أليس منكم رجل رشيد ؟ – علي الشكري

أليس منكم رجل رشيد ؟ – علي الشكري

المتتبع لحوادث العراق بعد سنة 2003 يجدها فتن واضطرابات وتطاحن وتناحر وتدافع وتهديدات وارهاب وفشل وبطالة وكساد وتهريب للأموال وتخريب للاقتصاد ، وكل ذلك منسوب للشيعة حكام ومديرون ومحكومون ورجال دين ، الحاكم فاسد ، المدير فاشل ، المحكوم خانع ، رجل الدين دجال ، وغيرهم مهمش مظلوم مقهور مغصوب حقه . باسم الشيعة يُحكم العراق وشريكهم براء ، وبحكم منصبهم الاول يُنسب اليهم الخراب والإقصاء ، وثلثي المناصب السياديه يتقاسمها الغرماء  ، واليهم يعود الفشل وتراجع المكانة الدوليه وتهريب الاموال ، وباقي المتصدون من خراب العراق بعداء . ويقيناً أن المنصف الذي عاش المرحلة بمخاضاتها وهم قلة ، يلحظ أن أكثرهم للحق كارهون ، يعلمون علم اليقين أن الشيعي واجهة ، والشريك يتقاسم ، والتآمر قائم ، والتخريب مخطط ، والفوضى مقصودة مدروسة ، وإلا هل حكم الشيعة بنظام الحزب الواحد ؟ وهل ساد في عهدهم نظام أمر الرئيس القائد ؟ وهل تحولت محافظاتهم الى عمار وباقي المحافظات خراب ودمار ؟ وهل تحولت الصناعة الى ارضهم والزراعة الى بساتينهم والتجارة الى خزانات رجالتهم ؟ وهل استحوذوا على البعثات وتسيدوا في الطبيات واستحكموا بالتكنلوجيات  ، كما فعل من حكم على مدى نصف قرن من الزمان . وهل تفرد ساستهم بكتابة الدستور ، وارتجل قادتهم القرار ، واعتدى عسكرهم على الجار وأبن الدار ؟ ألم يتقاسم أبناء الوطن سنة وكورد المناصب مذ خلق المحتل أول المؤسسات الدستورية التي أسست للتحاصص ؟ ألم يكن الوزن الانتخابي أس اسناد المنصب ، والانتماء الطائفي مبنى اعتلاء السدة ، والانحدار القومي حاكم الشراكة والتقاسم . اليس منكم رجل رشيد يسأل لماذا ناصب الأقليم بعربه وجواره ، الحاكم الجديد العداء ، القطيعة قائمة ، التمثيل الدبلوماسي موقوف ، التبادل التجاري مقطوع ، العضوية في المظلة العربية معلقة . هل التباكي على من رحل ؟ أم الأسف على من احتل وهدد واجتاح وأرّق وهتك وسرق ونهب وتجاوز المحظورات ؟ وربما كانت العلة في آلية التغيير ؟ ، وهل منكم من اعتّلت علاقته بالمحتل ؟ أم منكم من شاكسه وشاكله وتخالف معه قبل احتلال العراق  ؟ ألم يتسابق المقاطع في إقامة القواعد العسكرية للمحتل ؟ وهل ممن قاطع العراق وناصب حكامه العداء من لم يلهث وراء التطبيع مع الكيان الغاصب ؟ أليس منكم رجل رشيد يسأل لماذا كانت تشرين وحراكها شيعية شيعية ؟ شعب شيعي انتفض على حاكم شيعي فأسقطه ؟ وبقي عرش الشريك سالم معافى لم يمسسه التغيير ؟   اليس منكم رجل رشيد يسأل لماذا كان الحراك التشريني في مدن الوسط والجنوب ، فلم تنجو  أي منها من تعطيل الدوام ، ولم تكن فيها مؤسسة أو هيأة أو منشأة في منأى من الحرق والمس والاقتحام ؟ اليس منكم رجل رشيد يسأل هل اقتصر الفساد والفشل والخراب وتراجع العمران وقلة الخدمات على مدن الشيعة دون مدن الشركاء ؟ أم كانت مدن الشركاء ربيع اخضر  ومدنية متنامية ، ومثال عمراني ، وانموذج لطهارة اليد ، وعفة النفس ، ورفاه المواطن  ؟ اليس منكم رجل رشيد يسأل لماذا الخلاف الذي أعقب انتخابات تشرين 2021 شيعي شيعي ، شيعي يتظاهر على شيعي ، وشيعي يرد على شيعي ، وشيعي يناكف شيعي ، وشيعي يهدد شيعي ، وشيعي ينقسم على شيعي ؟ أليس منكم رجل رشيد يسأل من المتضرر من الخلاف الشيعي الشيعي ؟ أليس منكم رجل رشيد يسأل لماذا تدافع الاقليم من أجل وحدة صف الشريك ، ولم يستضيف أحد منهم قادة الشيعة لتصفية الخلاف ، وتنقية الأجواء ، ورأب الصد ، وتوحيد الصف ؟ أليس منكم رجل رشيد يسأل في ساحة من سينزل خراج الخلاف البيني الشيعي ؟ هل في خراج الوطن فيكون بعد حكمهم سالم سعيد ؟ أم سيكون الدم الشيعي ماء يروي غابة من تعطش للخلاف كي ينمو ويزدهر ويقطف الثمار ؟ ويقيناً أن المتتبع لتاريخ حكم سيد الزاهدين وامام المتقين ، باب مدينة العلم ، القاضي الذي لا قسط بشري بعد قسطه ، ولا شجاع يداني سيفه ، يجده عهد فتن وشقاق وتآمر ودسائس ، لا لشيء الا لأن الحاكم علي ( عليه السلام ) ، والا فليس لمنصف أن يقول أن عهد التاليين أكثر عفة وقسطاً وعدلاً وطهارة . وبالقطع أن ذلك ليس دعوة لتنزيه المتصدي اليوم ، ولا ادعاء بنظافة يده ، أو قولاً بكفاءة متصديه ، أو اعتقاداً بقسط القائمين على قراره ، لكن على المنصف اليوم أن يسأل من علّم الحاكم على استباحة المال العام ؟ ومن وفّر البيئة الامنة لمن افسد وخرّب وهرّب ؟ ومن حما المال المهرب من المساس ؟ ومن سهّل تهريب ثروة المقهور ؟ ومن يعمل اليوم على شق الصف وتعميق الخلاف وتصعيد الازمة ؟ أليس منكم رجل رشيد يدعو الى الحكمة والموعظة الحسنة ، فيسدي النصيحة للقائم المتصدي ، إما وحدة صف بمعروف ، أو النزول عن الحكم للشريك بإحسان ، فالدم حرمة ، والحفاظ عليه امانة ، وصيانته واجب ، وسيذكر التاريخ أن الشيعة حكموا فأحسنوا ، أو تنازلوا فحفظوا ، وبالقطع أن المنصف سيسجل لكل موقفه وسعيه ودعمه ،  فلم يكن سلفنا الصالح من الائمة الاطهار ساعٍ لحكم أو متطلع لتصدي ، أو مقبل على دنيا ، فإما أن نكون خلف لخير سلف ، أو مجرد اتباع بالاسم والانتساب ، والناس على دين ملوكهم ، فقد خلّد التاريخ لعلي ( عليه السلام ) مواقفه ، ولمن تآمر على حكمه دسائسه .

مشاركة