أضواء على دراما 2020
إكتساب خبرات وجدانية بمسلسل إثنين في الصندوق
بغداد -حمدي العطار
كلما اقتربت الدراما التلفزيونية من مجال السينما والتصوير الخارجي بعيدا عن الاستوديو تطورت المعالجات الفنية ، وتعطي للمخرج حرية تحويل الورق الى حياة حقيقية ، وشخصيات قريبة من الواقع، ولا تكون الدراما التفزيونية في الاماكن المغلقة مقنعة بل سوف يتذكر المشاهد ان المصداقية ليست متكاملة ان لم تحمل الدراما من هذا النوع بعض التناقضات، حتى الصوت داخل الاستوديو له خصائص تختلف عن الصوت خارج الاستوديو، مسلسل (أثنين في الصندوق) والذي كان يحمل اسم (روحين في زكيبة) الا ان التغيير حدث لأن بعض الممثلين من المغرب بالاضافة الى ان التصوير كان في القاهرة والمغرب ، وكلمة (زكيبة) قد لا تكون لها معنى في اللهجة المغربية مما ادى الى تغيير الاسم، مؤلف العمل لؤي السيد خطفته الدراما التلفيزيونية من السينما وهو الذي قدم افلام كوميدية ناجحة منها اربع افلام للنجم المثير للجدل (رامز جلال) أخرها فلم (رغدة متوحشة) العمل يتناول قصة شقيقان توأمان (شوقي وزيكو) – حمدي المرغني و محمد اسامة- وهنا يجب ان نتوقف على الاداء الرائع لدور (عامل النظافة) او كما يطلق عليهم المسلسل (بتوع الزبالة لكن رجالة) .
شوقي وزيكو لم يحصلا على التعليم المناسب لكنهما يملكان الطموح والرجولة في التفكير والتصرف، شوقي يحلم ان يكون ممثلا، وهذا محور للنص ان يتناول مشاكل التمثيل بالاخص ادوار الكومبارس، فعندما يتفق كادر الفيلم مع شوقي ان يلعب دور الطبيب في الفيلم ، يعترض مخرج الفيلم قائلا (شكله ليس مناسب لدور الطبيب لكنه مناسب لدور الزبال) اما زكيو فيحلم ان يكون مطربا! المخرج محمد مصطفى كان بمستوى النص الراقي واستطاع ان يحصل على افضل ما لدى الممثلين (انتصار وصلاح عبد الله وبيومي فؤاد وحجاج عبد العظيم وحمد عبد الله محمود ونهى عابدين ورحاب الجمل وأخرون) يعملان المؤلف والمخرج على ابراز جوهر الدراما الكوميدية بعيدا عن التهريج وحركات الجسم المبالغ فيها والاعتماد على كوميدية الموقف، حتى في حالات الحزن تجد السخرية في الحوار، فعندما يخطب شوقي حبيبته بنت الزبال واخت الزبال رشاد يرفض من قبل اهلها لأنه ابو رشاد يريد ان يزوجها الى نقاش يعمل في الكويت قائلا(اريد ان انتشلها من هذا الوسط) – يقصد الزبالة- فيقول شوقي لأمه ( حتى الزبال يرفض الزبال)! القدرة على التحول من وسيلة(السينما) الى اخرى (الدراما التلفزيونية) تحققت بنجاح في هذا المسلسل فالنص متطور بالحوار الفني وبتنوع المحاور الدرامية وجمال التصوير ، فسكان البرج الذي يقع ضمن مسؤولية – شوقي وزيكو- منهم من هو رئيس تحرير جريدة، يهتم بحقوق الانسان ويفضح بالملفات الصحفية دكتاتورية احد رؤساء دولة افريقية (زمبيري) وقدم بدور الرئيس (بيومي فؤاد) ممادو- الذي كان يعمل سفيرا لبلده في مصر ومتزوج من ابنة الرئيس السابق ومن ثم يصبح رئيسا، والخط الدرامي في هذه الجزئية هو ان السفير كان متزوج بالسر من خادمة مصرية في السفارة وينكشف امرهم وتطرد وتنجب التوأمان وتضعهما قرب سياج السفارة ومعهما رسالة تكشف فيها عن اسم الاب! لكنهم لم يصلوا الى الاب الاصلي (السفير) ويتضح انهما (شوقي وزيكو)!
حقق العمل عنصر التشويق والقدرة على المحاكاة فضلا عن الكوميديا الساخرة ، والقدرة على تحريك الكم الهائل من الشخصيات في المسلسل، ويتحول كل شيء في هذا العمل حتى توافه الأشياء العادية واليومية إلى اشياء تحمل معاني.