وطن أم إقليم؟ ـ د . مهند العزاوي
يفتقر العالم اليوم الى كوابح صارمة، ومحددات قانونية مقرونة بآليات تطبيقية، تحفظ البشرية من الفناء الزاحف والمتفاعل، ونشهد اليوم رغم تعدد المنظمات الانسانية والأممية وازدحام عجلة الالفاظ الاعلامية المنادية بالديمقراطية وحقوق الانسان، الا ان الواقع يؤكد انهيار القيم الانسانية برمتها، واضحى الانسان الوقود الدائم لجشع الشركات، وهمجيتهم المتنقلة على الاجساد البشرية، خصوصا بعد خصخصة الحروب والأمن، واغتيال الدولة، ونشر الفوضى الدموية ومخرجاتها النازفة، وأضحت العقائد الهدامة الوافدة تتزاحم في تطبيقاتها في عالمنا العربي، الفاقد لمقومات الوقاية الفكرية والمهنية، وقد افرزت استراتيجية الحروب المعاصرة كما اسميتها منظرا استراتيجية البركان ــ الحروب القذرة حزمة من السلوكيات الهمجية، ولعل ابرز تلك العقائد هي عقيدة الصدمة، عقيدة التعذيب،عقيدة التكفير، عقيدة الفوضى، عقيدة العزل والاجتثاث البشري، عقيدة تهديم الدولة، عقيدة التأثير المعكوس، عقيدة الترويع، عقيدة الفساد، عقيدة بيع الاوطان، عقيدة تمزيق المجتمعات، عقيدة حرق التاريخ، عقيدة التبشير المسلح، عقيدة رسم الاوطان من جديد.
توصيف يليق بالغلمان
أطلقت توصيفا لما يجري في العراق من فساد وافساد وازهاق للأرواح والمتاجرة بها، ورواج اقطاعيات السجون السرية والعلنية الباحثة عن البريء لتجريمه، وتبرئة المجرم وتقديسه، وانخراط الاجهزة الامنية الحالية بهدم الوطن والمواطن، واعلاء سلوكيات الطائفة الموهومة بالسلطة المزيفة، والساعية لصناعة مناخ التقسيم والتهديم الوافد من خارج الحدود، وقد اسميتهم طائفة المنصب مجموعة من الموظفين بدرجات مختلفة بلباس السياسة والأمن والمذهب متعلقين بالقرون الكبيرة الدولية والقرون الصغيرة الاقليمية يحرصون على ابادة الوطن والمواطن من اجل منافعهم وبقائهم بالسلطة ويجعلون من الانسان بضاعة بخسة في سوق الفناء الانساني في العراق .
عناصر الفيدرالية
جميع التجارب الدولية التي اتخذت نظام الاقاليم هي مزج وتفاعل دويلات وامارات متقاربة تربطهم وشائج مشتركة، وتتفق على مصير مشترك ووحدة هدف لتكون دولة مركزية فدرالية فاعلة تردع خصومها الطامعين، ويمكن وصفها بتوزيع المهام بشكل لا مركزي يضمن مركزية الموارد والدفاع والسياسة الخارجية وتعايش المكونات والأعراق, وفقا للخطوط العامة للمصلحة الوطنية العليا، وقد نجحت دول متعددة بلغت 23 دولة فدرالية جمعت ولايتها لتصبح دولة، ويشار بنجاح الى الولايات المتحدة عالميا ودولة الامارات العربية عربيا، وكان لكتابات اثنين من المراقبين السياسيين الانكليز ألبرت دايسي وجيمس برايس تأثير كبير على بدايات نظرية الفدرالية، لقد حدد دايسي شرطين لتشكل الدولة الفيدرالية.
1ــ وجود عدة دول وثيقة الارتباط ببعض محليا وتاريخيا وعرقيا أو ما شابه يجعلها قادرة على ان تحمل في نظر سكانها هوية وطنية مشتركة. 2ــ الرغبة الوطنية في صيانة الوحدة الوطنية والتصميم على المحافظة على استقلال كل دولة في الاتحاد الفيدرالي.
فرضيات وأسئلة
بالتأكيد ان العراق ليست دولاً متفرقة او شعباً او جزراً متباعدة ليكون دولة فدرالية، بل العراق دولة متماسكة تشغل محوراً جيوسياسياً هاماً يتعلق بالتوازن الاقليمي، والسلم والأمن الدوليين، ويشكل راس جسر لأمن المنطقة برمتها، وخزين الطاقة الاستراتيجي من النفط والغاز، وعندما نذهب لافتراض الاقليم الذي ليتسق بمبادئ الفيدرالية اعلاه، ويختلف عن الواقع العراقي المزيف الذي يصنع في مراكز الابحاث وهوس الباحثين الامريكيين الذين لم يفقهوا شيئا عن العراق وبيئته ونسيجه الاجتماعي، فإن المخاطر المترتبة على تمزيق العراق وتقسيمه اكثر من المكاسب والكلفة تفوق المردود وكما يلي
1ــ اقليم كردستان العراق وحسب البارومتر السياسي والمكاسب الحزبية التي حققت نجاح نسبي في 3 محافظات مقابل فوضى وتردي واحتراب لـ 15 محافظة.
2ــ الجنوب العراقي والذي يطلق عليه الوصف الاعلامي بعد الغزو وبعد سياسات التقطيع الناعم والخشن والفصل الطائفي بالمحافظات ذات الاغلبية الشيعية وهي ترفض الفدرالية كمجتمعات خصوصا في ظل استئثار طائفة السلطة الوافدة والمتحولة بمقدراتهم ومصادرة حقهم بالتعبير والقرار.
3ــ الطرف الثالث الذي يراوح بين فلسفة الفصل الطائفي وسلوكيات طائفة السلطة بمخارجها الدموية، وتتعرض هذه الطائفة للتجريف المنظم، والترويع والتنكيل بغية خلق مناخ التقسيم الفدرالي، كأحد الحلول المرة كما يصفها معتنقي فلسفة الاقليم وسأناقش بواقعية البند الثالث وبلا عاطفة وباستخدام فلسفة التحليل الوصفي للواقع السياسي وباستخدام منهجية الفرضيات والأسئلة وكمايلي
1ــ هل ان تصحر العراق وتجفيف الاهوار والأنهار صدفة ام مخطط لتقسيم العراق وتجريف قدراته الاقتصادية؟
2ــ هل صناعة الارهاب وتجارة السجون ومذهبة القوات وطوئفة القانون صدفة ام مخطط تقسيم؟
3 ــ لماذا يتصارع سكان الاقليم على الانتخابات والتباكي على التأجيل، وقد حولتهم العملية السياسية وممثليهم الى شهادات وفاة مؤجلة بين السجون والمقابر والمساكن والمهجر بلا حقوق؟
4 ــ لماذا يتصدر المشهد الفاشلون وشهود الزور وأركان الهدم الوطني؟
5 ــ لماذا المتاجرين بالوطنية ومعتنقي التحزب يصرون على فلسفة الصدارة واقصاء الاخر وعدم الاعتراف بفشلهم وجعل العراق بضاعة؟
6 ــ لماذا لم ينتج الحراك طيلة 3 اشهر قيادة وطنية رصينة تطرح برنامج العراق الجديد وتهرب الى الامام بطرح منتوج الاقليم؟
7 ــ هل سنساهم في تقسيم العراق وتمزيقه لأجل طائفة السلطة الوافدة والمتحولة والتابعة لايران؟
8 ــ هل فقد العراقيين الارادة الصلبة والوعي لخطورة التقسيم على مستقبل الاجيال لتخوض الفدراليات حروب ونزاعات على امتار وحدود سياسية للأقاليم؟
9ــ لماذا شاركتم بانتخابات معروفة نتائجها سلفا وليزال الكثير يسل لعابه للمنافع السياسية والبرلمانية ويبيع ابناء جلدته وتلك حقيقة؟
10ــ هل سنترك جنوب العراق يفنى كما هم سكان الاحواز وعربستان؟
11ــ هل ان الاقلية المنتفعة وحواشي السلطة ستدوم رغم فشلها؟
12ــ هل سنترك ثروات العراق تحتل من قبل الجار المسلم؟
13ــ هل سنترك منفذ العراق البحري لايران لتكمل حلم الخليج الفارسي؟
14ــ ما الهدف السياسي من قيام اقليم يحمل هوية فرعية ليعترف بها سياسيا دوليا وعربيا واقليميا؟
15ــ لماذا الصمت الدولي والعربي والاسلامي على ابادة مكون بعينه دون موقف يذكر والبعض يصر على التخندق الفرعي الذي لم تسعفه ديموغرافيته المنتشرة في اصقاع الارض؟
16ــ من هي القيادة السياسية التي تحضا بدعم الجميع في ظل غلو وعلو الانا والصدارة وتخوين الاخرين، وشهدنا عملية التهديم الذاتي لمقومات القوة الوطنية واستبدالها بعناصر الحاجة وملئ الفراغ المؤسساتي والسياسي والديني والوطني وشيوخ ما بعد الغزو؟
17ــ ما القوات المجهزة والمهنية والقطعات الموالية والمتجانسة والمؤمنة للدفاع عن المجتمع من غدر الاطماع؟
18ــ ما هوية الاقليم وما الاحزاب والتنظيمات المتصارعة على السيادة وشهدنا الغباء الاعلامي وهم يتصارعون لتبني اي فعل لم يكن لهم فيه اي دور ولكن لغرض الظهور والتضخيم بالمقدرة والتمثيل، وشهدنا بيانات متسارعة ومتصارعة عند بدء الحراك وأفلام وتصريحات وخطابات تصدر بشكل لينم عن فهم سياسي وحنكة بل كان بمثابة طوق نجاة للسلطة ليوظف ضمن فلسفة السنة فوبيا او البعث فوبيا او القاعدة فوبيا لحجب الشريك الاخر عن المشاركة بالحراك؟
19ــ ما المؤسسات العاملة التي تتمكن من ادارة اقليم وفشلت في ادارة محافظاتهم نفسها؟
20ــ من مارس البطش والتعذيب داخل السلطة وفي المجلس البلدي ومجلس المحافظة والقوات الامنية وهم من نفس الطائفة وكذلك المخبر السري والوشاية وتلفيق الاكاذيب والانتفاع السياسي اليس هم من الاقليم ذاته؟
21ــ كم نهر من الدماء سيجري لو فرضنا جدلا حصل الاقليم لأجل الرئاسة والسيادة والاستئثار وتلك طبيعة بشرية ومنهج عراقي وسلوك طائفي؟
22ــ ما مقومات وعناصر الاقليم المادية والمعنوية والاقتصادية وغيرها المطلوبة لتامين التكامل الذاتي؟
23ــ هل سنرى كل زقاق وشارع اقليم فيدرالي برئاسة مجموعة مسلحة؟
24ــ هل ننسى كيف فشلت ست محافظات بلا حكومة ولا دولة طيلة 4 سنوات منذ عام 2003 من ادارة نفسها وعكس اشراقة نخبها وعمت فيها الفوضى وازهاق الارواح وقتل الشيوخ والكفاءات ومن يحميهم اليوم؟
25ــ من يحاسب القتلة ونهابي المال العام والقائمين بالتعذيب عندما تعطي ملاذ امن لهم والجرائم ضد الانسانية لتسقط بالتقادم؟
26ــ هل نعلم ان السياسة بارومتر متغيرة ليس ايامها متشابه وليس الحاكم اليوم ذاته غدا وليس القوى اليوم سيبقى الى الاخير وليس الظالم سالم؟
27ــ هل اقنعنا العالم برؤيتنا لنجعله مرغما يقف لجانب قضيتنا العادلة؟
28ــ وأخيرا هل هزمنا كشعب وأمة وفقدنا العزم على الاستمرار في الدفاع عن وطن وضع الله سره فيه؟
عذرا للصراحة وهذا رأي الشخصي بلا عواطف وبشكل واقعي ملموس، وليس من حقي مصادرة تفكير الاخرين او بحثهم عن الخلاص من بطش طائفة السلطة التي ليس لها لا دين ولا مذهب ولا وطن سوى التغول في الظلم والباطل، كما ان العلقمي لم يمت فهناك مليون علقمي في العراق، وفي كل زمان ومكان، ويطلقون عليهم تسمية الضباع في حرب الاشباح، ومتأهبون في كل زمان لتهديم الاوطان، لعلي اقول كلمة اخيرة لا نهرب الى الامام ونرمي العيوب والأخطاء على شماعة الاخر والعيب فينا، والبوصلة مفقودة، والابحار في امواج متلاطمة بلا ربان، وطاقم كفئ تعد مغامرة غير محسوبة، وفوضى ملاحية ونتائجها وخيمة.
مواطن عراقي
AZP07