أين رسائل أدبائنا؟

أين رسائل أدبائنا؟
عوّاد ناصر
هل أخذت وسائل الاتصال الحديثة فن الرسائل من فنوننا وألقت به بعيداً ليصبح من مخلفات الماضي ؟
قد يكون لتقاليدنا المتزمتة وعاداتنا المحافظة أثر كبير على حجب رسائل أدبائنا، ولكن محرراً حاذقاً بإمكانه البحث عن، وجمع، الرسائل الشخصية ونشرها بعد أن يشطب الأسماء التي قد تحرج أصحابها أو صاحباتها، ليتمتع القراء بأحد أجمل فنون الكتابة وأكثرها حرارة الرسائل الشخصية.
يجد القارئ لصق هذا العمود مقالاً جميلاً تطوعت في إرساله، مشكورة، السيدة سلوى الجراح لصفحة قراءات وهو قراءة في الجزء الثالث لرسائل الشاعر الشهير ت. س. إليوت، أي هناك جزءان سابقان منه، وهو ما يثير سؤالنا الخاص برسائل أدبائنا العراقيين والعرب.
الأدباء والفنانون هم أكثر الناس حساسية أزاء المرأة وعشقها والتغني بها في أشعارهم ورسائلهم وأحاديثهم الخاصة، وكم كان أستاذنا بدر شاكر السياب مبالغاً بقوله ديوان شعري كله غزلُ» بين العذارى راح ينتقل وهو أكثر الناس فشلاً في الحب والغرام. ولم يصلنا منه عاطفياً شيء يذكر، إلا إشاعات وتقولات وادعاءات سواء منه أو من كانوا قريبين قريبات منه.
لكن وصلتنا رسائل السياب في كتاب حرره ماجد السامرائي، ويكاد هو الكتاب الوحيد في أدب الرسائل قبل أن ينشر صديقنا محمد سعيد الصكار رسائل إلى الصكار ومنه قبل عام تقريباً، والكتابان يضمان رسائل بين كتاب وشعراء لم تتعد هموم الإخوانيات وبعض مشاكل الكتابة والنشر، أي أنها تخلو من رسائل الحب .
هل كان شعراؤنا وأدباؤنا يكذبون في رومانسياتهم الشعرية واختراع الأسماء المستعارة وأقنعة الرموز وهم يرسمون تلكم النساء الأخاذات في نصوصهم؟
هل كانوا، مثل سائر الناس، يتكتمون على من يهوون خضوعاً لتقاليد وعادات عمادها المحرم وجوهرها الممنوع؟
الشعراء والفنانون بما هم عليه من حساسية شعورية وفطنة تعبيرية، أكثر الناس جدارة بالعشق والتعبير عنه في رسائل عشق لمن أحبوهن من النساء، والأمر، هنا، لا علاقة له بالإنترنت ولا بانفجار المعلومات، فأشهر عاشق عربي قيس بن الملوح أكان شخصية حقيقية أم وهمية شهر عشقه ونادى به في البوادي والبطاح.. ومات مجنوناَ شهيد حبه.
في الغرب ثمة الكثير من الرسائل الأدبية والغرامية التي تباع، حتى اليوم، في المكتبات وفي سوق الكتب القديمة، كما في لندن، وأبطالها عشاق شهيرون مثل نابليون وموتزارت وبتهوفن وأوفيد و شوبان حبه لجورج ساند وريلكاه مع لو سالومي، والأمثلة كثيرة.
عربياً، ثمة رسائل مشابهة، لكنها نادرة الشاعرة فدوى طوقان والناقد أنور المعداوي .
عباس محمود العقاد احب بصمت ومن طرف واحد لكنه أذاع غرامياته في نصوص رومانسية وقصائد، رغم أن الرجل ضعيف شعرياً لكنه كتب رسائل خاصة لمي زيادة التي عرف عنها أنها أحبت جبران خليل جبران لكن لم يؤكد الخبر مصدر مستقل كما يقول الصحفيون.
غرضي ليس استعراض تجارب الشعراء والفنانين العرب والأجانب إنما هو إثارة سؤال يخص أدباؤنا وفنانينا العراقيين الكبار الذين لم نعثر لهم على رسائل سواء في الأدب أو الحب أو السياسة أو…
أين رسائل الجواهري ومعروف الرصافي وبدر السياب وجواد سليم ومصطفى جمال الدين وغائب طعمة فرمان وحسين مردان وبلند الحيدري وسعدي يوسف ويوسف الصائغ وفؤاد التكرلي وغيرهم كثيرون من أجيال سابقة ولاحقة؟
أين رسائل نزار قباني الذي اشتهر بقصائده الغزلية التي أوحت للقراء بأنه عاش حياة صاخبة في الحب وسواه، وما يزال هذا الجانب مثيراً للجدل، لا يعلمه إلا الله والقريبون من الشاعر الغزلي الشهير؟
ألم يبعث أحدهم برسالة حتى إلى بنت الجيران ؟
/6/2012 Issue 4232 – Date 23 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4232 التاريخ 23»6»2012
AZP09