أبو الأمــة

أبو الأمــة

جنوب افريقيا بلد يوجد فيه اكبر عدد سكان من اصول اوربية وهندية في العالم، حكمه الحزب الوطني البويري منذ 1948 حيث تأسيس الدولة، ادخل هذا الحزب الذي اسسته الاقلية البيضاء الفصل العنصري كنظام للبلد او ما يعرف بـ(ابارتيد). انتهجت الحكومة البيضاء سياسة عزل الافارقة السود في مناطق خاصة بهم وتوفير الخدمات العامة البسيطة لهم بمعزل عن البيض كذلك خلقت اطاراً قانونياً يحافظ على الهيمنة الاقتصادية والسياسية للاقلية ذات الاصول الاوربية ويمنح السود سيادة اسمية في مناطقهم البعيدة والمتفرقة التي كانت تعاني الفقر وعدم المساواة، سياسة الاقصاء هذه خلقت ردات فعل عدة حيث بدأت تظهر التوترات العرقية في حركات مناهضة لنظام الفصل العنصري واقصاء السود بوسائل سلمية وعنيفة مما اضطر الحزب الوطني  بعد صراع طويل مع الاغلبية السوداء ومجموعات مناهضة للعنصرية من البيض والهنود الى بدء تفكيك هذه السياسة عام 1990 . في عام 1952 برز الافريقي الاسود نيلسون مانديلا (1918 – 2013) في حملة تحد من حزب المؤتمر الوطني الافريقي المعارض الذي القى القبض عليه مراراً وتكراراً وحكم مع قيادة حزب المؤتمر في محاكمة الخيانة (1956-1961) وبرء فيما بعد وفي عام 1962 أدين بالتخريب والتآمر لقلب نظام الحكم وحكم عليه بالسجن مدى الحياة. مكث مانديلا 27 عاماً في السجن بالموازاة مع مدة سجنه انتشرت حملة على الضغط من جل اطلاق سراحه، الامر الذي تحقق في عام 1990 وسط حرب اهلية متصاعدة. نيلسون مانديلا السياسي المناهض لنظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا والثوري المسالم والمسجون والحاصل على اكثر من 250 جائزة منها جائزة نوبل للسلام 1993 وميدالية الرئاسة الامريكية للحرية ووسام لينين من النظام السوفييتي اصبح عام 1994 رئيساً للبلاد في اول انتخابات ديمقراطية متعددة الاعراف حيث اسس دستوراً جديداً ولجنة للحقيقة والمصالحة للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان في الماضي وعرضت ادارته تدابير لتشجيع الاصلاح الزراعي ومكافحة الفقر وتوسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية. بقي في الحكم حتى 1999 وامتنع عن الترشيح لولاية ثانية. يتمتع مانديلا بالاحترام العميق في العالم عامة وفي افريقيا خاصة في كثير من الاحيان يوصف بأنه (ابو الامة)، الامر في العراق يبدو متشابهاً لكن من جهة واحدة فقط حيث كانت هناك سلطة مغلقة على رجالها تجتث بطرقها البشعة ما يعترضها لا تتمتع بالاغلبية وتضع القوانين المحققة لمصالحها. الحزب الواحد الذي لا يتمتع بسلطة جماهيرية، كان حزب البعث في العراق والحزب الوطني في جنوب افريقيا، هنا ايضا نشأت معارضة حاولت اخذ الحقوق بشتى الوسائل وافرزت رجالاتها، لكنها لم تضع مانديلا يجمع قناعة الشعب الذي انهكته تلك السنين بقايا نظام سلطوي وتركة من الحرب والتخلف ووجود افة الفساد والارهاب الذي يفجر براكيناً للتفرقة كان يمكن ان يتجاوز ذلك لو أن لدينا (ابو الامة).

رسل صباح فخري

مشاركة