وطنٌ بلا أَسوار ولا أَسرار – ياسر الوزني
رغم أن أحلامنا كوابيس وتُخالف النواميس ،لكنهُ رأى في منامه أنهُ يمتلك مصرف مهمته التهريب، وبئرنفط وحقول غاز وبساتين سدر وعنب وعناب، ،وأكمل تجميل (خشمه) ليصبح كغصن اللبلاب ،وأن أفراد حمايته ذبحوا ألف فقيرفرحاً بزفاف أبنه على أبنة علاس أنتهى الى موقع مهيب ،أستشارصاحبه تفسيرحلمه الشهير،فأجابه بواحدة من نكتة شائعة أعتاد على قولها الفقير(كنت نايم مكشف ياصديقي) وكما هوحال هذا المواطن، فلايخالفه حال الوطن (مكشوف،منهوب ومسلوب) وفوق ذاك تشمأزالنفوس من بعض(الصدفيين) وهذا وصف من جاءت بهم الأيام الظلماء، المتباهين بكتابة مذكراتهم السوداء ،مدعياً كل منهم أنه تجاوزغاندي بنزاهته ومانديلا بحكمته وتشرشل بشجاعته،لقد أضحى نشرالوثائق والمستندات نوع من المهاترات ومنافسة غيرشريفة بأعتبارها باباً للتفاخروإشباع الأنا المريضة،وأستعراضاً فاشلاً يُسابق به أو ينتقم بها من فلان ، ولأن الغباء موهبة والمعرفة غائبة والوطن سلعة فكانت الجرأة والوقاحة في نشرما لايجوز، بل تعداه أن بعضهم تعود على صناعة جديدة في التزوير، واقعها أشاعة خوف وترقب وتحذير ،هذا الجو من الرهبة تأصل في مجتمع يشكو سوء الحظ والطلعة،وبالعودة للمتباهين بنشرالمذكرات ندعوهم لأستطلاع مذكرات القادة في أسرائيل مثالاً على أقل تقدير أذ لم يتجرأ أحدهم على نشر وثيقة واحدة أو محضر عن جلسة رسمية ، وكل ماتم نُشره مذكرات سياسية بلازيادة ولانقصان.
وقد أضحت الأسرار الوظيفية والوثائق الرسمية على أبواب وسائل التواصل ولم يمنع درجات كتمانها أن تكون وسيلة من وسائل الأستهزاء والقذف والشتم وأظهارالعورات والسوآت، فمابين وثائق مؤسسات مدنية وعقود ومحاضرجلسات الى مخاطبات وبرقيات عسكرية تهم أمن الوطن في سابقة لم تمرعليها دولة من دول العالم ،أن من أصول ومبادئ الشرف والأمانة والأعتبار يقتضي الألتزام بعدم إفشاء تلك الأسرارالتي حدد معناها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ،على أن العلة من تجريم الأفشاء هو الضرر الذي يلحق بالدولة، سواء كان أقتصادياً أو عسكرياً أو سياسياً تبعاً للمصلحة العامة التي تتضررمنها أو يُمكن أنْ يلحقها ضررٌ بالإفشاء، وبالمثل رعاية مصالح الأشخاص المعنين بهذه الأسرارولأتقاء الضررالمادي أو الأدبي الذي من المتصور وقوعه بهم . ويقع الإفشاء بالقصد العمد كما يقع بالإهمال وإنَّ تم لشخصٍ واحدٍ كإفشائه لطائفة أو للناس كافة، إذ ليست العبرة في العدد بل العبرة في هتك هذه الأسراروكشفها للغير.على أن الوثائق العسكرية لها صفة خاصة في تحريم نشرها أذ نصت المادة (29) من قانون العقوبات العسكري المرقم (19) لسنة 2007 النافذ بوجوب إنزال عقوبة الإعدام على موظفي وزارة الدفاع والقوات المسلحة إذا ما أرتكب أحدهم جرم إفشاء السر أو سر الليل أو الإشارة الخاصة أو التنبيهات أو الوصاية السريَّة المختصة بالحراس والخفراء والمخافر والشفرات العسكريَّة أثناء زمن النفير بقصد إعانة العدو والإضرار بالجيش أو إحدى قوات الحكومات المتحالفة معه.
ومستودعي سراً كتمت مكانه .. عن الحسّ خوفاً أن ينمّ به الحسّ وخفت عنه من هوى النفس شهوةً .. فأودعته من حيثُ لا يبلغ الحسّ.