نذير الاسدي
اليوم قبل اذان الظهر بلحظات، في جو مسموم يقطر لهيبا وثقل الغبار المتطاير يلفح الوجوه التي ارهقها الاعياء والتعب والحرمان مرة من امامي ثلاثة من العمال.
انهم عمال نظافة اكلت منهم حرارة الارصفة والغبار ما تبقى من نظارة في وجوههم المتيبسة من إشعة الشمس الحارقة.
الاذان أعلن موعد الصلاة ثم بعد ذلك دعوت عقلي ان يلبي صوت الضمير ….
طلبت من ابنتي ان تعد صينية طعام وماء بارد وتسارعت لاقدم لهؤلاء المكافحين ، شيئا يخفف عنهم معاناتهم مع شدة العمل والارهاق .
شعرت بسعادة غمرتني ولذة روحية حينما رايتهم يأكلون ويشربون .. حينها تراءى لي الله حقا متجسدا بالرحمة والمحبة ومد يد العون لاخواننا وتذكرت قول الرسول الكريم …اتق النار ولو بشق تمرة وعرفت ان الله منحنا كل هذه الضمائر والارواح .
عرفت اخيرا ان الله هو ذات الخير والرحمة.
هو الجمال الروحي والمعنوي.
هو نقاء الضمير، هو العقل المميز بين الحق والباطل.
عرفت ان الصلاة هو الرحمة.
الصلاة هي طهارة النفوس.
الصلاة ان تدمع عيوننا لأجل طفلة جائعة.
الصلاة محراب تغتسل به النفوس وليس الابدان وتتحرك فيه الضمائر وتغني القلوب الحان كشدو البلابل..
اما ان تصلي وروحك تنفث السموم، فذاك هو محراب الشيطان..
وادركت عمق حديث سمعته: ليس اشدد بلاء على العبد الا ان يكون له قلبا قاسيا لا يعرف الرحمة حتى مع ابناءه
شكرت الله كثيرا وحمدته، وذهبت لاصلي له شكرا وحمدا.