أسباب تأخير إستعادة الرمادي – مقالات – سامي‮ ‬الزبيدي

أسباب تأخير إستعادة الرمادي – مقالات – سامي الزبيدي

بعد أن تمكنت داعش من احتلال الرمادي مركز محافظة الانبار في عملية كانت متوقعة في ظل الهجمات المتكررة لداعش على المدينة واستنزافه للقوات المدافعة عنها وعدم تعزيز تلك القوات وضعف دفاعاتها وغياب التنسيق بينها والضعف الكبير لدى بعض القادة والآمرين في عملية القيادة وإدارة المعارك ونظراٌ لأهمية الرمادي التي تعتبر هدفاٌ سوقياٌ خطراٌ في الحسابات العسكرية لأسباب عدة أهمها قربها من العاصمة بغداد ومحافظات الفرات الأوسط خصوصاٌ كربلاء وبابل كما إنها تشكل امتداداٌ وتواصلاٌ لنفوذ وسيطرة داعش على أغلب المنطقة الغربية من العراق وامتدادها وتواصلها مع داعش في سوريا و مع داعش في الموصل من جهة الشمال الغربي وسيطرتها على أهم طرق المواصلات التي تربط العراق بسوريا والأردن وكرد فعل لهذه الانتكاسة الجديدة والخطرة أعلن رئيس الوزراء السيد العبادي في خطاب متلفز للشعب العراقي أن عملية احتلال الرمادي كانت انتكاسة لكنها لن تدوم طويلاٌ وسيتم تحرير المدينة خلال أيام , كلام جميل كان أبناء شعبنا وقواتنا المسلحة بحاجة إليه في تلك الظروف لرفع المعنويات ولتطمين الشعب إن هذه الانتكاسة الجديدة لن تكون كسابقتها في الموصل ستتسبب في تداعيات خطرة كاحتلال مدن أخرى  وتنفيذ داعش لجرائم جديدة بحق أبناء شعبنا وقواتنا المسلحة أو تسمح لهم في التقرب من بغداد, وفعلاٌ بدأت الاستحضار والمناورة بالقطعات وتحشيدها في مناطق قريبة من الرمادي كقاعدة عين الأسد وقاعدة الحبانية كما بدأت عمليات دخول الحشد الشعبي للمشاركة في تحرير الرمادي بعد عمليات شد وجذب سياسية انتهت بالموافقة على اشتراك الحشد الشعبي في هذه العملية المهمة , وبدأت القوات المسلحة والحشد الشعبي عملياتهم العسكرية لتطهير بعض المناطق المحيطة بالرمادي والسيطرة عليها لقطع إمدادات داعش إلى المدينة ومحاصرته فيها تمهيداٌ لاقتحامها , لكن داعش لم تقف مكتوفة الأيدي وهي تتابع عمليات تحشد القوات المسلحة وقوات الحشد الشعبي تمهيداٌ للهجوم على الرمادي فبادرت بعمليات هجومية في مناطق عدة كالثرثار وناظم التقسيم والحبانية وبدأت معارك كر وفر في هذه المناطق بالإضافة إلى ذلك فان داعش أعادت فتح جبهة مصفى بيجي وقضاء ببجي لتشتيت جهد قواتنا وإشغالها في معارك جانبية لابعادها عن الرمادي وفعلاٌ تمكنت داعش من إشغال قواتنا وإرباك استحضاراتها لمعركة تحرير الرمادي ومع كل هذا فان قواتنا المسلحة والحشد الشعبي ما زالت تديم الضغط على داعش في الرمادي تمهيداٌ لاستعادتها من قبضته لكن المشكلة التي تجابه قواتنا هي في الوقت فكلما تأخرت قواتنا في استعادة الرمادي تضاءلت فرص استعادتها وتعقدت لأسباب معروفة حيث ستتمكن داعش من تحصين دفاعاتها واستحكاماتها وتعزيز قواتها وتعديل خططها لمنع قواتنا من استعادة السيطرة على المدينة , لكن ما هي الأسباب التي أدت إلى تأخير استعادة الرمادي كل هذه المدة بعد أن أعلن السيد رئيس الوزراء إن العملية ستتم خلال أيام والأسباب عدة في ظل الأوضاع العسكرية والأمنية في محافظة الانبارعموماٌ وفي ظل قدرات القوات المكلفة باستعادة الرمادي القتالية والفنية والتدريبية والتسليحية ويمكن أجمالها بما يلي :

  1. 1. إن الإعلان عن استعادة الرمادي من السيد العبادي وتحديداٌ خلال أيام كانت له انعكاسات سلبية وايجابية في نفس الوقت , سلبية على قواتنا لأنها لم تتمكن من استعادة المدينة خلال أيام مما أعطي انطباعاٌ للمقاتلين وحتى الآمرين إن العملية صعبة جداٌ ولا يمكن للقوات الموجودة حالياٌ في الرمادي القيام بها وهذا الأمر يؤثر كثيراٌ على المعنويات والاستعداد للواجب , وايجابياٌ على داعش لأنها تمكنت من الصمود بوجه قواتنا كل هذه المدة دون أن تتمكن هذه القوات حتى من زحزحتها عن أماكنها وهذا ما يرفع من معنوياتها ويعزز ثقتها بقدراتها فكان على السيد العبادي أن لا يذكر مدة زمنية ويحددها بأيام لاستعادة الرمادي لان هذا الأمر يخضع لحسابات عسكرية معقدة وأنا لا ألوم السيد العبادي على ذلك لكنني ألوم مستشاريه العسكريين ووزير الدفاع وقادة الأسلحة خصوصاٌ القوة الجوية وطيران الجيش ومديري مديريات الاستخبارات والمدفعية المشاة بالإضافة إلى قائد قوات مكافحة الإرهاب والتدخل السريع والقادة الميدانيين فكان عليهم أعطاء المشورة الصحيحة في هذا الأمر المهم والذي يتطلب استحضارات عدة وكبيرة تأخذ أسابيع إن لم يكن أكثر في ظل الأوضاع الحالية لقواتنا العسكرية والأمنية . الضعف الكبير في جمع وتحليل المعلومات عن قوة داعش وإمكانياتها وقدراتها القتالية واستعداداتها الدفاعية في مدينة الرمادي . 3.  أن عملية كبيرة مثل استعادة الرمادي تحتاج إلى استحضارات كبيرة تبدأ بإكمال نواقص القطعات المشاركة في العملية خصوصاٌ ما يخص الأسلحة والاعتدة والأجهزة والمعدات والآليات وتكامل النسبة المقبولة من المقاتلين في الوحدات إضافة إلى القيام بالاستطلاعات المفصلة ولمستوى المقاتلين والضباط الصغار لان داعش غير الكثير من التفاصيل والمعالم بعد سيطرته على المدينة بالإضافة إلى اختيار مناطق تحشد ملائمة وفتح الطرق الجديدة لتسهيل التعاون بين القطعات وغير ذلك  وهذه الأمور تحتاج إلى وقت كبير.                            4. إعداد خطط مفصلة للعملية وإصدار أوامر واضحة تتيح للقطعات فهمها واستيعابها جيداٌ مع إمكانية إجراء الممارسات ولو الهيكلية على الخطط لضمان معرفة كل المشتركين في العملية من قوات الصفحة الأولى والصفحات اللاحقة وقوات الاحتياط والقوات الساندة لواجباتها بالتفصيل وهذا يأخذ أياماٌ.     5.تتطلب عملية مهمة كهذه إعادة التجحفل الصحيح وإعادة التوازن للقطعات  خصوصاٌ تلك التي كانت موجودة في الرمادي قبل سقوطها وبما يمكنها من انجاز واجباتها بكفاءة .         6. عملية تغيير القادة والآمرين بعد سيطرة داعش على الرمادي وتعيين قادة وآمرين جدد تتطلب من هؤلاء إجراء استطلاعات مفصلة لإعداد خططهم وتهيئة قواتهم والقيام بعملية إعادة الثقة للمقاتلين وهذه الأمور أخذت وقتاٌ أيضاٌ .  7 . عمليات التنسيق والارتباط بين القطعات المشتركة في العملية وبينها وبين القوة الجوية وطيران الجيش والقوات الساندة الأخرى كل ذلك احتاج إلى وقت كبير.
  2. 8. تأخير الإعلان عن مشاركة الحشد الشعبي في العملية أدى إلى تغيير في الخطط وتغييرات أخرى فنية ولوجستية . لجوء قطعاتنا والحشد الشعبي إلى عمليات الإحاطة الواسعة للمدن والقصبات لقطع طرق الإمداد عن داعش وتضييق الخناق على قواته أخذت أياماٌ بل أسابيع وعمليات الإحاطة والتطويق تحتاج إلى قطعات كبيرة مدربة على هذه الواجبات غير القطعات التي ستقوم بالهجوم لاستعادة المدينة وعمليات كهذه تتطلب وقتاٌ كبيراٌ . 10. قيام داعش بفتح جبهات أخرى في قاطع عمليات الانبار أربك قطعاتنا وشغلها عن واجبها الرئيسي وهو استعادة مدينة الرمادي بواجبات أخرى في الثرثار وناظم التقسيم والحبانية وعين الأسد والبغدادي والكرمة والخالدية وهذه العمليات أدت إلى تأخير تنفيذ الهجوم على الرمادي .     11. الإعلان  عن بعض الإجراءات والاستحضارات وحتى تفاصيل بعض الخطط المستقبلية لاستعادة الرمادي من بعض السياسيين والقادة العسكريين والقادة في الحشد الشعبي مكن داعش من تعزيز موضعها ودفاعاتها وفقاٌ لهذه المعلومات الخطرة والتي حصل عليها مجاناٌ بسبب ضعف  الاهتمام بأمن الخطط وأمن المعلومات وأمن القطعات لدى البعض , وكل معلومات تحصل عليها داعش تخص خطط قواتنا يعني قيامه باستعدادات جديدة وعمليات تعزيز لمواضعه واستحكاماته  وهذا سيتسبب في تأخير كبير لقطعاتنا ووقت إضافي لها للتغلب على هذه  التعزيزات والاستحكامات الجديدة .          كل هذه الأمور والاستحضارات والإجراءات والتطورات الميدانية وفتح جبهات جديدة تطلبت القيام  بالعمليات العسكرية في مناطق أخرى غير الرمادي كانت السبب في تأخير عملية استعادة الرمادي وكان على المسؤولين العسكريين والقادة وضباط الركن في مركز العمليات المشتركة والقادة الميدانيين أخذها بنظر الاعتبار وإحاطة القائد العام للقوات المسلحة بها قبل الإعلان عن الفترة المحددة لتحرير الرمادي من عصابات داعش والتي حددها بأيام .

 {  خبير عسكري وستراتيجي

مشاركة