أول زيارة للمبعوث الأممي دي ميستورا لعيون الصحراء قبيل تقرير تشرين الاول

الرباط‭- ‬عبدالحق‭ ‬بن‭ ‬رحمون‭ ‬

أعلنت‭ ‬الأمم‭ ‬المتّحدة‭ ‬أنّ‭ ‬مبعوثها‭ ‬إلى‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية‭ ‬ستافان‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬وصل‭ ‬الإثنين‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬العيون‭ ‬لإجراء‭ ‬مشاورات‭ ‬‮«‬مع‭ ‬كلّ‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬زيارة‭ ‬له‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬المتنازع‭ ‬عليها‭ ‬منذ‭ ‬تعيينه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭. ‬وجاء‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬العيون‭ ‬قادما‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬الرباط‭ ‬،وكان‭ ‬في‭ ‬إستقباله‭ ‬والي‭ ‬جهة‭ ‬العيون‭ ‬الساقية‭ ‬الحمراء‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬بيكرات‭ ‬ورئيس‭ ‬جهة‭ ‬العيون‭ ‬الساقية‭ ‬الحمراء‭ ‬ورئيس‭ ‬جماعة‭ ‬العيون‭ ‬حمدي‭ ‬ولد‭ ‬الرشيد‭ . ‬وقالت‭ ‬المنظّمة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬إنّ‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬‮«‬ينتظر‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر‭ ‬إجراء‭ ‬زيارات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وعقد‭ ‬لقاءات‭ ‬مع‭ ‬كلّ‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬قبل‭ ‬نشر‭ ‬تقرير‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬زيارة‭ ‬المبعوث‭ ‬الشخصي‭ ‬للأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لنزاع‭ ‬الصحراء،‭ ‬ستافان‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬إلى‭ ‬العيون‭ ‬والداخلة،‭ ‬أوضح‭ ‬أحمد‭ ‬الصلاي،‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬الجهوية‭ ‬المتقدمة‭ ‬والحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬بجهة‭ ‬الداخلة‭ ‬وادي‭ ‬الذهب‭ ‬ورئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أتحاد‭ ‬الشباب‭ ‬الافريقي‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬بإفريقيا‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬‮«‬‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬سياق‭ ‬التطور‭ ‬التنموي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬تعيشه‭ ‬ساكنة‭ ‬الصحراء،‭ ‬وتقييم‭ ‬مساهمة‭ ‬المغرب‭ ‬جديا‭ ‬لالتزاماته‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة‭ ‬بالقدر‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬و‭ ‬السلم‭ ‬الدوليين‭.‬‮»‬

وسجل‭ ‬الصلاي،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬الذي‭ ‬يقوده‭ ‬العاهل‭ ‬المغربي‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬‮«‬شكل‭ ‬انتصارا‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬الناجعة‭ ‬والمتبصرة‭ ‬التي‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬تحصين‭ ‬المكتسبات‭ ‬بخصوص‭ ‬القضية‭ ‬الوطنية،‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬فرض‭ ‬واقع‭ ‬جديد،‭ ‬يعزز‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه،‭ ‬العملية‭ ‬السياسية،‭ ‬نحو‭ ‬حل‭ ‬نهائي،‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬مبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية‭ ‬كحل‭ ‬واقعي‭ ‬ومستدام‭ ‬لهذا‭ ‬النزاع‭ ‬المفتعل‮»‬‭.  ‬كما‭ ‬تطرق‭ ‬الصلاي‭ ‬أن‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الجديد‭ ‬‮«‬لتنمية‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬مداخل‭ ‬تعزيز‭ ‬وتحصين‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬لتحقيق‭ ‬تنمية‭ ‬شاملة،‭ ‬بأبعادها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والبشرية،‭ ‬ومندمجة‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬جهاتها‭ ‬نموذجا‭ ‬وطنيا‭ ‬وجهويا‭ .‬‮»‬‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬آخر،‭ ‬كشفت‭ ‬تقارير‭ ‬لحزب‭ ‬التجمع‭ ‬الوطني‭ ‬للأحرار‭ ‬المغربي‭ ‬بجهة‭ ‬الداخلة‭ ‬وادي‭ ‬الذهب،‭ ‬حصيلة‭ ‬إنجازاته‭ ‬بالمنطقة‭ ‬خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬ترأس‭ ‬المنسق‭ ‬الجهوي‭ ‬للحزب‭ ‬حرمة‭ ‬الله‭ ‬محمد‭ ‬الأمين‭ ‬والتي‭ ‬تشمل‭ ‬جميع‭ ‬المرافق‭ ‬الحيوية‭ ‬التي‭ ‬ستؤسس‭ ‬لإصلاحات‭ ‬عميقة‭ ‬وشاملة‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬لمدينة‭ ‬الداخلة‭ ‬وستجعلها‭ ‬مدينة‭ ‬منافسة‭ ‬ولها‭ ‬جاذبية‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسياحية‭ ‬لاقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬كبرى‭ ‬وجلب‭ ‬مستثمرين‭. ‬وأضافت‭ ‬أنّ‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬يأمل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تدفع‭ ‬قدماً‭ ‬بطريقة‭ ‬بنّاءة‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬حول‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية‮»‬‭. ‬ولم‭ ‬توضح‭ ‬الأمم‭ ‬المتّحدة‭ ‬في‭ ‬بيانها‭ ‬كم‭ ‬ستستغرق‭ ‬زيارة‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬بحسب‭ ‬مراسلنا‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬يعقد‭  ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬لقاءات‭ ‬مع‭ ‬ممثلي‭ ‬السلطات‭ ‬المحلية‭ ‬والمنتخبين‭ ‬وشيوخ‭ ‬وأعيان‭ ‬القبائل‭ ‬الصحراوية‭. ‬وفعاليات‮ ‬‭ ‬مدنية‭ ‬محلية،‭ ‬حيث‭ ‬يرتقب‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬اللقاء‭ ‬فرصة‭  ‬سانحة‭ ‬لممثلي‮ ‬‭ ‬الساكنة‭ ‬للتأكيد‭ ‬على‭ ‬تمسكهم‭ ‬بمبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬تحت السيادة‭ ‬المغربية‭.‬كما‭ ‬ستكون‭ ‬مدينة‭ ‬الداخلة‭ ‬المحطة‭ ‬الثانية‭ ‬له‭ ‬حيث‭ ‬سيلتقي‭ ‬شيوخ‭ ‬قبائل‭ ‬المدينة‭ ‬يليها‭ ‬لقاء‭ ‬خاص‭ ‬بسلطات‭ ‬الداخلة‭.‬‮ ‬

ومنذ‭ ‬تعيينه‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬202،‭ ‬أجرى‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬أول‭ ‬جولة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬حين‭ ‬زار‭ ‬الرباط‭ ‬وموريتانيا‭ ‬والجزائر‭ ‬وتندوف‭.‬‮ ‬‭ ‬وفي‭ ‬مطلع‭ ‬تموز‭/‬يوليو،‭ ‬توجه‭ ‬دي‭ ‬ميستورا‭ ‬إلى‭ ‬الرباط‭ ‬للقاء‭ ‬مسؤولين‭ ‬مغاربة‭ ‬لكنّه‭ ‬تخلى‭ ‬عن‭ ‬زيارة‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭.‬

والصحراء‭ ‬الغربية‭ ‬مستعمرة‭ ‬إسبانية‭ ‬سابقة‭ ‬تعتبرها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬غير‭ ‬متمتعة‭ ‬بالحكم‭ ‬الذاتي‮»‬‭. ‬وهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬موضع‭ ‬خلاف‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وجبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭.‬‮ ‬

وتسيطر‭ ‬الرباط‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬80‭% ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬وتقترح‭ ‬منحها‭ ‬حكماً‭ ‬ذاتياً‭ ‬تحت‭ ‬سيادتها،‭ ‬فيما‭ ‬تدعو‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬إلى‭ ‬إجراء‭ ‬استفتاء‭ ‬لتقرير‭ ‬المصير‭ ‬برعاية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬نصّ‭ ‬عليه‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المبرم‭ ‬عام‭ ‬1991‭.‬

وقطعت‭ ‬الجزائر‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬2021‭ ‬بسبب‭ ‬الخلافات‭ ‬العميقة‭ ‬حول‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية‭ ‬والتقارب‭ ‬الأمني‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وإسرائيل‭. ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2022‭ ‬دعا‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬استئناف‭ ‬المفاوضات‮»‬‭ ‬للتوصّل‭ ‬إلى‭ ‬حلّ‭ ‬‮«‬دائم‭ ‬ومقبول‭ ‬من‭ ‬الطرفين‮»‬‭.‬

لكنّ‭ ‬الجزائر‭ ‬تعارض‭ ‬استئناف‭ ‬المفاوضات‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬موائد‭ ‬مستديرة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬نظّمها‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬السابق‭ ‬الرئيس‭ ‬الألماني‭ ‬الأسبق‭ ‬هورست‭ ‬كولر‭ ‬الذي‭ ‬استقال‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬إحرازه‭ ‬نتائج‭ ‬تذكر‭.‬

وعقدت‭ ‬آخر‭ ‬طاولة‭ ‬مستديرة‭ ‬في‭ ‬ربيع‭ ‬2019‭ ‬بحضور‭ ‬المغرب‭ ‬والبوليساريو‭ ‬والجزائر‭ ‬وموريتانيا‭.‬

ومن‭ ‬المقرّر‭ ‬أن‭ ‬يصوّت‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬المقبل‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬بشأن‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية‭.‬

مشاركة