أنا ونادي السرد – علي إبراهـيم الدليمي
كان العقد السبعيني من القرن الماضي من أهم العقود التي مر به المشهد الثقافي في العراق، حيث الإنفتاح العام على المشهد الثقافي العالمي في الأجناس الأدبية والفنية عموماً.. وكانت (مطابع) وزارة الثقافة والفنون حينذآك تصدر مئات العناوين القصصية والروائية لمبدعين عراقيين، ظلت منجزاتهم خالدة حتى هذه اللحظة..
والحمد لله، انني واكبت تلك المرحلة بدقائقها وخصائصها ومبدعيها، وأنا دون سن المراهقة، كان همنا كيف نقرأ ولمن نقرأ.. وما زلت أحتفظ بكثير، من بعض ما صدر من المجاميع القصصية لرواد القصة العراقية، ومنها مجموعة (منزل العرائس) للقاص والروائي الكبير (أحمد خلف) حفظه الله ورعاه.
لم ألتق بالأستاذ أحمد خلف، منذ أن صدرت مجموعته هذه، سنة 1978 بسبب الظروف اللعينة والمتواصلة التي تعصف بالبلد.. يوماً بعد أخر.. حروب عبثية وحصار دولي سخيف، ونكبات دائمة كثيرة لا تعد ولا تحصى، وظل من هواجسي العديدة أن ألتقي بأحمد خلف الإنسان، لأني قد ألتقيت به مبدعاً من خلال كتاباته المتواصلة.
مساء يوم الأثنين الماضي، كانت لنا فرصة ثمينة ورائعة جداً، قدمها لنا مشكوراً نادي السرد في الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، حينما أستضاف الأستاذ أحمد خلف، في جلسة مسائية رائعة، تحت عنوان (طقس الكتابة السردية) التي حضرها نخبة متميزة من المثقفين، وقد أدارها بجدارة القاص الحصيف خضير الزيدي، فيما أسترسل الروائي أحمد خلف، بالحديث عن مسيرته الطويلة.. وفي دروسه العميقة في طقوسه الخاصة في كتابتة للقصة والرواية.. بعدها كانت نقاشات وحوارات مكثفة مفتوحة ما بينه والحضور.. وقد فاجئت أستاذ أحمد خلف وأنا أرفع مجموعته (عرائس المنزل) المحتفظ بها، منذ أكثر من خمسة وأربعون عاماً بين الحاضرين، وأطلب منه أن يوقعها لي!!
الروائي أحمد خلف منذ أكثر أربع سنوات وهو معتكف تماماً عن العالم، همه الوحيد يسابق الزمن لكي ينتج إبداع متميز، بعيداً عن كل الظروف الطارئة، ولكنه يعيش هماً إنسانياً وهو يرى البلد كيف يعيش المأساة.. وقد تمخض هذا الإعتكاف عن صدور عدد من الروايات الإنسانية التي لها هماً مشتركاً مع المجتمع.
شكراً لنادي السرد، الذي قدم لنا هذه الفرصة الثمينة على طبق من ذهب، وقد أدخل السرور العميق في قلب ونفسية أستاذنا الكبير أحمد خلف، الذي شاهدناه مسروراً جداً، رغم ظروفه المتعبة، وهو يشكر كل من حضر هذه الأمسية، بالأسماء..
بل شكر النادي لأنه أخرجه من بيته بعد هذه المدة الطويلة، بل كانت فرحتنا نحن عشاقه أكبر وأعمق وأسع لأننا تعلمنا من طقوسه الخاصة شيئاً جديداً.. سنتخذها نحن الأدباء مشاريع في كتاباتنا القصصية القادمة إن شاء الله.