عدنان أبوزيد
من المفترض أن المرأة المثقفة قادرة على اختيار ملابسها، ومجاراة الموضة، بطريقة مدروسة ومناسبة وذات معنى، تعكس فكرها وسلوكها وثقافتها، في المناسبات الرسمية أو غير الرسمية، كي تعبر عن شخصيتها بالتميز والاهتمام، وبإطلالة من الثقة بالنفس، والسلوك الرصين. والأزياء تعبر في المجتمعات الحديثة، عن الهوية الثقافية والعادات والتقاليد والذوق الفني، فيما تحولت الموضة إلى وسيلة مهمة لتجديد الذائقة، وجعلها ملائمة للعصر، حيث تقود المرأة هذه المهمة التي ترفع من مستويات الذائقة الجمالية.
تحقيق التوازن
وتتحدث رئيس منتدى الاعلاميات العراقيات، الدكتورة نبراس المعموري لـ الزمان عن إن “الموضة تحتل حيزا مهما في اهتمام المرأة المثقفة، لان الزي الذي تظهر به امام المجتمع يعكس الثقافة وقوة الشخصية، كما يعبر عن إيديولوجيات الحياة، وأسلوب الحياة الاجتماعية”، مشيرة إلى إن “الزي وخيارات الموضة يجب إن تنسجم مع الذوق العام”. وترى المعموري إن “متابعة الموضة، أمر مكلف، الامر الذي يضطر المرأة المثقفة إلى الاهتمام بجانب معين منها، والاعتماد على ماركات ونوعيات محددة فيما يخص الأزياء والإكسسوارات”. تسترسل المعموري بالقول انه “يمكن للمرأة المثقفة أن تحقق التوازن بين الاهتمام بالأزياء والموضة وبين الحفاظ على هويتها الثقافية وقيمها الأخلاقية، وهذا ما يجعلها تتمتع بإطلالة مثالية ومتناسقة في جميع الأوقات والمناسبات”.
فن الاتيكيت
الدكتورة الهام خضير شُبّر، الاكاديمية والباحثة المتخصصة في اقتصاديات السياحة ترصد العلاقة المتلازمة بين ثقافة المرأة والازياء التي تختارها، فتقول لـ الزمان إن “الثقافة هي الفطنة والذكاء وسرعة التعلم والتي تتداخل مع مجموعة المعارف والقيم والعقائد التي يتشكل منها وعي المجتمع وهي التي تحدد كيفية فهمنا للعالم وكيفية التصرف في المكان والزمان والمجتمع المناسب”، معتبرة إن “المرأة المثقفة هي التي تختار ازيائها وبموديلات حديثة تنسجم مع شخصيتها في المناسبات المختلفة التي تحضرها وتتألق فيها، فأزياء العمل لها خصوصية، وازياء الحفلة، أيضا، كما إن المناسبة العائلية و ملابس السفر لها، اعتباراتها أيضا”. وتتحدث شبر عن إن “المرأة تكافئ نفسها لأنها تختار الازياء المناسبة وتهتم بالتغيير لتظهر أكثر اناقة ورقي وليس بالتصاميم الفوضوية والألوان غير المتناسقة التي تؤذي النظر لمن حولها لمجرد انها موضة”. تدعو شبر إلى “تعليم الطالبات في الإعدادية والجامعة، فن الاتيكيت والتعامل كونه يدعم بناء شخصية الفتاة في اختيار السلوك المناسب في تفاصيل الحياة اليومية”. وبحسب شبر ، فان “المرأة المثقفة يجب أن تتأكد من أن اهتمامها بالأزياء والموضة لا يتعارض مع قيمها ومبادئها الثقافية والأخلاقية، وأن تكون دائماً محتشمة وملتزمة باللباس المناسب للمكان والمناسبة.
الشاعرات والموضة
ويمكن للمرأة المثقفة أن تحقق التوازن بين الاهتمام بالأزياء والموضة وبين الحفاظ على هويتها الثقافية وقيمها الأخلاقية”. الطبيبة والشاعرة سلامة الصالحي، تتحدث لـ الزمان عن أن “الاهتمام بالأناقة لديها يغلب عليه الطابع الكلاسيكي”، فتقول “لا أهتم بحداثة الموديل، قدر الاستجابة إلى الاسلوب الخاص الذي يتناسب مع العمر والوضع الاجتماعي بعيدا عن الايحاءات التي قد تحملها الازياء والذي لا يناسب وضع المرأة العربية وبالذات العراقية”. وترى الإعلامية مروة الخفاجي إن “كمال المرأة لا يكمل بالأزياء فقط، بل بالوعي والاخلاق واناقة الكلام”. ومن وجهة نظر الإعلامية ، سرور الداؤدي فإن “المرأة العربية المثقفة تستطيع اختيار الزي المناسب واللون حسب العمر والكاريزما والوقت والمناسبات، في حين إن المرأة بطبيعة الحال تهتم بالموضة اكثر من الرجل لشغفها بالأزياء والعطور”.
توازن مع النمط السائد
وتشير الإعلامية مها المرسومي لـ الزمان إلى إن “الاهتمام بالمظهر والاناقة يجب إن يتوازن مع النمط السائد في المجتمعات العربية وان لا يتجاوز حدود التقاليد المجتمعية المعروفة، فضلا عن تعاليم الدين”. وتنتقد المرسومي “الاهتمام الزائد بعمليات التجميل مثل حقن الوجه وعمليات الشفط والانفتاح على أنواع غريبة من الملابس”. تقول الكاتب نهاية الخفاجي لـ الزمان أن “المرأة بطبيعتها تميل إلى الأناقة والاهتمام بمظهرها الخارجي ولكن هناك أمورا تميز المرأة المثقفة عن اقرانها بثقافتها الفكرية والاتزان الحياتي نحو تحقيق أهداف منفعية وعلمية لمجتمع ينتظر من المرأة المعطاء الكثير من إبداعها”، معتبرة إنه “ليس كل تقليد أو مظهر يسمو بالمرأة المثقفة إلى المكانة المتميزة وانما فكرها وجهدها العلمي والثقافي ودورها الاجتماعي”.
فنانة تنتقد
الممثلة العراقية ميلاد سري ترصد “انفتاحا على الأزياء خارج السياقات الاجتماعية بين الكثير من الفتيات في العراق بشكل عام”، مشيرة لـ الزمان إلى “الكثير من المظهر (الجريء) في الشارع، فيما توجه الانتقادات إلى الممثلة والفنانة اذا ما ارتدت زيا هو اكثر احتشاما من السائد في الحياة اليومية”. ترى سري إن “الكثير من زميلاتها الفنانات يركزن على الأزياء البسيطة والجميلة بأسعار مناسبة، بغض النظر عن الموظة السائدة”. وترى الإعلامية العراقية قدس السامرائي في حديثها لـ الزمان، إن “المرأة المثقفة تتمتع في الغالب بشخصية قوية، ولهذا فهي تدرك أسرار الموضة وتعشق كلّ ما هو جديد”. لكن السامرائي ترصد “اهتماما مفرطا لدى البعض بالمظهر، وهو يرتبط بالسمات الشخصية والظروف الحياتية، فضلا عن كونه محاولة من بعض النساء لجذب الأنظار والاهتمام”. وتقول الكاتبة عبير القيسي لـ الزمان إن “الازياء تعكس الانوثة وقوة الشخصية، وكل امرأة تميل لأن تكون اكثر جاذبية وقبول في المجتمع، لا سيما الفنانات وعارضات الازياء والموديلات والاكاديميات والمبدعات في المجالات المختلفة، كونهن يمثلن واجهة البلد”.
تلازم البساطة والاناقة
وترصد الفنانة التشكيلية تيسير كامل حسين لـ الزمان، “اهتماما واسعا بمجال الموضة والازياء وانتقاء كل ما هو مميز وانيق يبرز شخصية المرأة العراقية التي تتميز بجمالها وملامحها الشرقية وانوثتها المميزة والبساطة في آن واحد الا ان المبالغة والهوس الزائد عن حده واعتماد اكسسوارات كثيرة والمزيد من مساحيق التجميل يخفي جمال وبساطة المرأة ويضيّع ملامحها”، مشيرة إلى “أهمية تلازم البساطة والاناقة في آن واحد”. وتوضح الإعلامية سراب الشريف لـ الزمان بان “المرأة بشكل عام تحب التميز والانفراد بالفطرة، ووسط الماركات المعروضة اليوم وبعد ان اصبح سوق العراق مفتوحا، باتت المرأة في دوامة منافسة قوية مع من حولها من اجل اقتناء القطع المميزة من البراندات والتفاخر بارتدائها، وخاصة المرأة الموظفة التي تنفق احيانا اكثر من نصف الراتب على الأزياء”، معترفة بان “اهتمام المرأة بالأزياء والموضة قد زاد بسبب الانترنت الذي يعرض كل الموديلات اولا بأول”.
الهيئة المناسبة للبيئة
وتعترف طبيبة الاسنان دينا اياد، في حديثها لـ الزمان، بان “المرأة المثقفة تمتلك الشغف بكل ما يتعلق بأناقتها بما يواكب العصر الحديث، لان هذا يعبر عن تحضرها ويعكس قناعتها الفكرية بعيدًا عن الهوس الزائد، ولان المرأة المثقفة هي سيدة منزلها ومجتمعها فلابد ان توازن كل امور حياتها كي تظهر بالهيئة المناسبة للبيئة”.
الانفتاح الثقافي
وتقول الإعلامية والناشطة سعاد حسن الجوهري، لـ الزمان بان “من حق المرأة العراقية – لاسيما الشابات والمثقفات – ان تواكب التطور المتنامي والمتسارع في مختلف مجالات الحياة من بينها عالم الموديلات والازياء والتقليعات الجديدة الخاصة بها”، مشيرة إلى انه “من المفرح، مشاهدة كرنفالات واحتفاليات تحتضنها بغداد وبعض المحافظات بهذا الجانب ما يدل على ان البلاد عازمة على المضي في طريق الانفتاح وبث روح الحياة بعد سنوات طويلة من الانغلاق الثقافي”. وتدعو الجوهري، الشابات المثقفات الى “التحلي بروح المسؤولية لاكتشاف طاقاتهن وقدراتهن في مواكبة جميع تطورات الحياة العامة وعدم الانكفاء والانطواء في زوايا العتمة”.