أبصرّ بالعمى
عبد المنعم حمندي
حاورتُ نزفك والظلام يثرثرُ …
وَما رأيتُ الفجرَ قطّ
وليس غيركَ في دمي .
ليقيم في عرس السماء مأتمي .
أوهمتني بالسحر
والكلِم المذهّب في فمي .
وحملتني في الماء
أبحث عن رواءٍ..
ربما يأتي على نهرٍ ظمي .
فتّشتُ عنه في الطريق المعتمِ .
ياليتني أعمى وما كنت رأيت .
…..
في وقفةٍ حيرى
على النهر رأيت الله
في روحي الكئيبة يرسم ظلاً لها .
ولربما في الموج ،
تغسل حُزنَه ، أوحزنها .
و تهشُّ في الزبَد الذنوبْ .
لابُدّ أن ترغو لتصعد للسماء .
و تزيح بالإمطار آثار الندوبْ .
في وقفتي :
أتأمل الأشجار ..
كيف تقوّض المعنى وتسبغ ظلها .
أوكيف تخفي ضوءها .
بمهاجرين على الأسى
لايعلمون متى نذوب ؟.
فقراء نحن بالتعفف أغنياء
مرابطين على التشبث بالوثوب .
فقراء ، ضاق النهر ،
فأفتتحوا الدنا
واستبسلوا في القهر ،
في كل الحروبْ .
لا يظهرون جمالهم
بل يحلمون ،
كما النجوم الطالعات مع الغروبْ .
أو يبدعون الحلم أُحْجِيَّةً
على الزمنٍ اللعوبْ .
ويجمّلون الصبر بالآمال
واللحن الطروبْ .
…..
خُذْ ما تبقّى من رحيق زهرةٍ
في نحلةٍ عمياء
وأتركني أرى
رؤياي صادقةً بها تزِن الأمور .
سيظلّ نجمك لامعاً
لا الغيب يبتلّ،
وما الأسحار غير غمامةٍ
حُبلى بعاصفةٍ تمور .
حُبلى وتنبئ عن مصير حمامةٍ
نثرت عليَّ براءةً ،
فرشت جناحيها لترفعني
الى سبع سمواتٍ تدورْ .
….
لا شيءَ أفعلهُ هنا ..
النهر مضطربٌ
وفوق ضفافه الأشجار خائفةٌ
تموج .
والفجر غام،
فلا نوافذ للضياء ..
وكلّ شَيْءٍ معتمٌ
أزماتنا كرةٌ من الثلج
زُلال هواجسٍ
منسيةٍ بين الثلوج
وليس من أملٍ قريبٍ،
يُرتجى منه الخروج
فوضاي طفلُ فجيعةٍ ،
متمردٌ ، في مهدهِ بلغَ النضوجْ
…
لاشيء في رفّ النوارس ،
تحتهُ، ذكرى تمرُّ على المياه ،
والأمنياتُ البيضُ مثل صبيّةٍ
شقراء حاصرها الزنوج !!