أثر التشريعات والأنظمة والقوانين (2)
تحديد سلطة المحافظين
من المؤكد سوف يضمن اداء سير المحافظات والاقاليم وفق منهج الادارة المؤسساتي واتخاذ قرارات ناضجة من خلال الشراكة والاستشارة والاجماع او التصويت عليها اي على اتخاذ القرارات لذى لابد من تعديل القانون المذكور كونه يحمل الكثير من الغموض والسلبيات في طياته وهو بحاجة الى تنظيم وتفسير ينظم بقانون كي لا يتلاعب او يجتهد احد ولا يستغل من قبل المسؤول الواحد لان التجربة العملية اظهرت الكثير من السلبيات والاخفاقات في القانون حيث كانت السبب في الخلافات والنزاعات بين حكومة المركز والمحافظات خاصة في مجال الصلاحيات الادارية والمالية والذي شكل عائق في ادارة المحافظات وحجم من قدراتها على انجاز مهامها خاصة في مجال الخدمات وانجاز المشاريع المهمة التي لها علاقة بالواقع الخدمي للمواطن وبشكل مباشر لذى ما نشهده اليوم في تعالي الاصوات المطالبة باعادة النظر في القانون وتعديلة بالشكل الذي يوسع صلاحيات المحافظين الادارية والمالية وزيادة الموارد المخصصه للمحافظات وهي امور مهمة ولكن بشرط الانتباه الى مسألة اساسية هي التفرد بالسلطة والتحكم بهذه الصلاحيات والموارد والمخصصات التي تعطا للمسؤول المحافظ او رئيس مجلس المحافظة بعيدا عن العمل الجماعي كما ذكرنا وكررنا بل يجب ان تكن اتخاذ القرارات مشتركة سواء كانت بالاجماع او تصويت الاغلبية يعني بمشاركة نواب المحافظ ومعاونيه والمعنيين لان التفرد بالسلطة وبالقرارات من قبل المحافظين وبهكذا صلاحيات هو الفسد والمخاطر والفشل بعينه لذى يجب ان توضع اسس ومبادئ حماية تحمي كل هذه الصلاحيات بانظمة وقوانين تحميها من سلطة الفرد الواحد كونها الضمانة الحقيقية والاساسية لحماية المال العام من سطوة التفرد خاصة وان قانون (21) لعام 2008 جاء في مواده (23) و (31) ليصف المحافظين ورؤساء الوحدات الادارية بأنهم السلطة الاعلى في وحداتهم الادارية دون ان يحدد من يشاركهم في اتخاذ القرارات وهنا مكمن الخلل الذي يشجع على الاغراءات والتي تجر وتشجع على الفساد بكل انواعه وبدون تحفظ ونحن نعيش اليوم نتائجها بحيث نغرق في ملفات الفساد المالي والاداري وعلى جميع المستويات والمواقع والمسؤوليات ولهذا يجب ان يشرع قانون او يتم توضيح من يشارك هؤلاء المسؤولين في اتخاذ القرارات فلا وجود لهيئات او مجالس تنفذية تشاركهم وكما ذكرنا في دراسة القرارات واتخاذها وهذا ما جعل المحافظين يديرون محافظاتهم بتفرد معتمدين على مكاتبهم الشخصية بعيدا عن المؤسسة وبدونها وهذا المنهج يشكل خطورة ومثار للخلافات والجدل والنزاعات والتضاربات داخل المؤسسة الواحدة اي داخل الوزارة او المحافظة ضربت عرض الحائط الدور المؤسساتي في العمل الجماعي في ادارة شؤون المحافظة او اي مؤسسة اخرى في الدولة العراقية وهذا هو ما لا ينسجم مع روح الدستور العراقي الذي حاول رسم خطى دولة المؤسسات العراقية المدنية الحديثة كما رسمه الدستور في هيئات الرئاسة والبرلمان ومجلس الوزراء ففي الماده (138) قيد رئيس الجمهورية بمؤسسة هيئة الرئاسة والتي تتالف من الرئيس ونائبيه وهكذا مجلس الوزراء ومجلس النواب الذي يجب ان يتخذ القرارات بالتصويت او الاجماع لكن هذه القرارات والضوابط لا نشاهده واردة في قانون المحافظات 21 2008 فيما يخص تحديد سلطة المحافظين ورؤساء الوحدات الادارية بهيئة او مجلس تنفيذي ليشارك في اتخاذ القرارات من اجل الحفاظ على سلامتها ونزاهتها وحمايتها ودقة صوابها لتكون معبر حقيقي عن ارادة الجميع لا عن ارادة شخص واحد لذى نرى من الضروري تلافي هذا الخلل الكبير والخطير في قانون المحافظات لما له من اثار سلبية على مسار الدولة بشكل عام والمحافظة المعنية بشكل خاص ونحن اليوم امام وقفة جادة لمواجهة ومكافحة الفساد الاداري والمالي علما ان النمط الاداري المؤسساتي الذي نطالب العمل به هو ليس بجديد بل معمول به ومطبق في العديد من دول العالم ومنها المانيا والولايات المتحدة الامريكية وغيرها من البلدان ونحن في عراقنا الجديد ننشد التحديث والانتقالة النوعية باتجاه بناء دولة المؤسسات التي تحكم وتنظم بقوانين حضارية مدنية علمية مؤسساتية تلائم المجتمع والواقع العراقي اذا نحن امام نشر ثقافة مؤسسات ادارية جديدة تلغي صفة التفرد وتجذر العمل المؤسساتي الجماعي الديمقراطي الذي يحترم الراي والراي الاخر و يحمي مصالح العراقيين وبدون تمييز وعلى اسس المواطنة والكفاءة والابداع وهذا لا يتحقق الا بارساء اسس قانونية دستورية وهذه هي مسؤولية البرلمان المعني بالمحاسبة والرقابة والتشريع وان لا يكون هناك تهاون في جعل البلد ومقدراته بيد شخص او فرد واحد مهما كان موقع هذا الفرد بل يجب ان يذوب الفرد في العراق الجديد في سلطة الجماعة بالقانون اي تنظم السلطات بكل انواعها بالانظمة والقوانين التي تضع حد واضح وصريح للتفرد بالسلطات والصلاحيات لان في ذالك حماية للفرد والمجتمع والثروات الوطنية وانظمتها وقوانينها التي يكون بمقدورها القضاء على افة الفساد الاداري والمالي وبناء الدولة على اسس ديمقراطية علمية متينة يكون بامكانها تطبيق العدالة الاجتماعية وتحقق السعادة لجميع العراقيين بدون تميز .
طالب قاسم الشمري – بغداد
/6/2012 Issue 4225 – Date 13 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4225 التاريخ 13»6»2012
AZPPPL