وصال العاني في التصميم الطباعي
تجربة محلّية يتردّد صداها في الخليج
عمّان – عدنان أبوزيد
يواصلن الفنانات التشكيليات العراقيات، إثراء المشهد الفني في العراق، ويعززن التواصل الثقافي على المستوى المحلي والعالمي، ساعيات إلى انضاج التجربة الداخلية، بالخبرة المكتسبة في المهجر.
والفنانة العراقية، وصال العاني درست التصميم الطباعي، وانضمت عضوة فعالة إلى موقع تشكيليات عراقيات، ونجحت في اثبات قدرة على النجاح والانجاز، سواء عبر المعارض، أو عبر مشاريع تضفي الجمالية على الأماكن والقاعات، وحصدت الجوائز في الخليج، كما صممت الكثير من اللوحات والأعمال الفنية للمعالم الثقافية والاجتماعية في العراق والامارات والبحرين.
والتصميم الطباعي، هو عملية تصميم وإنشاء العناصر المرئية التي تستخدم في الطباعة والنشر، ويشمل الشعارات، والمطبوعات الإعلانية، والنشرات، والكتب، والمجلات، والملصقات، والبطاقات، والأغلفة، والتعليقات، والبنرات، والعلامات التجارية، وغيرها من العناصر البصرية.
اوضاع العراق
الزمان حاورت العاني حول تجربتها الفنية في العراق، وخارجه.
{ كيف أثّرت الحروب على الفنان العراقي؟
– تأثر الفنان العراقي كثيرا بالأوضاع غير المستقرة في العراق، الامر الذي اضطره إلى الهجرة، على مدى السنوات الماضية، وفي ظل الصراعات والظروف الاقتصادية الصعبة، حاول الفنان العراقي عكس معاناة وآلام وآمال الناس في أعمال الفنية، على طريق صناعة فرص أفضل للحياة.
{ كيف كانت البدايات ثم الانتقال إلى المهجر؟
– بدأت مسيرتي الفنية منذ الصغر، متأثرة بوالدتي التي رسمت لي امرأة جالسة على الكرسي فأعجبت بها كثيرا، وفي المرحلة الابتدائية، فازت لوحتي (الفيضان)، بجائزة المسابقة المدرسية، ووقتها كرمني وزير التربية بقلم حبر جميل ضاع مني وبقيت الذكرى.
طورت اسلوبي بالرسم على الخامة التي اشتغلها بنفسي وعلى الالواح الخشبية والجدران، ثم دخلت معهد الفنون الجميلة و درست فيه لمدة خمس سنوات، هي من أجمل سنوات العمر.
ولأني من العشرة الأوائل في المعهد، قبلت في كلية الفنون لكني لم أكمل دراستي بسبب ظروفي الخاصة لأعود من جديد في العام 2009لإكمال المشوار الاكاديمي.
والعراق من أقدم البلدان العربية في التصميم الطباعي لكن الصراعات والحروب التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية، اضطرت العديد من مبدعي هذه المهنة والفن إلى مغادرة البلاد والسفر إلى بلدان أخرى لمواصلة ممارسة فنهم وتطويره.
{ هل من تجربة خاصة في العراق؟
– في المرحلة الرابعة في الجامعة، زرت مع رسامين، الاهوار في جنوب العراق، وهي تجربة مهمة في حياتي، لانها تضفي على التشكيل لمسة واقعية من الوطن.
والفنانون التشكيليون العراقيون، بما في ذلك الفنانات، لهم تجارب رائدة في تعزيز الهوية الوطنية والتعبير عن الثقافة العراقية من خلال أعمالهم الفنية، وهم يستخدمون العناصر الثقافية المحلية والتراثية في إبداعاتهم، ما يساهم في الحفاظ على التراث وإعادة اكتشافه بطرق مبتكرة.
{ كيف بدأت الانطلاقة الفنية خارج البلاد؟
في مملكة البحرين كانت انطلاقتي في خارج البلاد، وحصلت على الجائزة الأولى ضمن مسابقة (حب الوطن) التي ضمت عددا من الفنانين البحرينيين.
المعرض الشخصي الأول حمل اسم (ضوء القمر) العام 2013، والثاني في المرفأ البحريني المالي العام 2017، ثم انشغلت بإكمال الماجستير في التصميم الطباعي في العراق، بعدها انطلق المعرض الثالث في 2022في مرفأ البحرين المالي أيضًا.
وفي نطاق المشاريع العملية، جهزت الكثير من المحافل والمؤسسات الاجتماعية والحكومية، باللوحات في بغداد ودبي.
ظروف استثنائية
{ كيف تقيّمين دور الفنان التشكيلي في صناعة الجمالية في العراق؟
الظروف الاستثنائية التي مر بها العراق، جعلتني انقطع عن التواصل الميداني في العراق، وارى إن الفنان التشكيلي يستطيع إن يقوم بدور استثنائي في إعادة تشكيل المجتمع والارتقاء بالذائقة الجمعية، وفي نفس الوقت فان الفنان ينتظر الدعم المادي والمعنوي، لانه يريد ان يعيش أيضا، والابداع يحتاج إلى توفير بيئة مناسبة لإنتاجه، كما إن الرسام يسعى إلى جس نبض إحساس الناس بإبداعه كي يستمر في الإنتاج.
وأستطيع القول إن الاهتمام المجتمعي بالتشكيل انحسر كثير في العراق، ويتعلق ذلك بالاهتمام الحكومي أيضا. وللمرأة حصة الأسد من هذا التهميش.
{ هل يحظى الفنان العراقي بالدعم والتشجيع؟
– في هذا الصدد، اقترح تخصيص دعم مادي للفنان، كي يتمكن من توفير أدوات وسلع الإنتاج الإبداعي.
وعلى المستوى الشعبي، فان الكثير من الناس لا يتفهمون معاناة الفنان وكيف تخرج اللوحة من يديه بالمعاناة والصبر والتعب والتفكير، لتكون النتيجة متعة بصرية لهم، كما إن الكثير من الناس لا يقدرون ان الفنان مثل الطبيب والمهندس والمعلم، وهو يرسم في الكثير من الأحيان لأجل كسب لقمة العيش، وفي حالة رغبتهم باقتناء لوحة فانهم يدفعون مبلغا رمزيا مقابلها، لكنهم في نفس الوقت ينفقون الأموال الكثيرة على سلع أخرى.
{ كيف ترسمين مكانة الفن في الخليج؟
الفن في دول الخليج يحظى بدعم واهتمام، وهناك دعم للفنان من اجل صناعة الابداع، كما إن هناك فضاءات متعددة لعرض الاعمال الفنية، اما في العراق، فان المعارض قليلة، مع انحسار تنظيم الجالريات، لكن نطمح في المستقبل القريب ان تصنع الفرص التي تساعد الفنان على صناعة الجمال البصري ونشره في البلاد.
وبشكل عام فان الفنانات التشكيليات العراقيات في داخل العراق وخارجه، يسعين إلى تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية في البلاد من خلال أعمالهن. ويعكس فنّهن تجاربهن الشخصية وآراءهن حول القضايا المجتمعية المحيطة بهن، ويسهمن في تحفيز النقاش العام ورفع الوعي.