أردوغان والدرس الإنتخابي التركي- عبد الجبار الجبوري
الإنتخابات حق دستوري ديمقراطي، لكل مواطن في جميع أنحاء العالم،ولكنّ الأحزاب السياسية والكتل المؤدلجة اسلاموياً، أفسدت وتفسد هذه الإنتخابات ،أتفرغتها من جوهرها ،وسلبت المواطن حقه، في سرقة صوته الإنتخابي بالتزوير والفساد ، لتستأثر بأعلى المقاعد ،كما حصل تماماً في إنتخابات العراق الأخيرة والتي قبلها، وأظهرت النتائج أن 18 بالمئة فقط نسبة العراقيين المصوتين،وفازت كتلة سائرون بأعلى المقاعد، ولكنها فشلت في تشكيل الحكومة ،رغم إئتلافها مع كتل أخرى، وهكذا إنسحبت الكتلة الفائزة، وفشلت في تشكيل حكومة وحدة وطنية، في حين شكّلت الحكومة كتلة خاسرة،فهل هذه هي الديمقراطية، وهل الحكومة المتشكّلة حكومة شرعية، ضمن هذا السياق،أسوق هذه المقدمة ، والعالم شهد أنزه وأنظف إنتخابات ديمقراطية في العالم ، خرج فيها الشعب، للإقتراع بنسبة لم تحصل عليها ،أية دولة في العالم ،وهي 84 بالمئة نعم إنه الشعب التركي العظيم.
مثل راق
خرج ليس لينتخب الرئيس أردوغان، وإنما ليضرب مثلاً راقياً في الديمقراطية، وحرية الشعوب، ونزاهة الإنتخابات ،حينما شعر الشعب أن بديل اردوغان هو ذهاب تركيا الى المجهول، والإحتراب، والفوضى، بسبب عنصرية المرشح الآخر كليجدار اوغلووذيليته،لهذا حسم الشعب أمّره ،وإنتخب أردوغان لولاية ثالثة ،للحفاظ على مستقبل تركيا السياسي ، الذي أرسى دعائمه ، ورسم مستقبله الرئيس اردوغان، وحوّل تركيا خلال ربع قرن من دولة فاشلة ،وفقيرة ، ومتخلفة إقتصادياً وصناعياً وزراعياً،وعسكرياً، الى دولة تسابق وتنافس الدول المتقدمة الكبرى،في الصناعة والتجارة والتصنيع العكسري والمدني،ووصلت تركيا بفضله، الى مصاف الدول التي لاتستورد أي شيء من الخارج،بعد أن رمّم الرئيس أردوغان علاقاته السياسية ،مع جميع الدول العربية والاجنبية، بحكمته ودهائه ،وهذه هي أهم مواصفات القيادة الناجحة، لانريد هنا ،مدح وتمجيد وتلميع الرئيس اردوغان، فهو لايحتاجنا، ولكن نريد ان نركز على حقيقة ونضرب مثلاً، حينما يضع القائد، مصلحة بلده وشعبه في أولويات عمله،تتحّقق النتائج العظيمة ،كما نراها مجسدة في قيادة أردوغان ، بعد أن نتجرد من التمجيد ،وعودة على إنتخابات تركيا وشعبها وقيادتها ،التي أذهلت العالم، ولم تفاجؤه، لأنها تدرك أن تركيا تسير بطريق التطور التكنولوجي، وتنفتح على دول العالم ، برفض الإرهاب ومهج الإعتدال في كل شيء، في علاقاتها مع دول الجوار والدول الأوروبية، بالرغم من أن الإدارة الامريكية كعادتها ، تدعم المعارضة ،اأثر مما تدعم أردوغان ،لغاية في نفس يعقوب، والغاية لدى ادارة بايدن الفاشلة، في سياساتها الخارجية ،والتي ترفع شعار نشر(الفوضى الخلاقة) وتطبيق مشروع بايدن التقسيمي،في الشرق الاوسط لغرض الهيمنة والسيطرة والقيادة والتفرد في الإستحواذ على موارد ومقدرات المنطقة ، وصولاً الى تحقيق مشروعها إقامة الشرق الاوسط الكبير، فهي أنهت الجزء الأكبر منه، في تدمير دول، كالعراق وليبيا واليمن وسوريا والسودان وافغانستان ولبنان ، وحولتها الى دول فاشلة متشرذمة، محتربة ودويلات يحكمها أمراء طوائف ،وتقودها الميليشسيات االمسلحة المدعومة منها،نعم المشروع الامريكي في طريقه للتحقق، بالتقاسم والتخادم الامريكي – الايراني في السيطرة على المنطقة، وبالمناسبة هناك صراع علني، واتفاق باطني بينهما، أي التخادم بأبشع صوره، والذي ضحيته الشعوب في المنطقة، لهذا نرى الموقف الامريكي يسعى بقوة لإسقاط أردوغان ،وتنصيب دميّة أمريكية بدَله، تماماً كما فعلتْ في أكثر من دولة في المنطقة، والعراق إنموذجاً أمريكياً فاشلاً، كما تروّن، إنها الديمقراطية على الطريقة الأمريكية، التي أسقطتها بالضربة القاضية، ديمقراطية الشعب التركي والرئيس أردوغان ،إذن نحن أمام نموذج ديمقراطي جديد في المنطقة ،ينافس ويجهض النموذج الامريكي البغيض، وهو درس لشعوب المنطقة ،التي تنحو بنضالها الى التحرروالإنعتاق والإفلات من الهيمنة الأمريكية والإيرانية،لتضمن مستقبلها بنفسها ،نائية عن التدخل الاجنبي، مهما كانت نواياه ،فالذي يتغطّى بلحاف الأجنبي بردان طبعاً،الشعوب هي من تقرر مصيرها بنفسها،وليس الدول الطامعة بمواردها ،وأكثر شعب شاف وعاش ويلات أمريكا وألاعيبها ، هو الشعب العراقي، وخاصة في سنوات مابعد غزو وتدمير العراق، بحجة واهية وكاذبة معروفة ومفضوحة، لنشر الديمقراطية الأمريكية المسلّفنة،التي إنخدع وغرر فيها البعض، وروّج لها ودعمها البعض الآخر،والنتيجة كما تروّنها كارثية على العراق.
فما جرى في تركيا أثبت أن الديمقراطية لا يمكن لها أن تستوّرد ، ويكتب عليها صنع في الخارج، الديمقراطية يصنعها الشعب الواعي، القادر على تخطّي الفشل الى النجاح بلا خضوع للاجنبي، ويحتاج هذا الى قيادة فذة، وروح وطنية لاتستقّوي بالأجنبي،والعراق ويعلم الجميع هو أن شغله، يصنع الحضارات، ويضرب الأمثلة للشعوب ،في التطوّر والنهوض كالعنقاء من الرماد،بعد كل كارثة وغزو يتعرّض له،والأمثلة لاتعدُّ ولاتحّصى ، على شعب العراق وهو ينهض من كبوته ويرسم طريقه بنفسه، ويدوس على جراحه، ويختار مستقبله بنفسه، لا أحد يختاره له،يرفض التبعية والذيلية، ويحارب ذيولها الذين ولاؤهم للأجنبي ،فكم حضارة عراقية أنشأها العراقيون عبرتاريخ، الطويل ،فهل يعجز الشعب العراقي عن إنشاء حضارة جديدة ،على أنقاض حضارة أبيدتْ بفعل الغزو الأمريكي، هـــــــذا هو السؤال الآن ،أمام العراقيين جميعاً، بكل قومياتهم وطوائفهم ومذاهبهم، وتجربة تركيا وشعبها وقائدها نموذجاً يحتذى به للعراق ولغير العراق،إن أراد الشعب ضمان مستــــــقبله، فليتوّحّد وينهض، والشعب العراقي بكلّ تأكيد،وعى الدرس التركي ،وصار مثالاً يُحتذى به لشعوب المنطقة كلها…!!!