أخلاق طلبة هذا العصـر

 على حد ذاكرتي عندما كنت طالب ابتدائية في سنوات الستينيات فاننا حال دخول المعلم الصف نقطع الكلام تلقائيا ، وننهض احتراما واجلالا لشخصه الذي يوصف لدى طلبتنا آنذاك كرسول من رسل التعليم يجب طاعته والأمتثال لأوامره فــــي داخل الصف وادارة المدرسة وساحة الأصطفاف ، واذا ما صادفناه في شارع او سوق فنحس كأنما مرتكبين ذنبـــــا كبيرا ، وفي حال كهذا تبدأ اجسامنا ترتجف لحظة ملاقاته ، ولا نعرف كيف نعتذر له عن حضورنا في هذا المكان ، وكل ما يتعلق بــذلك التهيب والتعظيم فانه في طلعة الرواد التربويين هو فعل يخبر عن حقيقة الخجل لدى طلبتنا في تلك المراحل الماضية ، وما هذا السلوك الا دليل على تخلقهم بأخلاق الأسلام الفاضلة ، وعبر هذا المصدر المبصر نشأت في مجتمعنا اجيال ضــــــربت اروع الأمثلة في نكران الذات والتفاني في العمل وايثار مصلحة الوطن على المصالح الفردية القائمة علــــــــى سرقة المال العام وابتزاز الناس البسطاء ، وقد اسس هذا الأستحياء مجتمعا يزهو بالأستقامة والصواب فطوبى والف تحيــــة الى ذوي طلبة ووزارة معارف ذلك الزمان على جهودهما المبذولة لتوهيج الأخلاق في هذا الوسط الطلابي الذي بات الآن يحتاج في تقويمه الى أشد المتابعة المشتركة من قبل ادارة المدرسة ورب الأسرة ، ولسوء الحال والأنكسار من الحزن ان فــــي هذه السنين الأخيرة لم يكن هناك دور مشرف لوزارة التربية والأكثرية من الأسر العراقية في تربيـــة الطالب على الخلق الكريم بل ترك الحبل على الغارب لأنشغال الجهتين في اشاعة مسائل تافهة مابرحا مقيمان عليها ، وحسب العاملين في هذا الحقل من العلماء ان افشاء ثقافة التخريب في الوسط التعليمي بشقيه الأبتدائي والثانوي قد افسحت المـــــــجال في تصاعد الخلق الدميم فوق الخلق الحسن وتسلطه على مدارس وكليات طلبتنا مما ساق بهم ذلك الى عدم اهابة المعلم وتفخيمه ، وهـــــذه طامة كبرى يجب ان نسلط الضوء عليها بالوقوف وقفة رجل واحد للبحث عن العلاج اللازم لأجتثاث هذه الأزمة الأخلاقيــة من خلال مراعاة مايلي:

 1-البدء بتفعيل مبدأ العقاب والثواب في العملية التربوية لتصير حصناء من العبث الذي شفها سنين طويلة وذلك بـــــوضع غرامات مالية يلزم اداؤها على كل سلوك رذيل يصدر من الدارسين ويمس بسمعتها .

 2-تطهير العملية التربوية تطهيرا شاملا من العناصر الكسولة والمصلحية التي تسترشي في توزيع المسؤوليات وكل ماله علاقة بأمورها.

 3-اصدار قانون يجب ان يحال بموجبه الطالب العاق لمعلمه الى القضاء ليدفع ثمن جرمه .

 4-تخفيض كادرها من موظفين ومعلمين ومدرسين واعتماد النوع بدل الكم،وذلك بالرجوع الى صحيفة الأعمال وما مـدون فيها من نشاطات أو اخفاقات في العمل .

 5-تحقيق لقاء شهري لأولياء امور الطلبة من المدارس الأبتدائية والمتوسطة والأعدادية وحثهم على متــــــــــابعة ابنائهم اخلاقيا وعلميا شرط ان يكون مدعما بحضور ممثل على مستوى رفيع من الأشراف بجنسيه الأبتدائي والثانوي.

 6-استحداث وظيفتين جديدتين تعم جميع المدارس الأولى وظيفة ظابط شرطة مختص بالتحقيق الأبتدائي والثانية وظيفــــة محقق عدلي واجبهما تدوين اقوال الطلبة المتمردين على معلميهم وادارة مدارسهم ورفعها الى محكمة المنطقة عن طريق مركز الشرطة لتبت فيه.

 جمل أخيرة:-

 ما من أمة اعتلت منصتي العلم والعدل الا وشرعت قوانين راقية في العقاب والثواب تميح لكل ذي حق حقه لــــــكي لايعبث ابناءها بعضهم ببعض كوحوش الغابة حيث القوي يفترس الضعيف، ولا حيــــــلة ولا قوة للمستضعف الذي يتمنى اليوم أن يبعث الله اليه حمورابي مرة ثانية ليبطش في مسلته العدليـــــــة بالمتهاترين والمتزلفين وآكلي حقوق الفقراء والفاتيكانيين الجدد .رحمك الله ياحمورابي على عدل قوانينك واطمئن وأنت في برزخك فان الأمم الواعية تلقفت مسلتك الفاخرة لتجعلها مادة تدرس في كلياتها القانونية والحقوقية لتكون عنوانا ملازما يهتدى اليه لكن ابناؤك من العراقيين في هذه الأعـــــــوام لكونهم لم يحسنوا في احيائها فصاروا في أسوأ حال ،وهذا هو جزاء خائن الأمانة عندما تستودع اليه.

جاسم محمد حمزة  – كربلاء

مشاركة