وزير الداخلية العراقي السابق لـ الزمان : التدهور الأمني نتاج فراغ حقيبتي الدفاع والداخلية وعدم مساءلة القادة


لندن ــ نضال الليثي
قال جواد البولاني آخر وزير داخلية في العراق ان الفراغ ألأمني الذي تركه عدم اشغال وزارتي الدفاع والداخلية السياديتين وغياب القادة الأمنيين عن المساءلة والمسؤولية أهم سببين مباشرين للتدهور ألأمني الذي يشهده العراق حاليا والذي راح ضحيته الالاف.
وأوضح البولاني في تصريحاته ل الزمان أمس ان الاستقرار السياسي ينعكس ايجابا على الاستقرار الأمني واذا غاب الأول مثل ماهو موجود في العراق فان الثاني أي الأمن سيتدهور.
وشدد البولاني ان الاستقرار السياسي هو مفتاح الاستقرار ألأمني.موضحا ان بناء المؤسسات ألأمنية يحتاج الى قيادات تتمتع بالاستقلالية والحرص على تنفيذ سياسات الدولة العامة التي تنسجم مع متطلبات أمن وطني حقيقي غير مرتبط بالجانب السياسي.
وأوضح البولاني ان جميع هذه المتطلبات غير متحققة في عمل المؤسسات الأمنية في العراق.
وأكد البولاني في تصريحاته ل الزمان ان مكافحة الارهاب تحتاج الى توحيد جميع مؤسسات المجتمع بما في ذلك منظمات المجتمع المدني والشخصيات الثقافية ومراجع الدين وباقي مؤسسات المجتمع وواجهاته في عمل احترافي.
وقال انه يجب ترسيخ العمل الوطني داخل العمل الأمني الاحترافي وتطوير أدوات مكافحة الارهاب في المجتمع عن طريق توفير الثقة بالاجهزو ألأمنية وهذا غير متوفر حاليا حيث يخرج المواطن من منزله في الصباح وهو لا يعرف هل يعود اليه ام لا نتيجة التفجيرات والهجمات والاغتيالات اليومية. وأكد البولاني أنه لا يمكن بناء الثقة من دون ان يكون هناك جهازأمني قادرعلى ملاحقة الارهاب و رفع الخوف عن العراقيين الذين يشعرون بالتهديد يوميا.
وشدد وزير الداخلية السابق أن كل ذلك لا يمكن أن يتحقق من دون بيئة سياسية مستقرة وهناك ثقة بمستقبل البلد وهذا غير متوفر ايضا ومن الأمثلة على ذلك عدم تمرير البرلمان حتى الان لقوانين المحكمة الاتحادية والانتخابات والاحزاب وغيرها من القوانين المعطلة وغير المحسومة بسبب الخلافات السياسية.
وقال البولاني ل الزمان ان غياب الثقة يعود الى تغليب الطبقة السياسية للمصالح الحزبية والطائفية والفئوية التي تقف وراء التدهور ألأمني وتعرقل بناء مؤسسات الدولة.
وقال ان على هذه الطبقة أن تلنزم بعد عشر سنوات من الحكم بحلول جاهزة للمشاكل التي يعاني منها العراق.
وردا على سؤال ل الزمان حول اجراءات الخروج من التدهور ألأمني الحالي الذي يعاني العراق منه قال البولاني أعتقد ان المصالحة الوطنية االحقيقية البعيدة عن التحزب هي المفتاح الأساسي للخروج من هذه الأزمة والتغلب على المشاكل في اطار حوار وطني جدي ورفع التدخلات السياسية عن الملف ألأمني.
وقال أن على الدولة أن لا تسمح بوجود عصابات اجرامية ومليشيات تأخذ مداها الى هذا الحد في داخل المجتمع وتهدد استقراره هذا اضافة الى تهديدات القاعدة.
وشدد البولاني ان انعدام الحلول للمشاكل السياسية وعدم وضوحها يعطل القدرات ألأمنية ويجعلها عاجزة عن مواجهة هذا التدهور ألأمني.
وقال البولاني ان الأجهزة ألأمنية أو جزء منها غير قابل على الاطلاق بعمليات التصعيد والترهيب الذي تواجهه ومن بينه اغتيال االضباط وتفجير منازلهم وشن الهجمات المسلحة ضدهم وغيرها مما هو معروف للجميع. وأكد ان الرد على الملشيات وباقي المجاميع الاجرامية هو واجب من واجبات ألأجهزة ألأمنية . وقال ان على هذه ألأجهزة ان ترد سياسيا أيضا ضد التشجيع والدعم الذي تلقاه هذه المجاميع من المنظومة السياسية . وأضاف الوزير السابق ان الاجهزة ألأمنية قادرة على الوقوف ضد جميع الخارجين على القانون.
واستبعد البولاني أن ترد ألأجهزة ألأمنية عبر القيام بانقلاب عسكري وقال ردا على سؤال ل الزمان ان الذي يتحدث عن الحفاظ على اليمقراطية لن يسلك طريق الانقلاب.
واوضح ان الانقلاب العسكري سوف يؤدي الى مزيد من الفتن والقلاقل أشد مما هو حاصل الان .
وقال ان الانقلاب لن يتحقق لأن 60 70% من العراقيين يؤمنون بالعمل الديمقراطي والتمثيلي من خلال البرلمان عبر الانتخابات.
وأضاف البولاني أن العراق ليس محتاجا الى أزمات جديدة مثل الانقلاب بل هو في أشد الحاجة الى نظام سياسي وطني يلتزم بوحدة العراق ومن خلال ذلك يتم ابعاد شبح الانقلاب.
وشدد البولاني في تصريحه ل الزمان انه لا توجد بنية ثقافية واجتماعية تشجع على حدوث الانقلاب اضافة الى رفض دولي واقليمي وعربي لحصول مثل هذا الانقلاب في العراق.وشدد ان الحديث اليوم هو الالتزام بالشرعية الدستورية والقانونية.
وفشلت الاجراءات الامنية التي تتخذها السلطات العراقية منذ اسابيع في الحد من اعمال العنف اليومية التي يرى محللون ان السيطرة عليها باتت تتطلب جهودا طويلة الامد تبدا اولا بالعمل على نيل ثقة كافة مكونات المجتمع.
وتشهد البلاد منذ نحو خمسة اشهر هجوما داميا واحدا على الاقل كل يوم، بينما يبلغ معدل قتلى العنف اليومي 18 شخصا في 2013، بحسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس استنادا الى مصادر امنية وطبية.
وتستهدف هذه الهجمات كل اوجه الحياة في العراق، من الاسواق والمساجد وحفلات الزفاف، مرورا بالمدارس والمقاهي والمطاعم وملاعب كرة القدم، ووصولا حتى الى مجالس العزاء.
ويقول صامويل برانين الباحث ضمن برنامج الامن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في الولايات المتحدة انه وفيما يتصاعد العنف يفتقد العراق لخطة فعلية للتعامل مع هذا الوضع بطريقة استراتيجية، عملانية، وتكتيكية .
ويضيف ان على رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يحكم البلاد منذ العام 2006 ان يركز جهوده على ايجاد طريقة للوصول الى السنة العاديين، وجعلهم يشعرون بانهم جزء من الدولة .
ويستمد العنف المتصاعد زخمه الاكبر من الغضب السني الذي يعود الى الشكوى المتواصلة من التعرض للعزل السياسي والتهميش والملاحقة من قبل قوات الامن، وايضا من تطورات النزاع في سوريا المجاورة الذي ينقسم السنة والشيعة في العراق حيال مقاربتهم له.
ووسط تصاعد وتيرة الهجمات اليومية، التي تشمل مئات السيارات المفخخة والعبوات والاحزمة الناسفة شهريا، بدات الحكومة العراقية قبل اسابيع اعتماد اجراءات امنية جديدة.
ومن بين هذه الاجراءات شن حملات امنية وعسكرية على اوكار المسلحين، وزيادة عديد عناصر قوات الصحوة السنية الموالية لها والتي تقاتل تنظيم القاعدة، ووضع قيود على التنقل بالسيارات في بغداد.
لكن هذه الاجراءات فشلت في السيطرة على اعمال العنف المتواصلة منذ اجتياح البلاد على ايدي قوات تجالف دولي قادته الولايات المتحدة في العام 2003.
ويقول مايكل نايتس الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ان الاستراتيجية الامنية العراقية تعتمد حاليا على الكثير من الجهود المتخبطة في محاولة للايحاء بان هناك دوما تقدم ما على هذه الجبهة .
ويضيف ليس هناك من جهد حقيقي للتفريق بين المتمردين العتاة والمسلحين العاديين ، معتبرا ان الحكومة تقوم بدل ذلك بدفع السنة غير المتشددين اصلا نحو العودة الى دوامة العنف .
كما يرى المحلل في مجموعة اي كي ايه البريطانية جون دريك ان الحكومة تفرض حاليا اجراءات قصيرة المدى … وعليها ان تعتمد استراتيجية طويلة الامد في موازاة ذلك وان تكسب ثقة سكان المناطق التي تشهد اسواء المواجهات .
ويوضح ان جذور هذا النزاع تكمن في الشكوى الاجتماعية من التعرض للتهميش، وهذه الامور يمكن ان تحل عبر التشاور، والوساطة، وتوفير فرص العمل، وبناء الثقة، والاستثمار، وتحقيق التحسن الملموس في مستوى المعيشة .
واضافت الاجراءات الامنية الاخيرة للقوات الامنية التي تضم اكثر من 800 الف شرطي وجندي، صعوبات جديدة الى تلك التي عادة ما يواجهها العراقيون في حياتهم اليومية.
ففي بغداد، ازدادت الازدحامات بسبب الحواجز الامنية والعسكرية واغلاق الطرق، علما ان الاجهزة التي تستخدم عند هذه الحواجز مثل اجهزة كشف المتفجرات التي تحمل في اليد، اثبتت عدم فاعليتها منذ بدء العمل بها قبل نحو ست سنوات.
ووضعت السلطات في شهر ايلول»سبتمبر الماضي قيودا على تحركات السيارات في العاصمة، حيث بدات اعتماد نظام الفردي والزوجي، في اجراء فشل في خفض اعداد السيارات المفخخة التي تنفجر كل مرة في الاحياء نفسها، وفي التوقيت نفسه، وباعتماد التكتيك ذاته.
وفيما تتواصل اعمال العنف، تخسر القوات الحكومية مزيدا من ثقة المواطنين بها، وبينهم الشيعة.
ويقول مهدي 41 عاما وهو يقف في موقع تفجير في بغداد قتل فيه ابن عمه ان الوضع خرج من يد الحكومة، حيث انه يتدهور يوما بعد يوم .
ويتابع تخرج من منزلك ولا تدري متى يقع الانفجار وتموت
AZP01