يا هذا العراق: متى يمكن أن تعود؟-د. نزار محمود

كنت‭ ‬يوماً‭ ‬قد‭ ‬أوضحت‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬اتسم‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الرؤى‭ ‬الفكرية‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬اندماج‭ ‬المهاجرين‭ ‬الى‭ ‬المانيا،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقاس‭ ‬ويقدر‭ ‬ذلك،‭ ‬حينها‭ ‬كانت‭ ‬اجابتي‭ ‬التي‭ ‬لقت‭ ‬استحساناً‭ ‬بعد‭ ‬تأمل‭: ‬الاندماج‭ ‬يعني‭ “‬الشعور‭ ‬بالانتماء‭ ‬الى‭ ‬البلد‭ ‬ثقافة‭ ‬وأخلاقاً‭!”‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬توضيح‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬الثقافة‭ ‬والأخلاق،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لأغراض‭ ‬المقال‭.‬

لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تقتصر‭ ‬الثقافة‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬المعرفي‭ ‬الأدبي‭ ‬والفني‭ ‬والعلمي‭ ‬والمهاري،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬المستنسخ‭ ‬منه‭ ‬والذي‭ ‬يجري‭ ‬اجتراره‭ ‬واستخدامه‭ ‬مرة‭ ‬ومرة،‭  ‬وانما‭ ‬يتعداه‭ ‬الى‭ ‬مجالات‭ ‬كثيرة‭ ‬مثل‭ ‬انماط‭ ‬التفكير‭ ‬والعيش‭ ‬والسكن‭ ‬والابداع‭ ‬والتحسس‭ ‬بالجمال‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬والسلوكيات‭. ‬وبهذا‭ ‬فإن‭ ‬الثقافة‭ ‬كالكائن‭ ‬الحي‭ ‬في‭ ‬روحها‭ ‬وأحاسيسها‭ ‬وجسدها،‭ ‬تنمو‭ ‬وتزدهر‭ ‬حينما‭ ‬تتطور،‭ ‬وتبدأ‭ ‬تموت‭ ‬حينما‭ ‬تتدهور‭ ‬وحتى‭ ‬عندما‭ ‬تجمد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬فتتعفن‭.‬

وهكذا‭ ‬هي‭ ‬الاخلاق‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬وجدت،‭ ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬لها،‭ ‬سوى‭ ‬لتنظيم‭ ‬علاقات‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحق‭ ‬والعدل‭ ‬والمساواة‭ ‬بينهم،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬زرع‭ ‬الاستقرار‭ ‬والمحبة‭ ‬والتعاون‭ ‬والتعاضد‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحقيق‭ ‬السعادة‭ ‬والرضا‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭.‬

كنت‭ ‬متشوقاً‭ ‬للقاء‭ ‬صديق‭ ‬رغبة‭ ‬بالإحساس‭ ‬بالدفء‭ ‬الإنساني‭ ‬الى‭ ‬طيبه‭ ‬ومحبته،‭ ‬وأشعر‭ ‬بأنني‭ ‬اكثر‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬أو‭ ‬اجتياز‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يجابهني‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬أو‭ ‬محن،‭ ‬مثلما‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬نفسي‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬المواقف،‭ ‬ليس‭ ‬فضلاً،‭ ‬لا‭ ‬سامح‭ ‬الله،‭ ‬وإنما‭ ‬ثقافة‭ ‬واخلاقاً‭ ‬انسانية‭ ‬ووطنية‭ ‬تربينا‭ ‬عليها‭ ‬وفخرنا‭ ‬بها‭. ‬فوجئت‭ ‬ان‭ ‬ذلك‭ ‬الصديق‭ ‬أصبح‭ ‬يعيش‭ ‬الكذب‭ ‬والتزوير‭ ‬والنفاق‭ ‬والتسويف‭ ‬وحب‭ ‬الذات‭ ‬والانانية‭ ‬المقيتة‭ ‬والجبن،‭ ‬وقد‭ ‬خاض‭ ‬مستنقعات‭ ‬الفساد‭ ‬من‭ ‬أوسع‭ ‬أبوابها‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬أكثر‭ ‬أقاربي‭ ‬ومعارفي‭ ‬ليبلسم‭ ‬ذلك‭ ‬الألم‭ ‬والحزن،‭ ‬فقد‭ ‬باتوا‭ ‬أكثر‭ ‬حباً‭ ‬بما‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬مال،‭ ‬وأكثر‭ ‬زهداً‭ ‬وتحفظاً‭ ‬في‭ ‬الطيبة‭ ‬والشهامة‭ ‬والكرم‭ ‬والنخوة‭. ‬لقد‭ ‬باتت‭ ‬صلواتهم‭ ‬وحجاتهم‭ ‬الى‭ ‬مكة‭ “‬موضة‭” ‬كزيارات‭ ‬عرب‭ ‬الجاهلية‭ ‬اليها‭! ‬فلا‭ ‬لان‭ ‬القلب‭ ‬ولا‭ ‬زادت‭ ‬الرحمة‭ ‬ولا‭ ‬شهدنا‭ ‬استعداداً‭ ‬للتضحية،‭ ‬ولم‭ ‬يبق‭ ‬من‭ ‬صلة‭ ‬الرحم‭ ‬والصداقة‭ ‬غير‭ ‬النفاق‭ ‬ورفع‭ ‬العتب‭. ‬لكنهم‭ ‬نسوا‭ ‬أن‭ ‬يسألوا‭ ‬أنفسهم‭: ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تملأ‭ ‬السعادة‭ ‬قلوبهم،‭ ‬ولا‭ ‬تزين‭ ‬الابتسامات‭ ‬الصادقة‭ ‬وجوههم،‭ ‬ولا‭ ‬يبرق‭ ‬النور‭ ‬من‭ ‬عيونهم‭! ‬سنموت‭ ‬جميعاً‭ ‬وطوبى‭ ‬لمن‭ ‬ودع‭ ‬الحياة‭ ‬راضياً‭ ‬مرضياً‭.‬

تجوب‭ ‬الشوارع‭ ‬فتخدعك‭ ‬المطاعم‭ ‬والمولات‭ ‬والسيارات‭ ‬الفارهة‭ ‬والقصور‭ ‬المنيفة،‭ ‬عديمة‭ ‬الذوق‭ ‬في‭ ‬كثرة‭ ‬الانفاق‭ ‬فيها‭. ‬أسواق‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬فيها‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬زرع‭ ‬أرضك‭ ‬وعرق‭ ‬جبين‭ ‬ونضح‭ ‬عقول‭ ‬ابنائها‭. ‬

كم‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬المخجل‭ ‬حقاً‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬دينار‭ ‬عراق‭ ‬ارض‭ ‬السواد‭ ‬والحضارة‭ ‬والنفط‭ ‬والغاز‭ ‬لا‭ ‬يساوي‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬ملاليم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشتري‭ ‬به‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭ ‬ولا‭ ‬يقبله‭ ‬أي‭ ‬معوز‭ ‬أو‭ ‬شحاذ‭!! ‬ذلك‭ ‬الدينار‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬ان‭ ‬يساوي،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬ساوى‭ ‬فعلاً،‭ ‬ما‭ ‬مقداره‭ ‬ثلاثة‭ ‬دولارات‭ ‬ويزيد‭ ‬عليها‭ ‬بثلث‭ ‬آخر،‭ ‬واليوم‭ ‬يتجاوز‭ ‬سعر‭ ‬الدولار‭ ‬الواحد‭ ‬الالف‭ ‬وخمسمائة‭ ‬دينار‭.‬

نغوص‭ ‬في‭ ‬عراق‭ ‬اليوم‭ ‬بالفساد‭ ‬والتناحر‭ ‬الديني‭ ‬والطائفي‭ ‬والاثني،‭ ‬ونعيش‭ ‬مجتمع‭ ‬مافيات‭ ‬سرقة‭ ‬ونهب،‭ ‬رسمي‭ ‬وغير‭ ‬رسمي،‭ ‬وهدر‭ ‬بالمال‭ ‬العام‭ ‬واستباحة‭ ‬له‭. ‬وعندما‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬والابتزاز‭ ‬والرشاوى‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬حتى‭ ‬قضاتنا‭ ‬ومعلمينا‭ ‬ومرجعياتنا‭ ‬الدينية‭ ‬ورجال‭ ‬أمننا،‭ ‬ندرك‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬ندرك،‭ ‬بأن‭ “‬وطننا‭” ‬العراق‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح‭ ‬رغم‭ ‬رعاية‭ ‬اجتماعية‭ ‬لسد‭ ‬الرمق‭ ‬لشرائح‭ ‬كانت‭ ‬ضحية‭ ‬التناحر‭ ‬والنهب‭ ‬والسرقات‭.‬

نتوسل‭ ‬الدول‭ ‬والمنظمات‭ ‬ونقدم‭ ‬ثمناً‭ ‬باهضاً‭ ‬في‭ ‬السيادة،‭ ‬المخروقة‭ ‬أصلاً،‭ ‬لدعم‭ ‬هنا‭ ‬واستثمار‭ ‬هناك‭ ‬لاعادة‭ ‬بناء‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مدمر،‭ ‬أو‭ ‬لتشغيل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬جيوش‭ ‬البطالة‭ ‬بين‭ “‬المتعلمين‭” ‬حملة‭ ‬الشهادات‭ ‬قبل‭ ‬غيرهم‭.‬

قبل‭ ‬أيام،‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬الاشهر‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬تنشط‭ ‬فيها‭ ‬الدعايات‭ ‬والمناورات‭ ‬والرشى‭ ‬السياسية‭ ‬والحسابات‭ ‬الأمنية،‭ ‬أعلن،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬نينوى‭ ( ‬تعدادها‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬خمسة‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة‭ ‬وفيها‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الكريم‭ ‬اللائق‭ ‬والمنتج‭)‬،‭ ‬عن‭ ‬‮١٧‬‭ ‬ألف‭ ‬عقد‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬المكافأة‭ ‬لعقدها‭ ‬عن‭ ‬250‭ ‬الف‭ ‬دينار،‭ ‬من‭ ‬دنانير‭ ‬هذا‭ ‬الزمان‭!! ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬لا‭ ‬يساوي‭ ‬مائتي‭ ‬دولار،‭ ‬وغالبية‭ ‬من‭ ‬يتصارع‭ ‬على‭ ‬العقود‭ ‬هم‭ ‬عاطلون‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الزواج‭ ‬ودخول‭ ‬مشوار‭ ‬حياة‭ ‬اجتماعية‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬تحديداً‭ ‬ذي‭ ‬جميع‭ ‬ما‭ ‬ذكرنا‭ ‬من‭ ‬مصائب،‭ ‬تعيش‭ ‬حيتان‭ ‬المال‭ ‬والرفاهية‭ ‬ومهربي‭ ‬الاموال‭ ‬الى‭ ‬الخارج‭ ‬من‭ ‬ساسة‭ ‬ونواب‭ ‬وقضاة‭ ‬ومدراء‭ ‬ورجال‭ ‬أمن‭ ‬وشيوخ‭ ‬ورجال‭ ‬دين‭ ‬ونصابين‭ ‬ومحتالين‭ ‬وقوادين‭ ‬وعاهرات‭ ‬ومرتشين‭ ‬وفاسدين‭.‬

نعم،‭ ‬هناك‭ ‬بالمقابل‭ ‬جموع‭ ‬من‭ ‬المنهوبين‭ ‬والجياع‭ ‬والمعوزين‭ ‬والخانعين‭ ‬والقنوعين‭ ‬والكادحين‭ ‬من‭ ‬موظفين‭ ‬وكسبة‭ ‬وكتاب‭ ‬وفنانين،‭ ‬والمتأملين‭ ‬والمخدوعين‭ ‬والراضين‭ ‬والشحاذين‭ ‬والمتعففين‭ ‬لما‭ ‬قسمه‭ ‬الله‭ ‬لهم‭ ‬بين‭ ‬ابناء‭ ‬قومهم‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭.‬

هناك‭ ‬قلة‭ ‬قليلة‭ ‬ممن‭ ‬تتحسر‭ ‬على‭ ‬ماضيها‭ ‬وتكافح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حاضر‭ ‬هذا‭ ‬الشعب،‭ ‬وتدعو‭ ‬الى‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬مستقبله،‭ ‬يوم‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬عنده‭ ‬نفط‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬قيمة،‭ ‬لكن‭ ‬صوتها‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ “‬ضرطة‭” ‬في‭ ‬سوق‭ ‬صفارين‭!‬

قد‭ ‬يتشاطر‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬بيع‭ ‬العراق‭ ‬وذبحه‭ ‬والعيش‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬ايرادات‭ ‬عتباته‭ ‬المقدسة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ندري‭ ‬الى‭ ‬متى‭ ‬تمتد‭ ‬صلاحية‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الادوية‭ ‬والعقاقير‭ ‬وتكاليفها‭ ‬المالية‭ ‬والوطنية‭.‬

إن‭ ‬من‭ ‬أسوأ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬الشعوب‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يحكمها‭ ‬ساسة‭ ‬ونواب،‭ ‬عملاء‭ ‬وسراق،‭ ‬ومدعين‭ ‬دين‭ ‬دجالين،‭ ‬ويسود‭ ‬الأمل‭ ‬المخدر‭ ‬بين‭ ‬أوساط‭ ‬الجهلة‭ ‬وبتحكم‭ ‬الجبن‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الناس‭ ‬ويسكت‭ ‬أو‭ ‬يهرب‭ ‬أو‭ ‬يقنط‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬رأسه‭ ‬عقل‭ ‬وفي‭ ‬صدره‭ ‬قلب‭ ‬ينبض‭ ‬وفي‭ ‬نفسه‭ ‬كرامة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يسير‭ ‬وراء‭ ‬سراب‭.‬

لك‭ ‬الله‭ ‬يا‭ ‬عراق‭ ‬الكرامة‭ ‬والحضارات‭ ‬والثروات،‭ ‬ولكم‭ ‬أيها‭ ‬المخلصين‭ ‬الواعين‭ ‬الغيورين‭ ‬كل‭ ‬الاحترام‭ ‬والمواساة‭!‬

أقولها‭ ‬بمرارة‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬يأس‭:‬

يا‭ ‬هذا‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬أعيش‭ ‬بعيداً‭ ‬عنه‭ ‬بجسدي‭ ‬منذ‭ ‬أربعين‭ ‬سنة‮…‬‭ ‬متى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬وطني‭!‬

في‭ ‬رحلة‭ ‬عودتي‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬الى‭ ‬المانيا‭ ‬بالطائرة‭ .‬

مشاركة