أنصار إردوغان يصلون الليل بالنهار لإقناع الناخبين بالتعديلات الدستورية

نتائج‭ ‬محتملة‭ ‬للاستفتاء‭ ‬تتجه‭ ‬الى‭ ‬تعزيز‭ ‬صلاحيات‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬تركيا

اسطنبول‭- ‬توركان‭ ‬اسماعيل‭ ‬

تصوت‭ ‬تركيا‭ ‬الأحد‭ ‬في‭ ‬استفتاء‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬دستوري‭ ‬يوسع‭ ‬سلطات‭ ‬منصب‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬اردوغان،‭ ‬ويمكن‭ ‬للنتيجة‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭.‬يبذل‭ ‬مؤيدو‭ ‬التعديلات‭ ‬الدستورية‭ ‬لتعزير‭ ‬صلاحيات‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬والمعارضون‭ ‬لها‭ ‬الجمعة‭ ‬آخر‭ ‬المحاولات‭ ‬لاقناع‭ ‬الناخبين،‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬وقف‭ ‬الحملات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالاستفتاء،‭ ‬فيما‭ ‬ارتفع‭ ‬منسوب‭ ‬القلق‭ ‬الأمني‭ ‬مع‭ ‬اعتقال‭ ‬خمسة‭ ‬اشخاص‭ ‬يشتبه‭ ‬بأنهم‭ ‬جهاديون‭. ‬وتوقعت‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬بحذر‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬نتيجة‭ ‬متقاربة‭ ‬لاستفتاء‭ ‬الأحد،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الأفضلية‭ ‬الملحوظة‭ ‬لحملة‭ ‬التي‭ ‬تأمنت‭ ‬ل»نعم‮»‬‭ ‬بالنسبة‭ ‬للامكانات‭ ‬وساعات‭ ‬البث‭.‬

وسيجري‭ ‬الاستفتاء‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قانون‭ ‬الطوارىء‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬فرضه‭ ‬الصيف‭ ‬الماضي‭ ‬بعد‭ ‬محاولة‭ ‬الانقلاب‭ ‬الفاشلة،‭ ‬والذي‭ ‬شهد‭ ‬اعتقال‭ ‬نحو‭ ‬47‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬عملية‭ ‬قمع‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تركيا‭.‬

ويرى‭ ‬المراقبون‭ ‬في‭ ‬الاستفتاء‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تركيا‭ ‬المعاصر‭ ‬لن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬ايضا‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭.‬

والاستفتاء‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬بعد‭ ‬94‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬مصطفى‭ ‬كمال‭ ‬أتاتورك‭ ‬لتركيا‭ ‬الحديثة،‭ ‬قد‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬وعملية‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬الأكراد،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الديناميكية‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭. ‬وهناك‭ ‬خمس‭ ‬طرق‭ ‬بإمكان‭ ‬الاستفتاء‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬اعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬تركيا‭ ‬وهي‭ ‬كالتالي‭: ‬تعزيز‭ ‬سلطات‭ ‬اردوغان‭ ‬أم‭ ‬اضعافه؟‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬صوت‭ ‬غالبية‭ ‬الأتراك‭ ‬بـ»نعم‮»‬،‭ ‬ستتعزز‭ ‬سلطات‭ ‬اردوغان‭ ‬وسيصبح‭ ‬بإمكانه‭ ‬تعيين‭ ‬وزراء‭ ‬وإقامة‭ ‬بيروقراطية‭ ‬كاملة‭ ‬متمركزة‭ ‬في‭ ‬القصر‭ ‬الرئاسي‭. ‬ويخشى‭ ‬معارضوه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭ ‬سيفتقد‭ ‬إلى‭ ‬مبدأ‭ ‬فصل‭ ‬السلطات‭ ‬الذي‭ ‬يميز‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬الأميركي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤسس‭ ‬لحكم‭ ‬الرجل‭ ‬الواحد‭. ‬وسيتم‭ ‬تطبيق‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭ ‬اعتبارا‭ ‬من‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬2019،‭ ‬عندما‭ ‬تجري‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬والتشريعية‭ ‬بشكل‭ ‬متزامن‭.‬

ومع‭ ‬اعادة‭ ‬ضبط‭ ‬الساعة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬النظام‭ ‬الجديد،‭ ‬قد‭ ‬يتمكن‭ ‬اردوغان‭ ‬الذي‭ ‬انتخب‭ ‬رئيسا‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬أعيد‭ ‬انتخابه‭ ‬من‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬لفترتين‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2029‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬2024‭.‬

ويقول‭ ‬آلان‭ ‬ماكوفسكي‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬التقدم‭ ‬الأميركي،‭ ‬إن‭ ‬النظام‭ ‬الرئاسي‭ ‬الجديد‭ ‬‮«‬سيجمع‭ ‬السلطات‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬رجل‭ ‬واحد‭.‬‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬خطاباته‭ ‬الحماسية‭ ‬الداعية‭ ‬لدعم‭ ‬النظام‭ ‬الجديد،‭ ‬لم‭ ‬يقر‭ ‬اردوغان‭ ‬بإمكانية‭ ‬تصويت‭ ‬الأغلبية‭ ‬بـ»لا‮»‬‭ ‬ولم‭ ‬يعط‭ ‬أدنى‭ ‬إشارة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لإعادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬مستقبله‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الامتيازات‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬بها‭ ‬حملة‭ ‬‮«‬نعم‮»‬‭ ‬سيشكل‭ ‬رجوح‭ ‬كفة‭ ‬‮«‬لا‮»‬‭ ‬ضربة‭ ‬قوية‭ ‬لموقعه‭ ‬كزعيم‭ ‬تركيا‭ ‬القوي‭. ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاوروبي‭ ‬أم‭ ‬الابتعاد‭ ‬عنه؟‭ ‬ساءت‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬أنقرة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مرشحة‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬منذ‭ ‬مدة‭ ‬طويلة،‭ ‬وشركائها‭ ‬في‭ ‬التكتل‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬منذ‭ ‬الاستفتاء‭ ‬فيما‭ ‬انتقد‭ ‬اردوغان‭ ‬دولا‭ ‬اوروبية‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬تصرفاتها‭ ‬تذكر‭ ‬بممارسات‭ ‬ألمانيا‭ ‬النازية‭.‬

وقال‭ ‬اردوغان‭ ‬إن‭ ‬محاولة‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ستبقى‭ ‬‮«‬على‭ ‬الطاولة‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬الاستفتاء‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬خطاب‭ ‬خلال‭ ‬الحملة‭ ‬أنه‭ ‬سيوقع‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬يعيد‭ ‬العمل‭ ‬بعقوبة‭ ‬الإعدام،‭ ‬في‭ ‬تحرك‭ ‬سينهي‭ ‬فورا‭ ‬فرص‭ ‬بلاده‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬التكتل‭.‬

ويشير‭ ‬مارك‭ ‬بيريني‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬كارنيغي‭ ‬أوروبا‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تكتيكات‭ ‬التسلط‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬بحق‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بشكل‭ ‬متواصل‭ (…) ‬لأهداف‭ ‬سياسية‭ ‬محلية‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬حدودها‭ ‬القصوى‭.‬‮»‬

وكان‭ ‬اردوغان‭ ‬أول‭ ‬زعيم‭ ‬تركي‭ ‬يطلق‭ ‬محادثات‭ ‬سلام‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬الكردستاني،‭ ‬مما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭.‬

ولكن‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬الكردستاني‭ ‬انهار‭ ‬عام‭ ‬2015‭. ‬

ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬شن‭ ‬اردوغان‭ ‬حملة‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬لتدمير‭ ‬التنظيم‭.‬

وفي‭ ‬حال‭ ‬التصويت‭ ‬بـ»نعم‮»‬،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬يتبنى‭ ‬اردوغان‭ ‬موقفا‭ ‬تصالحيا‭ ‬حيال‭ ‬‮«‬المسألة‭ ‬الكردية‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬إعادة‭ ‬فتح‭ ‬الحوار‭.‬

وأكد‭ ‬المحلل‭ ‬أصلي‭ ‬ايدنتاسباس‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الاوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬حال‭ ‬فاز‭ ‬بـ‭+‬نعم‭+ ‬بفارق‭ ‬ضئيل،‭ ‬فإنه‭ (‬الرئيس‭) ‬قد‭ ‬يشعر‭ ‬بأنه‭ ‬مضطر‭ ‬لاتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬تصالحي‭ (…) ‬قد‭ ‬تعود‭ ‬تركيا‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭.‬‮»‬

مشاركة