أمين مجلس الأمن القومي الإيراني من أصل عربي ظل مخلصاً للإصلاحيين
شمخاني كسب صداقة منتظري خلال نفيه إلى الأهواز
طهران ــ يوسف عزيزي
عين الرئيس الايراني حسن روحاني، علي شمخاني امينا عاما للمجلس الاعلى للامن القومي الايراني وذلك بديلا لسعيد جليلي الذي تولى هذا المنصب منذ العام 2007 وحتى الآن. ورأس جليلي المفاوضات مع الدول المعروفة ب 5 1 حول الملف النووي الايراني وقد ترشح للانتخابات الرئاسية لكنه فشل امام روحاني.
ولد علي صالح شمخاني في مدينة الاهواز في اقليم عربستان خوزستان فارسيا ذات الاغلبية العربية وينتسب الى عشيرة الشماخنة التابعة لقبيلة بني ربيعة. وهو متزوج من زوجة فارسية وله اربعة ابناء وخريج كلية الزراعة من جامعة الاهواز غير انه حصل على ماجستير في الادارة بعد قيام الثورة. وقد كون علي شمخاني في اواخر عهد الشاه وعشية الثورة الايرانية، علاقات مع احد قادة الثورة الاسلامية اية الله المنتظري الذي كان منفيا في الاقليم. وقد انتسب في هذه الفترة الى مجموعة دينية مسلحة سرية في مدينة الاهواز، قامت ببعض العمليات العسكرية المناوئة لنظام الشاه. وبعد قيام الثورة انخرط شمخاني في العمل الامني والعسكري حيث اصبح قائدا لقوات لجان الثورة الاسلامية في اقليم عربستان. وقد لعب دورا في قمع الحركتين القومية العربية والمعارضة الناشطة انذاك في الاقليم. وفي ربيع 1979 اختلف شمخاني مع الادميرال احمد مدني قائد القوات البحرية ومحافظ اقليم عربستان حول اساليب القمع ضد الشعب العربي الاهوازي الذي كان يطالب بحكم ذاتي لاقليم عربستان وشكا امره الى مرشد الثورة الراحل اية الله الخميني. كما يشهد بعض نشطاء المعارضة الذين كانوا مسجونين في اوائل الثمانينات في سجن ايفين بطهران انه كان من المحققين مع الكوادر الهامة لاحزاب المعارضة وخاصة اليسارية منها. وساهم علي شمخاني في تأسيس قوات الحرس الثوري الايراني وكان اول قائد لهذا الحرس في اقليم عربستان، ومن ثم قائدا للقوات البرية التابعة للحرس الثوري ونائب القائد العام لقوات الحرس الثوري الايراني.
وفي الحرب العراقية ــ الايرانية 1980 ــ 1988 قاتل في صفوف الحرس الثوري ضد القوات العراقية، وشهد مصرع اثنين من اشقائه في تلك الحرب هما حميد ومحمد. وقد زاد هذه الامر من رصيده لدى السلطات الايرانية التي تنظر عادة بريبة الى العرب في ايران. وقد اصبح وزيرا لقوات الحرس الثوري في عهد ميرحسين موسوي عندما كانت وزارة بهذا الاسم . وفي عهد رفسنجاني 88 ــ 1997 عينه علي خامنئي القائد العام للقوات المسلحة الايرانية، قائدا لقوات البحرية للجيش والحرس الثوري. وعمل وزيرا للدفاع في عهد خاتمي لمدة ثماني سنوات 97 ــ 2005 . وفي عهد احمدي نجاد عينه المرشد الاعلى علي خامنئي عضوا في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية ورئيسا للمركز الاستراتيجي للقوات المسلحة الايرانية. وجهد الاميرال شمخاني خلال توليه قيادة قوات البحرية الايرانية لتحديث البنية العسكرية لهذه القوات وذلك بتطوير الاسلحة والتكتيكات والعمليات المشتركة بين القوتين البحريتين التابعتين للجيش والحرس الثوري.
وقد منحه ملك السعودية عبدالله بن عبدالعزيز، عندما كان وليا للعهد، اعلى وسام حكومي وهو وسام عبدالعزيز بسبب دوره لازالة التوتر وتطوير العلاقات بين الدول العربية الخليجية وايران. هذا ما تم الاعلان عنه رسميا لكن في الواقع يظهر الامر مدى التعلق العاطفي للملك عبدالله بن عبدالعزيز للشعب الاهوازي حيث وصف في لقاء له مع احد البرلمانيين الاهوازيين في الرياض قبل اعوام هذا الشعب ب ابناء العم . ولا ننسى العلاقات الحميمة بين الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن مؤسس المملكة العربية السعودية والامير خزعل بن جابر حاكم مملكة عربستان في اوائل القرن العشرين. علي شمخاني والشعب العربي الأهوازي. فرغم التزام والده المرحوم صالح الشمخاني بزيه ولغته وثقافته العربية، لم يتحدث علي شمخاني العربية بطلاقة بل تتجلى علائقه العربية بارتداء الدشداشة احيانا عندما يزور مسقط رأسه الاهواز. وفي انتفاضة الشعب العربي في نيسان 2005 التي اندلعت احتجاجا على سياسات النظام الايراني لتغيير النسيج السكاني لاقليم عربستان، حاول الادميرال شمخاني ان يلعب دورا وسيطا بين السلطة والجماهير المنتفضة، غير انهم رفضوه برميه بالحجارة والطماطم عند ما حاول زيارة احد معاقل الانتفاضة اي حي الدايرة في الاهواز. ويشكك الأهوازيون في حياده بسبب ماضيه غير انه حاول ان يغير من نهجه عندما كان وزيرا للدفاع في حكومة خاتمي ويقترب من الاصلاحيين لكنه لم يقطع علاقاته مع المرشد الاعلى علي خامنئي. كما وخلافا لزميله السابق في قيادة الحرس الثوري الجنرال محسن رضائي وهو ايضا بختياري من شمال عربستان، لم يحاول الادميرال علي شمخاني تكوين علاقات واسعة ومتينة مع نشطاء الشعب العربي الاهوازي بل ولم ينبس ببنت شفة للاحتجاج على عمليات القمع التي يتعرض لها النشطاء العرب المسالمون في الاقليم. وقد انحصرت هذه العلاقات مع مقاولين وتجار عرب اهوازيين فقط. ولم يبن اي مركز ثقافي او مدني للشعب الذي ينتمي اليه بل اكتفى بحسينية تقام بها المآتم الحسينية في شهر محرم وصفر. وفي الحقبتين الاخيرتين انشق العديد من زملائه العرب الأهوازيون عن السلطة التي انتموا اليها اوائل الثورة بل وتعرض البعض منهم للضغوط بسبب انتمائه القومي العربي او الاصلاحي. لماذا تم تعيين شمخاني لهذا المنصب المهم؟ ويبدو ان الرئيس الايراني حسن روحاني، وبتأييد من خامنئي ــ يرمي الى عدة اهداف بتعيينه شمخاني امينا عاما للمجلس الاعلى للامن القومي وهو اعلى واهم مؤسسة ترسم الاستراتيجيات الامنية للبلاد. اولا ــ ارضاء الاصلاحيين، حيث خول المرشد الاعلى علي خامنئي المجلس الاعلى للامن القومي القيام بالنظر في موضوع قادة الحركة الخضراء المحتجزين في بيوتهم ميرحسين الموسوي وزهرة رهنورد ومهدي كروبي. ثانيا ــ تعيين شمخاني، مهندس تحسين العلاقات الايرانية السعودية عندما كان وزيرا للدفاع في فترة حكم الرئيس محمد خاتمي والحائز على وسام عبدالعزيز ، رسالة واضحة من روحاني على رغبته في تحسين العلاقات مع السعودية وازالة جميع العقبات التي تؤثر على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وسبق لشمخاني عندما كان وزيرا للدفاع ان وقع الاتفاقية الامنية نيابة عن بلاده مع السعودية في الرياض والتي لعبت دورا مهماً في ازالة العديد من العوائق بين البلدين، خاصة في الجانب الامني. وهذا يظهر ان الدبلوماسية الايرانية تعرف كيف ان تستخدم العنصر العربي الاهوازي في الحكومة لصالح اهدافها القومية. ثالثا ــ يتم هذا التعيين في اطار البرنامج الانتخابي لحسن روحاني القائم على اشراك القوميات غير الفارسية ومنحها المناصب في الحكومة. ولهذا الامر تاثير نفساني فوري على الشعب العربي الاهوازي لكنه لم يحل المشكلة القومية المتمثلة بالاضطهاد القومي للعرب في ايران. بل يبدو ان حركة الشعب العربي الاهوازي السياسية والثقافية والمدنية في الداخل والخارج هي التي ارغمت الحكومة الجديدة ان تقوم بهذه الخطوات بل وقبلها ايضا كان احمدي نجاد يتفاعل معها باعمال شعبوية مثل ارتداء الزي العربي في الاهواز وماشابه ذلك. فهذه الحركة نفسها التي ادت بالادميرال شمخاني ان يرتدي الزي العربي عندما يزور الاهواز وهو الذي كان يكن العداء لها بعد قيام الثورة الاسلامية في ايران. لقد ادى علي شمخاني واجبه ازاء النظام الايراني منطلقا من معتقدات ايديولوجية ومصالح مادية لكن لم يؤد واجبه تجاه الشعب الذي نما في احضانه. وتذكرنا نسبة علي شمخاني مع النظام المؤدلج في ايران بحيدر علييف الرئيس السابق لجمهورية أذربيجان ونسبته مع النظام السوفيتي السابق مع بعض الفروق طبعا.
AZP02