نوران (العراق)-(أ ف ب) – في باحة مستوصف ميداني قرب الجبهة الشرقية للموصل، يحيط أطباء أكراد يرتدون سترات بيضاء بشخص مصاب ممدد على نقالة وضعت على الارض.
تحت شمس حارقة، يئن المقاتل العراقي الكردي الجريح من الالم، وقد غطت الدماء وجهه بعد ان اصيب بشظايا إثر انفجار سيارة مفخخة او قذيفة اطلقها جهاديون من تنظيم الدولة الاسلامية قربه. خلال ثوان، يغطى ببطانية ويعلق له مصل وينقل في سيارة اسعاف.
ولا امكانية للاستفسار عن مصيره، اذ لا تعلن قوات البشمركة الكردية عن عدد جرحاها أو قتلاها بين المقاتلين المشاركين في عملية استعادة الموصل التي بدأتها القوات العراقية قبل اسبوع.
وفي كل مرة تمر سيارة اسعاف بسرعة فائقة او تعود شاحنة بيك آب من الجبهة مع جرحى، يقوم القادة الاكراد بإبعاد الفضوليين.
ويؤكدون على وجوب ابقاء معنويات المقاتلين مرتفعة.
في اربيل، عاصمة كردستان العراق، المستشفى الوحيد القادر على استقبال المقاتلين الجرحى الذين ينقلون من المستشفيات الميدانية الموزعة في السهول حيث تدور المعارك، هو مستشفى غرب اربيل.
والمستشفى المدني هذا هو الوحيد المجهز بغرفة طوارىء ويمكنه معالجة المصابين بحروق بالغة.
ويؤكد مديره الطبيب لوند ميران لوكالة فرانس برس انه استقبل من الخميس الى السبت اكثر من 100 جريح من قوات البشمركة.
- «معركة حقيقية» -
وقال ميران «نحن جاهزون، ولكن بصراحة لا نملك الامكانيات اللازمة. استقبلنا أكثر من 100 جريح، فليكن الله في عوننا، كيف سنستطيع استقبال اكثر من 1000 جريح؟ المستشفى غير قادر على استيعاب هذا العدد».
لكن الطريق لا يزال طويلا حتى الموصل. ويفجر الجهاديون عددا اكبر من السيارات المفخخة بقوات البشمركة.
ويشكو المقاتلون الاكراد من ان الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بقيادة واشنطن، اقل فعالية.
وقال ميران انه خلال الهجوم الخاطف لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق في 2014، قطعت قوات البشمركة الطريق امام تقدم الجهاديين الى المناطق الكردية بتغطية من الغارات الجوية الاميركية، ولم يسقط هذا العدد الكبير من الجرحى.
وتابع «لكن هذه المرة يمكننا القول انها معركة حقيقية».
في المستشفى الميداني الذي يشرف عليه، يرحب الطبيب احمد ميزوري بارسال تعزيزات من الاطباء العسكريين الكنديين والبريطانيين الذين يتجنبون الصحافيين ويرفضون ان يتم تصويرهم او التقاط صور لهم.
ويشرف ميزوري الذي يضع نظارات سميكة على فريق من ستة اطباء وحوالى خمسين ممرضا وسائقا لسيارات الاسعاف.
ويقول «هناك انتحاريون يأتون لتفجير أنفسهم، او يستخدمون سيارات مفخخة ويفجرونها امام المقاتلين، لدينا عدد من الجرحى بسبب الانتحاريين»، في حين يشرف على نقل جريحين الى غرفة بدائية وضعت فيها ثمانية اسرة.
- «رصاصات في الظهر» -
وتتقدم قوات البشمركة باتجاه الموصل حيث يتحصن ثلاثة الى خمسة الاف جهادي، ويتخوف الجميع من اقتراب المعارك من المدينة. إذ عندها ستكون الاصابات اكبر واكثر خطورة، كما يتوقع الاطباء والبشمركة.
واختبر مراد وزاهد هذا الامر في مدينة كركوك التي يسيطر عليها الاكراد والواقعة على بعد 170 كلم جنوب شرق الموصل والتي تعرضت لهجوم واسع الجمعة.
وشارك هذان المقاتلان الكرديان في حرب شوارع لطرد المهاجمين، وهما اليوم في الغرفة نفسها في مستشفى غرب اربيل بعد ان اصيبا برصاص قناصة.
ويروي زاهد لوكالة فرانس برس من سريره «لم نرهم، قاموا باطلاق صاروخ باتجاهنا، بينما كان صديقي هاربا وكنت أحاول اللحاق به، أصابني قناص بطلقات نارية في ظهري ورجلي ويدي».
كما اخترقت رصاصة يد مراد الذي يقول ان «شظية ايضا اصابت عيني».
ويضيف «أبلغني الاطباء انني سافقد عيني في حال لم انقل الى الخارج للمعالجة»، مضيفا «في العراق، لا احد يستطيع اجراء مثل هذه العمليات».