فاتح عبدالسلام
ما حاجة العرب إلى جيوش؟
سؤال لا يفسره إلاّ هذا السباق الهائل الذي تسعى إليه تلك الجيوش للتسلّح، وتسخير موارد الشعوب بما يمس رغيف الخبز أحياناً لتمويل صفقات مليارية.
في لبنان، الجيش لا يحل ولا يربط فهو أضعف من قوات حزب اللّه. وحين تنفذ إسرائيل عملياتها الجوية فوق بيروت لا يتمكن الجيش اللبناني من إطلاق رصاصة نحوها. والجيش اللبناني يمكن أن تتلاعب به قوى سياسية محلية وإقليمية من دون أن يشعر، كأنْ يزج به في معركة مثل نهر البارد ليستنزف من خلال تنظيم مخابراتي صغير يدعى فتح الإسلام اتخذ من المخيمات السكنية دروعاً بشرية ومراكز للتجمع. وربّما أوجدوا للجيش اليوم دوراً وطنياً في الفصل بين درب التبانة وجبل محسن في طرابلس في أحسن الأحوال.
في سوريا، الجيش منذ زمن طويل يكدس السلاح الثقيل، استهلك قسماً منه في لبنان والمخيمات الفلسطينية قبل أن ينسحب من لبنان. والآن يستخدم ما بقي من ترسانته في قتال المدن السورية المنتفضة على النظام السياسي حيث تؤدي صواريخ سكود ودبابات تي 72 مهمات السلاح اليدوي الخفيف.
في العراق، الجيش هو محض مليشيات مدموجة، قام البرلمان الوطني مؤخراً بالطلب من حلف الأطلسي بتدريبه بعد عشر سنوات على حل الجيش السابق. والعراقيون لا يعرفون هدفاً على لائحة الجيش سوى المهمات التي تجري داخل المدن وأغلبها مداهمات عشوائية. الجيوش العربية الأخرى لا سيما في الخليج هو مصدر رزق لمصانع الأسلحة في الولايات المتحدة وأوربا.
السلاح الذي تمتلكه الجيوش العربية عبء عليها، فهو سلاح قاصر لا يسقط طائرة إف I 6 تملكها إسرائيل أو تركيا ولا توجد آليات لاستخدام ذلك السلاح إلاّ في داخل البلدان العربية. التحالفات العربية مع الدول الكبرى هي تعويض للجيوش الزائدة عن الحاجة لولا مهمات قمع التمردات على الحكام والأنظمة المحنطة.
كل جيوش العالم تبتكر السلاح على وفق حاجاتها وأسرار عملياتها، إلاّ العرب يستوردون حتى خبراء تشغيل منظومة الصواريخ والرادار، ويظنون أنَّ لهم أسراراً عسكرية عليا.
جيوش العرب للقمع الداخلي، وللوقاية من غدر الأشقاء في دول الجوار ولتصريف أسلحة المصانع الدولية الكبرى أو للتحالفات مع مليشيات من أجل ضمان أمن الحاكم. ليس لجيوش العرب مهمات أخرى أبداً.
AZP20