أخطاء أم جرائم الأطباء؟ ـ عبد الستار رمضان
صحيح أن الخطأ ممكن ومتوقع في اي عمل او مجال من مجالات الحياة، وصحيح ايضاً ان الإنسان يتعلم من اخطائه، ولكن هناك بعض المهن والمواقف مطلوب فيها كل الحذر والاهتمام والتدقيق لان بعض الاخطاء تكون قاتلة وتنهي وتحطم حياة الآخرين وبعدها لايفيد الندم ولا يفيد الاعتذار وتقديم التبريرات.
أخطاء الاطباء اصبحت ظاهرة تتطلب الدراسة والمعالجة الحاسمة والسريعة لانه لا يمر يوم الا ونسمع عن مريض راجع احدى المستشفيات او اجرى عملية لدى احد الاطباء وبدلا من ان يخرج سالما معافى نجده يخرج محمولاً أوحاملا لعلة ومرض جديد، فيبدأ دورة جديدة من المراجعات لعيادات الاطباء الذي تفنن الكثير منهم في كتابة العديد من الفحوصات والاشعة والادوية والسونارات القريبة من عياداتهم ومستشفياتهم والتي يؤكد الكثير من الناس انهم اي الاطباء شركاء مع الكثير من اصحاب المختبرات والتحليلات والاشعة والصيدليات وغيرها من المهن المربحة والمرتبطة مع مهنة الطب. الطب مهنة مقدسة والطبيب هو الوحيد الذي يأتمنه الناس على اجسامهم واسرارهم وصحتهم واعضائهم جسمهم الداخلية والخارجية دون اي اعتبار او حرج للجنس او العمر، فالطبيب مفترض فيه الامانة والاستقامة ومراعاة شرف المهنة والالتزام بالقسم الذي أداه والذي يلزمه ان يكون امينا مستقيما وشريفا في تعامله مع اي مريض يتحول الى وديعة وامانه بين يديه، وهذه الامور موجودة في العديد من الاطباء الذي يذكرهم الناس بكل خير، لكن مع الاسف تحول بعض الاطباء وبنسبة تتزايد يوما بعد يوم الى تجار وقصابين همهم الاول الربح والمادة وهم يدورون ويركضون حيثما يوجد المال والربح الذي يجذبهم كالمغناطيس من دون رحمة او رافة اووقفة حساب مع انفسهم قبل ان يحاسبهم الآخرين. فكم تساوي عين مريض يفقدها جراء عملية بسيطة ويصبح اعمى بسبب خطأ الطبيب في التشخيض او الدواء؟ وما الذي يمكن ان يقوله الطبيب لزوجة واطفال مريض توفي بعد اجراء عملية بسيطة؟ وهل يمكن تصور حجم الالم والمعاناة والحزن الذي لا يصيب الشخص المتضرر وحده بل يصيب عائلته واصدقاءه واحبابه بل ويصيب كل المجتمع عندما يفقد الثقة والاطمئنان بين ايادي الاطباء التي بدلا من أن تكون ايادي رحمة ورسل شفاء تتحول الى ادوات قتل بسبب الاخطاء. ربما يقول بعض هذا قدر او ان حياة الشخص الفلاني انتهت بسبب ان اجله قد حان، او ان حالة المريض صعبة وحرجة وان الطبيب قد بذل ما في وسعه وهذا كله صحيح لان التزام الطبيب مع المريض هو بذل عناية وليس تحقيق غاية اي ان الطبيب ليس مكلفا او مسؤولا بتحقيق النتيجة او الشفاء الذي يتمناه المريض، ولكن هل بذل الطبيب العناية المطلوبة في تعامله مع المرضى؟ وهل كان دقيقا في تشخيص المرض؟ وهل كان أمينا في وصف العلاج وصادقا في اعطاء الوعود والنتائج المتوقعة للمريض؟
مع الاسف اخطاء الاطباء في بلادنا كثيرة ومستمرة لان القانون ضعيف ومتراخ في علاج هذا الموضوع، ومن يراجع المحاكم يجد العديد من القضايا والدعاوى التي يبقى التأجيل سيد الموقف لان الخطأ الطبي وتعريفه ومسألة مساهمة الطبيب فيه مسألة طبية وفنية ترجع فيها المحكمة الى رأي لجنة طبية مكونة من عدد من الاطباء، ومع الاسف في بلادنا الا ما ندر كل صنف من اصناف ومهن المجتمع يصطف ويؤيد زميله من المهنة، فالشرطي لا يشهد ضد شرطي آخر، والضابط لا يمكن ان يكسر من ضابط آخر والمحامي لا يؤيد الا المحامي واغلب اصحاب المهن.. كذلك الطبيب لا بد ان يقف مع زميله الطبيب ويكتب تقريرا لا يؤخذ منه حق او باطل وهكذا يتم التأجيل تلو التأجيل بحيث يصل المشتكي الى حالة من الياس والقنوط بحيث يقبل اي تعويض يدفعه الطبيب وينتهي كل شيء.
الاخطاء الكثيرة والكبيرة اسبابها كثيرة ومتعددة وبعضها ربما الطبيب ليس سببا فيها بل ربما الدواء او صالة العملية غير المعقمة او الكادر والطاقم غير المؤهل وغير المختص المرافق للطبيب، ولو كانت تلك الاسباب تقف وراء مأساة المريض فسوف تكون النتيجة أفظع ضرراً على حالة المريض، الا ان ذلك لا ينفي مسؤولية الطبيب المهنية والقانونية والاخلاقية والانسانية عما يحدث لانه هو المسؤول المباشر او الموجه في علاج المرضى الذين أٌصيب بعضهم خلال الايام القليلة الماضية حسب تصريحات وزير الصحة في حكومة إقليم كردستان من حقن طبية تسمى AVASTIN تستعمل في الأساس لمرضى السرطان تسببت في ظهور مشاكل صحيةعند زرقها لـ 30 مريضاً تبين أنه تتسبب عدم الرؤية واحمرار العين، دخلت الى إقليم كردستان بصورة غير قانونية وتم شراؤها من قبل احدى الشركات من شخص تركي، بعد ذلك قامت لجنة شراء الأدوية والمستلزمات الصحية في دائرة صحة أربيل بشراء هذا الدواء، ودون أن تقوم بفحصه أرسلته الى المستشفيات مؤكداً ان جميع المرضى الذين ظهرت لديهم هذه الحالة ارسلوا الى خارج الاقليم لتلقي العلاج .
الطب مهنة مقدسة ومطلوب مناقشة واقع ومستقبل الصحة لانها تعاني من مشكلات ولم يعد احد امينا على نفسه في مراجعة اي مستشفى عام او خاص لان الطبيب والدواء وصالة العمليات والمعاون الطبي والمختبر والصيدلية ومخازن الادوية وادارة العملية الصحية متداخلة ومشتركة ومستفيده من بعضها البعض بالتجارة والعقود والتجهيزات و.. و.. وبعضهم محل شك بسبب الجشع وشهوة المال التي أعمت بصيرة بعضهم قبل ان يتسببوا باخطائهم وجرائمهم في فقدان بصر وعمي الآخرين.
AZP07