توقيع
فاتح عبد السلام
لا معنى أن تعيش في غرفتك النظيفة في منزل يشبه المزبلة. كذلك لا معنى لبيت واحد نظيف وسط مدينة من الركام والأوساخ ، كما لا معنى لبيت وحيد آمن وسط مدينة يأكلها الخوف والتفجيرات والمفخخات والمليشيات ،
حتى لو كان ذلك البيت محاطاً بأسوار من الحواجز الكونكريتية وأبراج المراقبة والقناصين .
الناس في المدن الباحثة عن حياة أفضل يفكرون في اليوم التالي كيف سيكون ، ليس من حيث تحصيل الرزق والعمل لكن من حيث القدرة على تنمية مساحة الفضاءات التي تتنفس منها المدن المزدحمة مزيداً من الهواء الطلق .
المدن تقاوم في العالم نزعة الزحف الكونكريتي مهما توسعت ومهما علا شأنها ، كل شيء يخضع لضوابط ، في بريطانيا حديقة المنزل ضعف مساحة بناء المنزل في أقل تقدير للبيوت الصغيرة أما الكبيرة فحدائقها عشرون وثلاثون ضعفاً أكبر من مساحة بناء المبنى السكني نفسه.
في باريس قبل يومين ، وفي يوم عطلة الأحد استجاب الناس بمحبة وحرص على جعل باريس تعيش يوماً كاملاً من دون سيارات في الشارع إلا النقل العام الذي لايؤثر على تلوث البيئة . ببساطة اكتشف الفرنسيون ان الحياة ممكنة من دون مركبات ، ربما تحتاج الى اعادة برمجة مصالح الناس مع وسائط النقل العام لكن ذلك ممكن تنفيذه بدرجة معقولة وليست تامة .
ذلك إنّ القصد من تلك الخطوة الفرنسية كان رمزياً ويبعث برسالة مفادها انه هذه هي مدينتنا وعاصمتنا نريد أن تكون دائماً ذات هواء صاف ،لأن حياتنا فيها، وليس أسباب موتنا . وكأنّي أسمعهم يقولون لا نريد أن نكون كما في العواصم العربية التي نالت مرتبة أسوأ مدن للعيش في العالم قبل أيام ، ويعز عليّ ذكر أسمائها لأن التاريخ لن يرحم الذين وسّخوها، وحين تنظف منهم ستعود من أفضل مدن العيش في العالم وسنفتخر بذكرها وانتسابنا لها.
رئيس التحرير
fatihabdulsalam@hotmail.com
لندن