أين ذهبت أموال العراق ؟
دليل لايقبل الطعن
في زمن اختلط الأبيض فيه بالأسود، وكانت الغلبة دوماً لمن يملك إعلاماً أكثر، ولمن يتحكم بالموارد التي توصل المعلومة إلى الجمهور، وفي وقت ظلت طيبة شعبنا تستصعب أن يقدم الحاكم معلومات مظللة، بل ظل حسن الظن الذي يلتزم به شعبنا الكريم، والطيبة التي يتسم بها في تقبل المعلومة، وفي وقت ظلت الرغبة في تهمة الآخر في تحمل المشاكل وعدم توجيه النقد للذات والنأي بها عن المسؤولية، والعيش في ظل عقلية المؤامرة والتآمر التي يلتزم بها الحكام لتصوير المشاكل التي تنجم عن حكمهم، فهم دائما مظلومون وهناك دائما من يظلمهم!!
في البداية نشير إلى إن مجلس النواب قد أقر الموازنات التالية في الأعوام 2006ـ2009 وهي مجموع الفترة التي حكم بها السيد المالكي:
1 ـ في عام 2006 صوّت المجلس على موازنة مقدارها 50 تريليون و900 مليار دينار عراقي. مع العلم إن التريليون يساوي ألف مليار، والمليار يساوي ألف مليون.
2 ـ في عام 2007 صوّت المجلس على موازنة (51،7) تريليون دينار.
3ـ في عام 2008 صوّت المجلس على مبلغ إجمالي مع التكميلية مقداره (86،6) تريليون دينار.
4ـ في عام 2009 صوّت المجلس على موازنة قدرها (69،1) تريليون، عدا ما أتاح المجلس للحكومة من الاقتراض بنظام سندات الخزينة. أي بما مجموعه للسنوات الأربعة (258،3) تريليون دينار.
ولو استقطعنا من كل المبالغ المصاريف التي لا علاقة لها بحكومة السيد المالكي وهي مبالغ إقليم كردستان ورئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب وغيرها من الدوائر غير المرتبطة بالحكومة، فإن مجموع المتبقي هو ما يقرب من (228) تريليون دينار أي بما يزيد على (194،8) مليار دولارا.
وهذا المبلغ لو قسناه بالكثير من موازنات الدول لاسيما دول المنطقة ما عدا بعض دول الخليج، فإنه يبقى مبلغاً خياليا جداً، وهو قطعاً لم يعط لأي حكومة سابقة من حكومات العراق، وهنا يشعر مجلس النواب إنه أدى مسؤوليته بشكل كبير ووفق الإمكانات المتاحة تجاه قاعدته الشعبية، إذ إن مجلس النواب ليس كما يتوهم الكثير من الناس مسؤولاً تنفيذياً عن الخدمات التي تُعطى للمواطن، كما كان يحاول الإعلام الحكومي أن يزرع ذلك في عقول المواطنين منذ أكثر من 3 سنوات مضت وبشكل متعمد، فهذه المسؤوليات كلها مسؤوليات الوزراء والمحافظين وفي مقدمة الجميع رئيس الوزراء، أما مجلس النواب فواحدة من مسؤولياته الأساسية والكبرى هو إقرار الموازنة المالية العامة بعد أن تأتيه من رئاسة الوزراء، وتوفير صلاحية إنفاق المال من الموارد الحكومية المتجمعة لدى وزارة المالية، ثم مراقبة عمل الحكومة في أعمالها، وهذا هو الذي أداه طوال هذه المدة.
ولو حللنا هذه المبالغ فسنجد وفقاً لقوانين الموازنة الاتحادية إن المحافظات كلها فيما عدا محافظات كردستان قد خصصت لها مبالغ بمقدار (16،9) تريليون لم يطلق منها مبلغ (5 تريليون ديناراً) فقط في عام2008، وكل هذه الأموال كانت بيد السيد المالكي قبل أن يسلم قسم منها إلى مجالس المحافظات.
أما بقية المبالغ فهي كالتالي:
قطاع الكهرباء والنفط فقد خصص لهما ما يقرب من (24،98) تريليون ديناراً له من أموال الموازنات الأربع!
قطاع الأمن (أي وزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات ومكتب القائد العام للقوات المسلحة) فقد تم تخصيص مبلغ (42،7) تريليون دينارا له!.
قطاع وزارة التربية فقد خصص لها مبلغ (11،3) تريليون دينارا له!.
البطاقة التموينية وقد خُصّص لها مبلغ (22،1) تريليون دينارا فقط!.
قطاع التعليم العالي خُصّص له مبلغ (5،4) تريليونا ديناراً فقط!!.
قطاع الصحة خصص له مبلغ مقداره (10،7) تريليون ديناراً!
قطاع البلديات (وزارة البلديات) فقد خصص له مبلغ (3،2) تريليون ديناراً.
وهكذا بقية القطاعات الخدمية والعامة.
ونحن نتساءل: هل كانت هذه المبالغ قليلة لكي يشكو السيد المالكي وباستمرار من تآمر مجلس النواب عليه؟! أو اتهامه لبعض النواب الذين استمروا ينادون بتحسين أداء الحكومة في خدماتها المقدمة للمواطنين بأنهم قذرون وإنهم عملاء لأجندات أجنبية!!؟
ونحن نعلم إن بعض هؤلاء النواب كانوا من المعروفين بشدة صرامتهم في المطالبة بحقوق المواطنين، ولم يستسلموا رغم شن حملات دعائية شعواء عليهم، بل لم يأبهوا بها أصلا، وظلوا يطالبون الحكومة بأن تبذل عنايتها بالمواطنين، وهم يتحدثون كأنهم في أول أيامهم في البرلمان.
وهل يا ترى إن هذه المبالغ لم تك لتكفي ما يمكنه تحسين أوضاع الكهرباء أو الصحة أو البطاقة التموينية أو النفط أو الأمن أو التعليم أو قطاع شبكة الحماية الاجتماعية أو التربية أو تحقيق فرص عمل أكثر للعراقيين؟
وكم هو مبلغ المنح الدولية التي دخلت في مجال مساعدة المؤسسات الحكومية لتكون أموالاً رديفة للموازنات المذكورة سلفاً؟ والذي يجب أن تضاف لها.
يمكن للمواطن أن يسمع من السياسيين الكثير من التصريحات التي يشرّق بعضها ويغرّب بعضها الآخر، ولكنه معني اليوم في أن يدقق أي السياسيين يقدّم معلومات مضللة وأيهم يتحدث بصدق ومرارة عن آلام المواطن ومعاناته، بالرغم من إن الجميع يحاول أن يتحدث باسمه عن تلك المعاناة والحرمان!! فللأسف الشديد بات الكذب سلعة رخيصة يتشدق بها بعض السياسيين وتردده من بعده قنوات التملق الحكومي بلا أي احترام للحقيـــــــــــقة، وبأدنى قدر من المسؤولية.
ونحن نقدّم دليلاً مرشداً لكي يستطيع المواطن أن يكون دقيقاً في أحكامه، وذلك من خلال مطابقة الواقع مع هذه الأرقام، وما يؤلم جداً إن المواطن لو دقق هذه الأرقام بما حصل عليه في الواقع فإنه لن يجد إلا حقيقة مؤلمة واحدة، وهي إن هذا المال العظيم لم يدخل في عالم خدماته إلا بمقدار ضئيل جداً.
فحينما يعلم المواطن إن أكثر من 21 مليار دولار قد تم تخصيصه خلال السنوات الأربعة لوزارة النفط (الدكتور حسين الشهرستاني)، ووزارة الكهرباء (الدكتور كريم وحيد)، ولم يتمكن الوزير الشهرستاني أن يحفر بئراً واحداً جديداً للعراق، بل تمكنت وزارته التي ظلت أمثولة في أبشع فساد شهده القطاع النفطي من أن تطمر أكثر من 380 بئراً لغاية عام 2008، وحينما يعلم المواطن إن الوزارة لم تشيّد أي مشروع ستراتيجي، أو نصف ستراتيجي، فمن حق المواطن أن يتساءل أين المال الذي تم إنفاقه على وزارة النفط؟
نعم الوزارة قالت بدأنا بمشاريع، ولكن غالبيتها كانت حبراً على ورق، أو أنها كانت من مشاريع الاستثمار وليس من المال الحكومي، أذن أين ذهبت الأموال؟
أما الكهرباء التي حولت العراق إلى أضحوكة في العالم لعدم وجود دولة أنفقت على الكهرباء كل هذه المبالغ ولم يتمكن مواطنها أن يتنعم بنعمة الكهرباء في الصيف اللاهب أو في الشتاء القارس لساعات قليلة، بل كانت الحكاية برمتها قصة مترامية الأطراف عن الفساد المستشري في كل أروقة صرف المال الذي استلمه الوزير وحيد، ويكفي المواطن أن يحس بحجم الغصة حينما يعرف إن كل ميغا واط من الكهرباء في السوق العالمية تبلغ (850 ألف دولار) منصوبة وجاهزة، مما يعطي المواطن الحق في أن يتساءل أين الأحد عشر مليار دولار التي سلمت من البرلمان للحكومة ومنها للوزير، فعلى الأقل كان يمكن أن يتنعم بما لا يقل عن 8000 ميغا واط، والحقيقة المرة التي يتعامل معها المواطن هي أن مجموع ما تم انجازه في وزارته هي ما لا يزيد على 650 ميغا واط فقط، وقسم منه استثمار أي لا علاقة له بأموال الحكومة، ولهذا فمن الطبيعي أن نعود مع المواطن لنسأل أين ذهبت الأموال؟
وأين هيَ الكهرباء؟
وتعالوا لكي نتساءل عن ذلك.. حينما يهجم علينا الحر في الصيف اللاهب؟ ماذا سنحصل يا ترى؟ هل حصلنا سابقاً على أكثر من وعود وعهود لم تعطينا أية قدرة على التصديق؟
امنية السامرائي- بغداد
AZPPPL