اجرى الحوار: سعد الصائغ
قال اسامة الجلبي - نائب محافظ البنك المركزي العراقي حتى العام ٢٠٠٣ ان المساس بالاحتياط النقدي يمثل الرمق الأخير للوضع المالي العراقي وان ذلك يجب الا يحدث ابدا . و أضاف في حوار قصير مع الزمان في طبعتها الدولية ان الاقتراض من البنك الدولي له شروط مهينه واثار مستقبلية ولفت الى ان مزاد العملة له شروط خاصة سبق ان تباحث بها مع وفد البنك الدولي . وفي الاتي نص الحوار :
يعاني العراق من ازمة مالية خانقة بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً وعدم مقدرته على تامين الرواتب للموظفين والمتقاعدين هل البنك المركزي يحتفظ بخزين احتياطي من العملة الصعبة (الدولار والذهب) لتامين الرواتب؟
الازمة النقدية الحالية كانت متوقعة حتى قبل ظهور ازمة فايروس كرونا وما نحن فيه الان، وللحقيقة انه لا يزال البنك المركزي العراقي يحتفظ بوديعة الاحتياطي النقدي بالدولار الأمريكي وحسب ما هو معروف لدى الأوساط المختصة وأنها بحدود ستون الى اثنان وستون مليار دولار امريكي. ونسبة كبيرة من هذا الرقم هو ارث سابق لما قبل الاحتلال. وللاحتياطي النقدي للدول قدسية خاصة لدى الأمم وضمانة للوضع الاقتصادي والنقدي للبلد وهيبة الدولة، وأن مس الاحتياط من الأمور الصعبة وغير مستحبة وأنه يمثل الرمق الأخير. أما الذهب فعادة تحتفظ المصارف المركزية بنسبة من امكانياتها النقدية بذهب وتودعه لدى المصارف السويسرية وتحصل على فائدة إيداع ولكن بنسب منخفضة. وكان لدى البنك المركزي العراقي قبل الاحتلال أنواع من الأرصدة الذهبية يحتفظ بها في خزائنه الحصينة منها ذهب الماجدات الذي بيع فترة الحصار وذهب مشترى من السوق العالمية وذهب اخر خاص. وليس لدي ارقام دقيقة عن مقدار ارصدته الحالية لأنها من خصوصيات البنك المركزي.
وعودة الى الوضع النقدي فهناك طرق بديلة أخرى غير المساس بالاحتياطي النقدي وهو الاقتراض من البنك الدولي هذا الخيار هو من الأساليب التقليدية الا انه الأكبر من حيث الصعوبة التفاوضية وتكون شروطه مهينة مستقبليا ولحين عودة أسعار النفط الى ما يقرب من أسعاره قبل الازمة الحالية. الا ان الازمة قادمة لا محال وحسب جدول الإيرادات النفطية للأشهر القادمة وحسب ما قدمه الأستاذ عصام الجلبي في تغريدته الهامة قبل ايام حيث ستواجه الامة وقتا عصيبا.
وهناك امر اخر مهم يحدث الان، حيث ستولف حكومة جديدة وسيترأسها رئيس حكومة مقتدر يعرف كيف يسترجع ولو نسبة من الأموال المسروقة لسد الرمق، الامة الان في خطر والخطر يشمل الجميع وسيسجل التاريخ هنا فعل الرجال.
استمرار مزاد العملة في البنك المركزي برغم من توقف الإيرادات النفطية وما يصحبها من تهريب العملة كان له الأثر الكبير على ارتفاع سعر الدولار مقابل قيمة الدينار العراقي.
مزاد العملة سبق لصندوق النقد الدولي ان اوفد ممثلية قبل ثلاث او أربع سنوات ليناقش معي مسالة مزاد العملة واذكر ان جرت تلك الاجتماعات في قاعات فندق الانتركونتيننتال في عمان حيث اطلعتهم على صيغة عمل المزاد مما اثار تعجب الجميع من سوء العملية، فموضوع المزاد يجب ان يعالج بحكمة وبأسلوب رصين.
في الآونة الاخيرة تم طرح لطبع العملة العراقية لسد رواتب الموظفين والمتقاعدين فهل هذا الإجراء صحيح إذا ما تم العمل به؟
فكرة طبع العملة اعتقد انها بعيدة وصعبة لأنها ستحصل موجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات كما حصل سابقا ومن الصعب الجمع بين عملتين في التداول الداخلي وسنعود الى ما قبل عشرين عام ”أصلي وسويسري”. وان هذا المقترح غير مفيد بالظرف الحالي وله تداعيات اقتصادية كبيرة سبق ان عان منه العراق في حينها كثيرا وحصل هذا في فترة كانت موجبات الاجراء ضرورية حيث انقذت البلد من نتائج وخيمة، كما انه لا يضفي اي دعم للتداول الخارجي.
بالنتيجة النهائية يتحمل البنك المركزي العراقي ومنذ سنة الفان وثلاثة المسؤولية الكاملة عما آلت اليه السياسة النقدية. الكلام كثير وكثير ولكن النتيجة ما هو نحن عليه اليوم والله لطيف بالعباد وشكرا.