركية لغة رسمية واحدة، ولا يقر التعدد القومي والعرقي، ولا التعدد اللغوي، وعلى إثر ذلك فقد تعرّض الكرد لما وُصِف بسياسات “تتريك” قسرية  أما الدستور الذي جاء بعد التعديل الذي ادى الى تغيير النظام التركي الى رئاسي لا يتحدث عن أي حل للقضية الكردية  وأغرب من ذلك لاوجود لاي وثيقة تؤكد ان (الاحزاب و الحركات المعارضة للنظامين الايراني أو التركي في عصري اتاتورك وكذلك ايران الشاه) يؤكد او يتحدث عن ضرورة الاعتراف بحقوق القومية الكرديه في البلدين وذلك بعكس الكثير من الحركات والمنظمات العربية في العراق وبعض الدول العربية لهم مواقف مؤيده لطموح القومية المشروعة للكرد . تحدثنا في دراسة مطولة بعنوان (حلم الامة امام اختيارين في الزمن الاستثنائي) عن مراحل تنفيذ مخططات الغرب التى ادت الى تحويل قضية الكرد و كذلك فلسطين من قضية مشروعة الى (المعضلة : لايهتدي لوجهها ..!) موضحين : أن الكرد لحد اقصى والعرب بنسبة اقل  عند مراجعة الوجود وضمان للحق القومي اكبر متضرر من التقسيم الرديء الذي جاء به التحالف البريطاني الفرنسي الذي ادى الى تقسيم وتاسيس الكيانات القوميات المتواجدة تاريخيا في المنطقة  وهي: الكرد والعرب والفرس والترك  وطن القوميات الاربعة تبدأ من الحدود الشرقية لايران الى ساحل البحر الابيض المتوسط  ادت اتفاقية سايكسبيكو الى تقسيم خبيث كانهم وبشكل متعمد اختاروا فقط القومية الكردية تتحمل وزر انهيار الامبراطورية العثمانية التي يسمونها هم بالرجل المريض   ورغم ان الكرد قالوا قديما : (زرع كلمة – لو – فلم تثمر شيء)  لو اختاروا في ذلك الظرف  كل اراضي كوردستان كمستعمرة لهم او لاحدهم في قلب الشرق الاوسط كما فعلت بريطانيا عند الاحتلال الكامل لاراضي الهند  لكانت انتفاضة الكرد بعد حين وطرد المستعمر وانتهى امر تقرير مصيرها بيدها ولاصبحت القومية الرابعة صاحبة الكيان الدولي في المنطقة  ولكن أن قوى الاستكبار العالمي، وبعد الحربين العالمية الأولى والثانية، قامت بتجزئة الأرض والشعب الكوردي بين ثلاث قوميات، وترك مصيرهم تحت تصرف تلك البلدان التي تعاني من أزمة ، عبارة عن ابتلائهم بقيادات سلطوية وفوقية لهم ، وكل قومية حسب إرثها التاريخي تقودها قيادات ملئت أفكارهم بالتعصب العرقي والديني والمذهبي ، والرغبة لعدم التنازل عن كل هذه العقد حتى لو سالت الدماء للركب ، كما يقول المثل ! ودون أن يكون لهم أي استعداد لفهم أو استيعاب أفكار العصر، مثل حقوق الآخر، أو تبادل السلطة سلمياً، ….الخ ولذلك ترى أن كل المحاولات لمعالجة القضية الكردية في ألاجزاء ألاربعة تبدأ من الفوق ، وبطريقة التراضي بين الفوقانيين في الطرفين ، وعندما تواجه مصالح أي طرف ماسك بتيسير أمور الرعية لا يمر وقت إلا وترجع العقدة إلى المربع الأول، وهكذا…)

(3) التصفح  في احداث اول شراره

في زمن العراق الملكي  لم تكن للدولة اي موقف سلبي تجاه تنشيط حركة الثقافة الكردية القومية  تم تاسيس اول اذاعة باللغة الكردية رسميا بقرار من الدولة وبقياس لوضع النشاط الثقافي في ذلك العهد  كانت للصحافة الكردية وجود جيد وكانت تصدر المجلات والصحف في بغداد والمدن الاخرى الكردستانية بضمنها كركوك وكان عصب حركة  اقتصاد العاصمة بيد الكرد و للكرد وجود (كانوا يستحقونه) في مواقع اكثرحساسية في دولة العراق وفي اهم مؤسسة وهو الجي حيث وجود خيرة الشخصيات الكردية في المواقع القيادية   للجي العراقي  كان لوجود الكثير من الشخصيات الكردية من السياسيين المقتدرين في مواقع السلطة العليا وهم كانوا من الشخصيات الذين  يحبون انتمائهم القومي ويعتزون به وفي اي حدث او مناسبة تحدث يؤكدون هذا الانتماء والشعور دون تردد  ولكن ماحدث في 14 تموز 1958 زعزع كل شيء مستقر في العراق  وظهرت بدل ذلك صراعات  عنصرية وطائفية واخطر من كل ذلك دفع بالتيار القومي العربي المتشنج الى الشارع والذي لعب دورا سيئا ادى الى تجميد المادة الثالثة من الدستور ان هذا الموقف  حرك الحس القومي الكردي لاخذ موقف الحذر كنتيجة فعل و رد فعل  تجاه توسيع تحركات التيار القومي العربي المتشنج خصوصا بعد ظهور بوادر تبني المؤسسات الحكومية لمواقف تلك التيارات  ورافق ذلك حملة مضايقات للوجود الكردي في ساحات النشاطات السياسية والمدنية ايضا….!! الى ان وصلت المضايقات الى مطاردة  و تحريك القوات العسكرية باتجاه المدن الكردية قبل ان تظهر اي بادرة رد متشنج من اي طرف كردي  والخطر في هذا التحول الحاد وغير المسبوق في تاريخ العراق الحديث  انه حدث في مرحلة ان كل المهتمين بمستقبل امن  العراق بعد ماحدث في تموز  انتابهم الخوف من  ان يتم استغلال الوضع  بحيث يؤدي الى اجهاض ماكان يتمناه كل العراقيين من الكرد والعرب بعد تغيير النظام الملكي بنظام جمهوري حيث كانوا يتمنون الحرية الحقيقية مستندا على ارادة كل العراقيين دون التفرقة والصراعات  وخوفهم اشد عندما شعروا بان الجبهة القوميه المتشنجه يشجعون السلطة بان تكون حديه في مواجهة دفاع الكرد عن مطالبهم المشروعة  وكانوا يرون بان ذلك يؤدي حتما الى شرخ في جدار وحدة ارادة العراقيين يفتح باب  تدخل    (حلف الامريكي البريطاني) المتضررين من سقوط النظام العراقي و اسقاط حلف بغداد حيث منذ 14 تموز 1958 دخلوا على خط للعمل بهدف اعادة الهيبة لتحالفهم التي اهانها  تغيير النظام في بغداد  وفي وقت مبكر فسر بعض المهتمين  من الكرد بمستقبل شعبهم  بأن ظهور كل هذه الاحداث نوع من سوء حظ الكرد لانهم شعروا  بامكانية استغلال قضيتهم (تحت عنوان الحق يراد به الباطل) لتدخل و لنشر الفوضى ليس في العراق بل في المنطقة  وكان في صفوف القيادات الكردية في تلك الايام وجود لاكثر من شخص  يشجعون ان لاتتجة الارادة القومية والوطنية الكردستانية الى التشنج  الى حد استغلالها من قبل (اتجاهي القومي المدني و بين العسكر) لاجبار الحكومة ان توجه ضربة للحركة القومية الكردية تكون نتيجته  استغلال الوضع من قبل القوى الخارجية و يقوي هيمنتها على العراق والمنطقة   انا شخصيا اطلعت  على كيفية  وجود هذا الاتجاه الكردي و بعض تفاصيل مناقشتها من قبل الجانب الكردي   في الجزء الثاني من مذكرات احد قادة  الجانب الكردي كان في موقع قيادي ومسؤول الراحل عبدالله اسماعيل وهو يتحدث بالتفصيل عن  الاختيارات  التي كانت امامهم لمواجهة التصرفات الرسمية التي كانت تتجه نحو تعقيد الوضع ويتحدث عن تفاصيل مناقشة العديد من الاختيارات للتصدي للموقف الرسمي الحكومي منها التوجه الى الضغط السياسي والمدني او التوجه الى الجبال لتحدي تراجع الحكومة على الالتزام بوعودها تجاه حقوق الكرد ضمن دولة العراق الجديد  بما فيه اشارته الى موقف المرحوم مصطفى البارزاني قائد الجانب الكردي في تلك المرحلة  بانه  في البداية كان يميل الى اختيار الحل السياسي والضغط على الحكومة بالمواقف المدنية  لتستجيب لمطالب الكرد بما فيه  الالتزام  بتطبيق المادة الثالثة من الدستور  اختيار الانتفاضة واختيار التوجه الى الجبال  في ايلول 1961 وقراءة صفحتها بدقة وموضوعية بعيدا عن العاطفة فقط  وصلنا الى القول وبوضوح ان هذه العملية اذا لم تكن اضرارها اكثر من مانفعنا منها   نرى انها متوازنه اومتساويه في الجانبين  واخطر من ذلك الاختيار هو الذي  فتح شهية الاعداء التاريخيين للحلم القومي الكردي للتوجه الى المخططات الجهنمية بحيث يؤدي  بالنتيجة الى انحرافها لكي لاتصل الى تحقيق الحلم  لذلك كانوا اسرع الجهات الذين تدخلوا في  هذه العملية وهم اول من زرع فيها بذور الانشقاق في وحدة الصف الكردستاني  ذلك الحدث الذي اصبح جرحا يجب ان لانخاف (طريقا للمعالجة) نعترف بان افرازاتها مستمرة حتىهذه اللحظة 5.

(4) فخ المعضلة

اتوقف على هام رقم (1)  في دراسة  (المعضلة الكردية في العراق ..) حول رسالة عبدالمحسن السعدون رئيس الوزراء الذي اوفده الملك فيصل الاول في حزيران 1925 لاستطلاع رأي أهالي سليمانية الذين كان المندوب السامي يدعي بأنهم يرفضون أن يكونوا جزءا من العراق الجديد  وفي تقريره للملك يقول إن كل وجهاء وتجار وأعيان السليمانية كانوا تواقين لكي يكونوا جزءا من دولة العراق  وأن يحلفوا يمين الولاء للملك  وانه اتفق معهم على توقيع مضبطة بهذا المفهوم في اليوم التالي  الا انه عندما التقاهم في اليوم التالي اخبروه بانهم غير قادرين على التمييز بين ما ينفعهم وما يضرهم فانهم يوكلون امرهم الى الضباط السياسيين البريطانيين ليتخذوا لهم القرار الصحيح …! .

من خلال قراءة هذا الهام وتحديدا السطرين الاخيرين  و في قراءة الوضع التأريخي المعقد لهذه الامة   تصادف الكثير منه  أتامل عميقا عن ما وراء السطور ومعانيه  وأتألم أكثر   لان هذه الوقائع بكل بساطة  يعني أن من خطط لتقسيم ارض الكرد و تفريق اهله اصر على ان يترك في النهاية وضع هذه الامة بشكل يبقى دون قدرة على تأسيس ارادة موحدة لتبقى مشتته لايرى ألا اذا مدد احد له اليد ولا احد يتعجب  أذا  أقول (أن حال امة العرب ذي اثنا وعشرين دولة) ليس بأحسن من حالنا  وينطبق عليهم وصف (بطل مسرحية كأسك يا وطن دريد لحام عندما يجيب  على والده الشهيد : رضينا ب 22 دولة ليكون لنا 22 صوت في الامم المتحدة ….!!!) وأتذكر الكلام المؤلم للصحفي الاشهر الراحل محمد حسنين هيكل في اخر حديثة لرئيس تحرير جريدة (السفير) قبل رحيله وهو يروي بحزن كيف أنه كلما يتذكر جلسة الوزيرين الفرنسي و البريطاني (سايكسبيكو ..)  يشعر بالخجل وهم يشربون مشروبات روحية ويضحكون و يمرحون و يقسمون ارض العرب بأسماء أمراء لاحول لهم ولا قوة تحت شتى العناوين رابطين مصيرهم بدولتيهم …. تاركين الشعوب لمصير مجهول رافعين شعارات (ضخمة) ومجروحين بعقدة تنفيذ وعد بلفور و…الاسطورة مستمرة في فصوله باتجاه الوحدة التى تعمق الفرقة …والله اعلم بالمصير  أن مراجعة تاريخ التصرفات الرسمية للحكومات (وهنا نراجع فقط  تجربة كوردستان الجنوبي – العراق -) يظهر امامنا أن التعامل الرسمي في العراق ومنذ تاسيس ما سمي بالحكم الوطني العراقي عام 1921  الى اندلاع ثورة ايلول 61 مع اهل كوردستان كانت تصرف ممكن وصفها بالمعتدل (ان صح التعبير)  لذا فان هذه الفرصة بنظر المعتدلين الكرد  مفيده للمرحلة القادمه في حياتهم من هنا  ‘اختاروا التعاون مع حكومة بغداد والعمل الدؤوب ضمنها لتحقيق طموحاتهم القومية بهدوء  منطلقا من هذا الاختيار توجة عدد غير قليل من الشخصيات القومية و الوطنية الكردستانية للعمل ضمن مؤسسات الحكومة الوليدة وفي مواقع مهمة وكانت قوتهم بمستوى  ضمن لهم القدره على  منع اي جهة رسمية غير الكردية يفكر بالتوجه الى اي عمل ضد الطيف الكردي ويضر بهويته القومية  بما فية كركوك كما أشرنا من البداية  من هنا كان ومنذ تاسيس الحكومة العراقية اصبحت بغداد مدينة امان للكرد  حتى بعد توجه القيادة الكردستانية الى الجبال في 1961  ولحد 2003  رغم تطرف الحكومات  المتعاقبة بعد انقلاب 1963   تاكيدا لهذه الحقيقة انه وعندما اعلن بدء الثورة 1961 وتم عسكرة اقليم كوردستان وفرض الحصار الاقتصادي علية  توجهت اعداد هائلة من كل الفئات الكردية واكثرهم من الميسوريين وشخصيات ذات الوزن الوطني والاجتماعي بعضهم كانوا يعملون في الدولة وفي مدن الاقليم   انتقلوا الى  بغداد وبينهم ايضا المثقفين والتجار من الوزن الثقيل لم يعودوا الى الاقليم الابعد 2003.

(5)  توجه الى تحقيق الحلم

كما اشرنا أن اتفاقية سايكسبيكو   قسم المنطقة عموما والكرد على وجه الخصوص  تقسيما شيطانيا  اصلاحه او تعديله كما نحن نحلم به من المستحيلات ..!! لذا نتعجب الى الان  ان البعض لايزال يعتقدون وفي غمرة الاحداث المتلاطمة في المنطقة تسفك فيها الدماء وينهدم فية البناء والاوطان يعتقدون ان هذا سيدفع الغرب عموما وفي المقدمة مصدر القرار للادارة الامريكية  لصحوة الضمير ويفكرون باتجاه الغاء سايكسبيكو ويمكن نحن الكرد ونتيجة لهذا التغيير ينفتح علينا الباب لتحقيق حلمنا في الاستقلال . الغرب لايقوم بهكذا عمل  وان ضمان كل استقرار او وحدة الموقف والارادة  لصالح اكثرية القوميات الرئيسية الاربعة في المنطقة (الكرد والعرب والفرس والترك) ليس في صالح استرتيجية الغرب والادارة الامريكية لان بكل وضوح هذا يعني تهديد مباشر للوجود الاسرائيلي  ونعتقد ان اقصى تغيير متوقع على المدى البعيد  يحصل بدعم من القوى الغربية في الشرق المتوسط  يكون في الوقت الذي يشعرون  وبتاكيد  ان هدفهم الاستراتيجي للهيمنه يواجة خطر حتمي وبالنتيجة ينتقل هذا الخطر الى الوجود الاسرائيلي  حينها ممكن ان  يحصل تعاون غربي لتغيير سايكسبيكو ولكن الى الاسوء  لكل طائفة دولة اوامارة او حكم ذاتي بمستوى الحكم الذاتي للفلسطينين المساكين ويحصل عند ذلك  صراعات  وحروب طويلة الامد كحرب (داحس والغبراء) …! ان البشرية الان  تقترب من نهاية مرور 18 عام من مئوية القرن الواحد والعشرين  ومنذ عقد التسعينات من القرن الماضي هناك سيول جارفة للاعلام والمصادر المعلوماتية الغربية يروجون لعصر العولمة  واهم واحد من هذه الشعارات او الدعوات المروج لها : التعاي المفتوح بين كل انواع بني البشر وبحرية  دون ان تسمحون ان يعرقل الانتماء الى المذهب والقومية وحتى الوطن حاجزا امامهم  واساس تحقيق هذا التعاي كما فعلوا يتحقق عن طريق السوق الحرة و التجارة الحرة مع ذلك ان اصحاب هذا النهج (السوق الحره و الحدود المفتوحه  و الانتماء الحر) وبمساعدة مجموعة من الزعماء القبليين في الخليج خططوا لتحويل مظاهرة جماهيرية مشروعة طالبت تغيير الدستور في سوريا ليمنع بشار الاسد ان يستمر في رئاسة الجمهورية  حولوا هذه المظاهرة الى حرب اهليه مجنونه هدم كل جدار موجود في ذلك البلد وتحول  البلد الى  بؤرة لعشرات الميليشيات وبعشرات الاسماء بين هذه القوى المتناحرة  استطاع الخيرين الكرد ان يحافظوا على خصوصيتهم وصانوا منطقتهم من عاصفة الارهاب المتنوع المنشىء والهدف  فتكالب ضدهم كل الجهات من جانب ومن جانب اخر ان محاولات الادارة الامريكية واضحة تلعب لعبتها الخبيثة معهم ويعتبرهم حلفاء مع ذلك تغض النظر عن الارهاب التركي و النظام ضدهم  في هذا العالم المليء بالفوضى  اكثرهم خطورة من صنع الكبار للتضحية بالصغار حسب تقيمهم لامور العالم من منظار الاحادي الجانب (حفاظ على قواتهم للهيمنه حيث المطلوب)  نحن الكرد قوم لاصديق لنا الا ارادتنا والجبل  اي خيارات لايضمن لنا شيء قبل ضمان وحدتنا لشدة وعمق الحس القومي بحيث اصبح مشروعا في حياته اليوميه ينمو في قلب وضمير وطموح  الانسان الكردي كشعب مع ذلك اطال الزمن علينا للوصول الى حلمنا   لاننا بوضوح مع هذا الكم الهائل من الشعور القومي لانملك ولحد الان مشروع قومي لنجعله طريقا وباصرار للسير نحوالهدف . خلال مراجعة صفحات الاتكسارات التي اصابة هذا الحس او المشروع في نفس الانسان الكردي وعندما تؤدي شراسة العدوانين ضد طموحهم و اخطاء الجهات التي تقود المسيرة الى فشل حركات النهوض القومي ان يكون التوجه باعلان الثورة المسلحة او حتى الانتفاضات المدنية في المدن  من خلال النظرة الانسانية للتاكيد على عمق الحس القومي عند المواطن الكردي اثناء حدوث تلك الانتكاسات بالامكان  ان ترى عشرات الصور ومشاهد الحزن والالم في وجوه مقاتلي الكرد الاشاوس (البيشمه ركه)  مع ذلك ان نفس الانسان المقاتل متألم عندما يعلم ببدأ عملية جديده على طريق النضال لتحقيق حلم الشعب  تراه يتطوع من جديد دون ملل على امل ان ياتي ظرف يؤدي  احدى محاولاته الى النتيجة المرجوة  امام هذه الحقيقة لانبالغ في القول : بين الامم والقوميات المضطهدة   ان الكرد (قاعدته الجماهيرية) نموذج متميز في عدم استعداه للتخلي عن حلمه القومي  ولكن المؤسف انه رغم وضوح هذه الصورة ولانه ليس لدينا المشروع القومي المنظم على اساس الارادة  الموحدة  لانملك هذا المشروع على المستوى القومي لكل الوطن الكردي بأقاليمه الاربعه  ولا في كل اقليم حسب بيئته السياسية  المرتبط بمركز القرار في الدولة التي ارتبط بها الكرد ‘ونعتقد بذلك اننا اصبحنا فعلا معضله ..!! من هنا نعيد ونؤكد قناعتنا حول قضية هذه الامة لنختتم بها رؤيتنا المتواضعة :  من المعلوم بعد ذكر هذه الاحداث المعقدة في قضية شعب مصيره في المنطقة كان ضحية تعاملات غير منصفة وغادرة للقوي المتنفذة في العالم والمنطقة  وهو يتعقد يوم بعد اخر نتيجة لتخبط وقع فيها قيادات الحركات القومية الكرديه في تعاملهم مع القوى المتنفذة اقليميا و دولياً وبالمقابل الموقف والتصرف العدواني دائما للقوى الحاكمة و المضادة لطموح الكرد القومية  وانحطاط مايسمى بالمنظمات الدولية المسؤولة عن مساعدة حرية الشعوب حيث تحولت هذه المنظمات ايضا الى اداة بيد الاقوياء من القوى الاقليمية والدولية  ليس امام الكرد  طالما لايتخلى عن طموحه المشروع إلا اختيارين كما تؤكد وقائع الاحداث  وكل من الاختيارين بحاجة الى شجاعة في المبادرة  وبطريقة موضوعية بعيدا عن العواطف المجردة بل ان تكون العقلانية سيد الموقف  وأشار اكثر من وطني كردي الى اهمية هذين الاختيارين  فاما ان يبادر القادة الكرد في وطنهم كردستان المقسم بشجاعة الى التوحد وتاسيس منظمتهم القومية واختيار وقت ومكان لانطلاق مع دعوة للعالم بما يريدون ليكونوا في مستوى المسؤولية لمواجهة الحدث  او يتفق قادة الاجزاء الاربعة بينهم ان يكون التعاون والعلاقة بينهم ينحصر في مجالات المشورة والبناء وينحصر نضال كل جزء ضمن بلده والتعاون مع القوى الوطنية في البلدان الاربعة للبناء وان يكون الكرد صاحب القرار وليس تابع و مطالب بالحقوق فقط  في الاختيار اي من الطريقين  فان توجه الى القاعدة الشعبية في كوردستان الكبرى او كل اقليم على حدة  ضروري  للتاثير العملي المباشر على الرأي العالمي والاقليمي حتى اذا استوجب اضرابات مدنية شاملة  ككاتب كردي وفي ظلمات هذا الوضع الذي تعيشه شعوب المنطقة ارى ان المقترحين في ظل اللعبه التي تلعبها القوى الظالمة و عملاء تلك القوى وتجار السياسة ومافيا لصوص ثروة المنطقة يدخلان ضمن دائرة الاحلام بعد ان وصل كل جهة كردية  (مع كل الاسف) الى وضع لارجعة فيها باتجاهات التناحر  ولكن … لاضير ان نحلم …

مشاركة