أرض السواد لم تعد مخضرّة

أرض السواد لم تعد مخضرّة

 اهتم ملوك حضارة مابين النهرين بالزراعة بشكل كبير لما لها أهمية رئيسية في توفير حاجات الإنسان الأساسية النباتية والحيوانية وما يوفره نهرا  دجلة والفرات من مياه عذبة وخصوبة الارض ووفرتها فعملوا على مبدأ (الأمة التي لا تأكل مما تزرع ولا تلبس مما لا تصنع أمة حكم عليها بالفناء) لذلك وضعوا القواعد و القوانين ونظموا الأرض وأمدوها بالمياه فسميت حضارة ما بين النهرين بأرض السواد و البساط الأخضر وبلاد القمح لشدة خضارها وكثافة زرعها ولاسيما أشجار النخيل ولان الخضرة عن العرب تقارب السواد سميت بأرض السواد. ومن بين هؤلاء الملوك الذين حكم البلاد حمورابي سادس ملوك بابل والذي اشتهر بقوانينه ومسلاته من تلك المسلات مسلة حمورابي والتي مازالت موجودة في متحف اللوفر في فرنسا تروي لنا قوانين هذا الملك واهتمامه في الزراعة بشكل كبير فوضع العقوبات الصارمة لمن يترك الأرض دون زراعة فازدهرت في عهده الزراعة والتجارة والصناعة وكذلك سار على دربه نبو خذ نصر الثاني الذي بنى حدائق بابل المعلقة والتي أصبحت من عجائب الدنيا السبع خير دليل على تقدم واهتمام حضارة مابين النهرين في الزراعة. ولما جاء الإسلام أكد على أهمية الزراعة وكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تحث على الانشغال بالزراعة وتبين فضلها ومكانتها ومن تلك الآيات الكريمات في سورة (عبس) (فلينظر الإنسان إلى طعامه إنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم ولأنعامكم) دعوة من الله تعالى إلى الإنسان بان ينظر بتدبر وتأمل وتفكر في نعمة الله في الزراعة. اليوم ارض السواد لم تعد مخضرة لم تعد البساط الأخضر لم تعد ارض النخيل كما عرفها العالم اجمع الحروب والويلات والحكومات أنهكوها ودمروها المزارع يتعب ولا يستطيع ان ينافس السوق بسبب سياسة إغراق السوق بمنتجات المستوردة من دول الجوار مما يضطر الفلاح إلى ترك الزراعة وتحويل الأرض الى سكنية وبيعها الى المواطنين وكثير من الفلاحين يعانون من شح المياه وملوحة التربة أيعقل بلد فيه نهرين لا يستطيع ان يروي الأرض والطامة الكبرى ان مياه نهري دجلة والفرات العذبتان تذهب الى المياه المالحة في الخليج العربي اليس من المفروض على الحكومة ان تبني سدا كبيرا في نهاية شط العرب وتحويل جريان هذين النعمتين الى المناطق الصحراوية ليغذي مناطق الجافة وينعش الاهوار والمستنقعات و يعيد أمجاد بحر النجف الى سابق عهده . بعد انهيار اسعار النفط والذي اثر على ميزانية واقتصاد البلد الذي يعتمد على القطاع النفطي بنسبة 95  بالمئة  لذلك إلزاما على الحكومة ان تهتم بقطاع بديل ومهم هو الزراعة وان تسخر كل طاقاتها في هذا القطاع الذي يعد العنصر الأساسي الذي يمد الإنسان بالمواد الغذائية التي تدعم وتديم وتبقي الحياة الإنسانية مستمرة دون الشعور بالجوع او الحاجة والاستعانة بخبراء في إدارة مشاريع الزراعة وتسهيل منح قروض للمزارعين وفرض ضرائب على المنتجات المستوردة ودعم المنتوج المحلي حتى نعيد البساط الاخضر الى بلادي .

برزان حامد السرحان

مشاركة