أطوار .. ما هي .. وماذا تعني ؟
أولاً : أطوار (1) لغوياً هي “جمع طور”بمعنى جيل ،أو هيئة أو مرحلة، أو دور من أدوار حياة الإنسان في النشأة الأولى… وبهذا المعنى جاءت الآية الكريمة”14” من سورة نوح.
((مالكم لا ترجون لله وقارا (31) وقد خلقكم أطوارا (14)
وتفسير أطوار في هذه الآية الكريمة توضحه الآية (5) من سورة الحج:
((ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثمَ من نطفةٍ ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ مخلقةٍ لنبين لكم ونقرُ في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يردُ إلى أرذل العمر لكيلا يعلمَ من بعدِ علم شيئاً)).
ثانياً: أطوار .. مؤسسيا: هي منظمة مدنية تعنى بشؤون الثقافة والصحافة، وتهتم بأعمال الخير وتقديم المساعدات الإنسانية ، كما هو واضح من عنوانها. هذه هي أطوار حياة الإنسان في النشأة الأولى.
2- أطوار الثقافة:
ومثلما لحياة الناس أطوار فللثقافة أطوارها ، ونعني بالثقافة تهذيب الشخصية الإنسانية والسير بها إلى أقصى درجات الكمال … في الأدوار الأول للثقافة كان المثقف العراقي قبل عشرات الآلاف من السنين يساهم في مناقشة قضايا خلق الكون والإنسان وتفسير الظواهر الطبيعية والإحداث اليومية ويوثق انطباعاته بشأنها على شكل منحوتات وتماثيل وماشاب ذلك ، وعندما اخترع الكتابة بأشكالها الأول “الصورية والمسمارية” أخذ يوثق نتاجه الثقافي الذي أستحق انتزاع إعجاب العالم في بناء أول مجتمع متحضر وفي مقدمة المجتمعات السبعة الكبرى المتحضرة على حد تعبير مؤرخ علم الاجتماع”رشتون كولبورن” في مؤلفه الموسوم تاريخ أصل المجتمعات المتحضرة في العالم”.. وعلى خلفية هذا الطور المتقدم في الحياة الثقافية في بلاد وادي الرافدين كانت بغداد مؤهلة لأطوار متقدمة في الثقافة في العصر العباسي عندما أصبحت بغداد حاضرة الثقافة العالمية ومنها وفيها أضاء إشعاع الثقافة العراقية ربوع الدنيا يوم لم تكن أمريكا بعد، وكانت أوربا في عصر الظلمات وابتداء ً من عام 1258 جابهت الحياة الثقافية العراقية طور التحدي لثقافة الغزاة والمحتلين خاصة الأليخاني (( 1258 – 1338)) والجلائري(( 1338- 1411)) لكنها مرت بفترة السبات امتدت من عام (( 1411- 1821)) وخلال عهود الخروف الأسود، والخروف الأبيض والفترة الصفوية والفترة القلقة من الاحتلال العثماني..
ثم بدأت الثقافة العراقية بالتململ من طور السبات الطويل خاصة بعد أن تهيأت لها الوسائل… ونقصد بالوسائل هنا الطباعة ولوازمها حيث تأسست في بغداد أول مطبعة حجرية عام 1821 لصاحبها محمد باقر التفليسي، ثم تلتها أول مطبعة آلية عام 1830 .. لتنشط الحياة الثقافية من جديد وتضيف أطواراً إبداعية بعد صدور أول نظام للمطابع والمطبوعات عام 1864.
3- أطوار الصحافة:
لم تكن الصحافة بأطوارها التي هي عليه الآن وهو (( السلطة الرابعة)) بل كانت في طور نشأتها الأولى مجرد أداة للحاكم ينشر فيها أوامره وزواجره ونواهيه التي يوجهها رعاياه الذين يسوسهم حيثما يشاء ويريد.. كما كانت جريدة الزوراء التي أسسها مدحت باشا عام 1869. ومن ثم وجدت لها آفاقاً أخرى بالتطور بعد صدور مجلة أكليل الورد في بغداد 1902، وصحيفة التفكير- ومجلات زهيرة بغداد، والإيمان والعمل ،عام 1904 وصدور جرائد ، بغداد،العراق، الرقيب،الإرشاد، الانقلاب، التعاون ، الروضة، الحقيقة، صدى بابل، الزهور، بين النهرين، سبيل الرشاد، مصباح الشرق ومجلات تنوير الأفكار، وخردلة العلوم، ولغة العرب، والترائب عام 1910، وصدور جرائد الأسرار ، أفكار عمومية ويكي مودة، النوادر، البلبل، والمنبر عام 1911 وفي العهد الملكي عبرت الصحافة العراقية عن رفضها للانتداب البريطاني من خلال المقالات التي تحرض الناس على رفضه وهو مادفع بالحاكم الملكي العام وكالة في العراق إلى فرض الرقابة عليها وتعطيلها – حيث منعت السلطات البريطانية إصدار أية جريدة سياسية باستثناء جريدة العرب والأوقات البصرية وجريدة الموصل ، ثم ظهور طور جديد من الصحافة العراقية هو صحف الأحزاب ن وفي العهد الجمهوري بلغ عدد الصحف والمجلات “69” مطبوع وفي عهد النظام المخلوع اختزلت أطوار الصحافة في طور واحد هو الطور الذي ينشر أوامر وزواجر ونواهي ومغامرات القائد الضرورة فقط، وما عدا ذلك وظف بالبروباغندا السياسية للنظام.
4- أطوار الحياة الخيرية:
النشأة الأولى لطور أعمال الخير تبدأ بالطيب من القول ((وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا على صراط الحميد)).((24)) من سورة الحج.
ثم تقديم يد العون وتعليمه لمن لا يعلمه وفي ذلك يرقى العالم إلى أوصاف الملائكة ويذكر حيث يذكر الله جل وعلا(( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلمِ قائماً بالقسطِ لا إله غلا هو العزيز الحكيم))18/آل عمران وقول نبينا(ص) في الحديث الشريف (( من علمني حرفاً ملكني عبداً)) وقول الإمام علي (ع) تعلموا العلم فمن تعلمه حسنه ومدارسته تسييح والبحث فيه جهاد وتعليمه لمن لايعلمه صدقه وهو عند الله لأهله قربه(( مصباح البلاغة في مشكاة الصياغة)).
5- أطوار حقوق الإنسان:
الحق يعني الوجود الثابت ، وهو نقيض الباطل حيثما وجد.
والحق” كما أرى”كائن حي رديف لخلق النفس الانسانية وان الغاء هذا الكائن أو المس بوجوده الثابت يعني إغتيال إرادة الله في خلقه أو أبطال علة وجودها ومن هنا جاء في الآية “32/المائدة”قوله تعالى(( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)).
ويعتبر الإنسان العراقي أول من مارس حقوقه المدنية وحدد علاقته بالسلطة على قدر ما تضمنه له من ممارسة تلك الحقوق ، فقد كان الفرد في العراق القديم يدين للسلطة إذا كانت بالمقابل تقوم بتقديم الخير الاجتماعي لصالح هذا الفرد،((ذ.الطعان- الفكر السياسي في العراق القديم)). وقد أدرك حمورابي ((1792- 1775)) ق.م أسرار تمسك الفرد العراقي بممارسة حقوقه ومن أجل تلك وثق منظومة حقوق الإنسان في شريعته وفيها تقول (( إنه من سعادة الحاكم أن يتملك المواطن بيتاً وبستاناً وبقرة حلوب)) وبهذا النص أقرت شريعة حمورابي الركائز الأساسية لمنظومة حقوق الإنسان وهي حق الحياة في مقر دائم وآمن وحق آمن وحق الرأي)). ويقيناً أن منظمة أطوار قد وضعت هذه المنظومة منهجاً لفعالياتها من أجل مد جسور التواصل الحضاري بين ماضي العراق وحاضره ومستقبله خاصة بعد أن توفر المناخ السياسي والتشريعي الصحي بعد زوال النظام ومن أجل ذلك.
بدر جبار عريبي – بغداد
AZPPPL