أميلي‮ ‬وإنتصار وأنا – نصوص – عبد العزيز الحيدر

أميلي وإنتصار وأنا – نصوص – عبد العزيز الحيدر

حين كنت معتكفة بين أوراقك…بالكاد كنت وهما أو صفارة لقطار يمرق في جوف الليل… لم يكن لقاؤنا محتملا حول موقد الألم, فانا سأولد بعد جوقة من أزهار الغيب التي كانت تتهدل على شباكك المفتوح دوما …أما ثالثتنا فقد كانت في المياه التي تسقي قرية نائية…وأحيانا كثيرة تخرج ليلا إلى الغابة لتعلق غسيلها ,حيث تحيط بها الأشباح البيضاء…, كنت صغيرا لا أنام إلا بعد أن افرغ راسي من مياه الرعب, وحتى الساعة العن الموصد والمظلم ….أميلي كانت تأخذني الى المدرسة عبر حقول البيبون الأصفر… فيما كان كلبها..كانت تقول عنه انه فاتح الشهية الصباحية للسباحة في الشمس…كلبها كان يتقدمنا مغنيا بذيله المبتور …يتقدمنا ثم يعود حاثا لنا على توسيع الخطو …..أميلي كانت فقيرة الجسد ولا تتناول الفطور يوم لا يهبط الوحي عليها صباحا…. او تنتابها كآبة الكلى وهي كانت تقول انها تشفق على قدمي الصغيرتين فتغسلهما بهمهمة غريبة تنهيها بضحكة في الهواء باتجاه الغابة…اذكر ذات يوم انحرفت بي في الطريق..قلت ببرأة طفل ..ليست هذه طريق المدرسة…قالت اعلم.., ولكننا اليوم لن نذهب الى المدرسة..ساخذك في نزهة بعربة سمائية..سترى النجوم وتمسك السمكة وتهز الذئب من ذيله عقابا له… لأنه سرق كعكات الجدة..ذهبنا ام لم نذهب…الى الآن ما زالت صورة حصانين من نور خالص تراودني …حين صرخت انتصار أول صرخة بوجه الدنيا…كانت أميلي قد ذهبت بعيدا من زمن بعيد…وانا كنت شابا في الجامعة ادرس قراءة الكف كان بوسعي ان اذهب وراء النجوم ولكن شعرا قصيرا مجعدا ووجه اسمر نحيل قد أخذا مني كراسة الشعر… فصارت قصيدتي تغني للون الأصفر ….همست في أذن الحلم ….أميلي أمسكت سمكة من زعنف مضطرب, القت به نحو خوفي الذي كان مايزال برعما قلقا ودعتني ان امسك بالتمرد ..لم افهم مرامها…انتصار كانت قريبة…. واقفة على جسر ترسمه مفتتح كل شهر بتدرج من تدرجات البنفسجي..سألتها أميلي, ان كانت ترغب بالركوب معنا …ارتعبت الصغيرة…فرت الى الغابة وهي تنشج في بكاء متواصل…بكيت انا الآخر فقد كنت طفلا ومشروعا لقصيدة فقط…قالت والان انت..ما الذي اثار غضبك… كنت طيبا الى الآن …نظرت جهة الشمس..واصلت..أتدري…أنا راحلة عما قريب وانت ستغدو شابا ثم رجلا بشارب غليظ ثم شيخا كبير السن وعندها سأزورك…لا تنس ذلك.. وحسنا فعلت بالدموع فهذه التي هربت الى الغابة هي ابنتي وستلتقيان كثيرا فاحرص عليها ولا تدعها في الغابة لوحدها…………كنا انا وانتصار في وداع أميلي وهي تغادر مع صديق مجهول بعربة الحصانين المذهبين في صباح مشرق بالأزرق البهيج الى حيث الأبدية الخالية من الدموع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 أميلي ديكنسن شاعرة أمريكية توفيت عام 1830 تعتبر اشهر شاعرة في القرن لتاسع عشر

عاشت في عزلة .. مع اختها وأمها .. رغم أنها كانت امرأة حيوية .. لكنها فضلت الانسحاب من الحياة العامة حتى انطفأت شعلتها .. متأثرة بـمرض .. أصاب كليتيها.

كانت ” اميلي ” تفضل كتابة العالم عن بعد فـانسحبت عنه لـتتأمله بعد وفاتها .. اكتشفت قصائدها المخبوءة والتي بلغت 1775 قصيدة

** انتصار دوليب شاعره امريكية من اصول سعوديةومصرية وتركية دكتوراه علوم سياسية(—- – —)

مقيمة في امريكا تكتب بوجدانية عالية وصوفية نقية تثير في قصائدها الذهول والدهشة وتتــــــغلغل في عمق النفس البشرية.

مشاركة