وزير التخطيط العراقي السابق لـ الزمان تبييض مئات مليارات الدولارات من أموال الفساد وتهريبها إلى الخارج
الشفافية الدولية تدرج العراق على قائمة أكثر الدول فساداً في العالم
لندن ــ نضال الليثي
صنفت منظمة الشفافية الدولية العراق من بين اكثر الدول فسادا في العالم اضافة الى اسودان وليبيا وسوريا واليمن والتي احتل العراق مرتبة ادنى منها على مقياس الفساد الذي تعتمده المنظمة.
فيما قدر علي بابان وزير التخطيط العراقي السابق اموال الفساد في العراق بمئات المليارات من الدولارات خلال السنوات العشرة الاخيرة.
وقال بابان في تصريح لـ الزمان بعد صدور تقرير منظمة الشفافية العالميةان منظومات من الطبقة السياسية في العراق تقوم بتبييض اموال الفساد وتهريبها الى الخارج عبر طرق متنوعة ومتعددة.
وفسر بابان ادراج العراق على هذه المرتبة من مقياس فساد منظمة الشفافية العالمية ومقرها برلين الى عاملين هما ثقافي واجتماعي اضافة الى وجود خلل في منظومة القيم.
وأوضح بابان وهو خبير اقتصادي دولي ل الزمان ان الامم المهزومة تلاقي الهزات التي تتعرض لها اما بالسلب او الايجاب. وقال اذا كان السلب تحول الى ايجابا وتطور اقتصادي واجتماعي في المانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية فان العكس حصل في العراق الذي استقبل هزته السياسية سلبا وان الفساد هو احد هذه التجليات.
واوضح بابان ان العراقي عندما وجد الجندي الامريكي يتجول في شوارع بغداد اصيب بهزة في منظومة القيم.
واضاف بابان لقد تعرضت قيمة الوطنية والعمل العام الى اهتزاز كبير وان ما نشاهده من نماذج فساد تود الى ازمة ثقافية وفكرية.
واوضح بابان ل الزمان ان الفساد اصبح في العراق ثقافة اجتماعية ويشكل للفاسدين ضمان مادام يستهدف الحصول على المال حيث تحول الى القيمة الاعلى الذي يتحتاجه الطبقة السياسية الحاكمة عبر ما يسمى بالفساد السياسي.
وشدد بابان لقد وصلنا الى مرحلة ان الفساد السياسي يمد ويغذي الفساد المالي والاداري.
واوضح وزير التخطيط العراقي السابق في تصريحاته ل الزمان المشكلة تتلخص ان المال اصبح اذاة من ادوات القوة السياسية ومدخل لكسب الشعبية.
واوضح وان السلطة في العراق حصل فيها انتقال اجتماعي من طبقة الى طبقة جديدة ترى في الفساد وسيلة لتعديل الموازنة وتتناسب مع انتقال السلطة كمن يد الى يد. وقال بابان لقد حصل تغيير في مراكز القوى الاجتماعية في العراق وانتقال السلكة من فئة الى فئة صاعدة تريد تعزيز سيطرتها بالمال الذي لا تتوفر عليه الا عبر الفساد.
وشدد بابان في تصريحه ل الزمان لقد صار حراك وتغيير اجتماعي وان الفئات المهمشة في السابق اعيد لها االاعتبار وبالتالي رأت ان من حفها وعادلة الثروة داخل المجتمع عبر الفساد. وردا على سؤال حول حجم الفساد في العراق قال بابان ل الزمان انه لا توجد منهجية معتمدة لتقدير ارقام الفساد بانواعه الكثيرة والمعقدة الاحتساب
واوضح بابان لذلك اقول ان حجم الفساد في العراق يبلغ مئات المليارات. وحول غسل اموال الفساد في العراق واعادتها الى الدورة الاقتصادية قال بابان ل الزمان ان اكثر الوسائل الشائعة في العراق لغسل اموال الفساد هو تهريبها الى الخارج خاصة الى دول الجوار وايداعها في بنوكها او التصرف بها عبر شراء العقارات خاصة ان دول جوار العراق لا تدقق مصدر هذه الاموال. وقال ان اكثر الوسائل شيوعا هو تهريب النقد الكاش بالدولار او الدينار العراقي قبل تحويله الى العملات الصعبة في الخارج. وعن مصدر العملات الصعبة النهربة قال بابان ان افضل وسيلة هي مزادات البنك المركزي لبيع الدلار الذي يجري تهريب 60 منه الى الخارج والباقي يستخدم في التجارة وهو الغرض الذي يقام من اجله المزاد. وقال بابان ل الزمان ان التهريب لا يقتصر على الدولار المباع للافراد وانما يشمل الدولار المباع الى البموك ايضا. وقال ان اضعف نقطة في الكيان العراق هي حدود العراق التي لا توجد عليها رقابة وتهرب عبرها الاموال التي يجري غسلها في الخارج وتدخل منها السلع الفاسدة بما في ذلك المنافذ الحودية الستة التي يديرها اقليم كردستان.
وقال بابان ان الفساد لا يرتبط بالسياسي فقط وانما يرتبط بالشلة المحيطة به وتتمتع بحمايته مما خلق طبقة اجتماعية ومنظومة واخطبوط للفساد..
واعتبرت المنظمة ان حوالى 70 من دول العالم تطرح مشكلة جدية على صعيد تفشي الفساد بين موظفي اداراتها الرسمية، بدون ان تمنح ايا من البلدان ال177 التي تناولتها في تقريرها عام 2013 التصنيف الافضل. وتعد هذه المنظمة غير الحكومية كل سنة دليلا لانتشار الفساد بين الاحزاب السياسية والشرطة والنظام القضائي والخدمات العامة في جميع البلدان، وهو ما يقوض النمو ويعيق مكافحة الفقر. وعلق احد باحثي منظمة الشفافية فين هاينريش متحدثا لوكالة فرانس برس ان الفساد يطاول الفقراء بصورة خاصة . وتابع ما يتبين من خلال التصنيف هو ان الدول الاكثر فسادا هي الدول الاكثر فقرا وانه في هذه الدول الاكثر فقرا، فان الاقل ثراء هم الذين يعانون الاكثر من الفساد. هذه الدول لن تخرج اطلاقا من الفقر اذا لم تكافح الفساد .
وبين الدول التي سجلت اكبر تراجع في التصنيف عام 2013 سوريا حيث يدور نزاع دام وكذلك ليبيا ومالي اللتان شهدتا في السنوات الاخيرة نزاعات عسكرية كبرى.
وقال هاينريش ان الفساد غالبا ما يترافق مع تفكك بلد، وهو ما يمكن رؤيته في ليبيا وسوريا، البلدان اللذان سجلا اكبر تفاقم للفساد .
واضاف اذا ما نظرتم الى الدول في اسفل التصنيف، سوف تجدون ايضا الصومال. انها دول حيث لا تعمل الحكومة بشكل فاعل ويضطر الناس للجوء الى جميع انواع الوسائل للحصول على خدمات وتامين قوتهم وبقائهم .
وفي افغانستان التي ستنسحب منها قوات الحلف الاطلسي العام المقبل بعد انتشار استمر اكثر من عقد لم نسجل تقدما ملموسا بحسب هاينريش.
وبين الدول الاكثر فسادا ايضا كوريا الشمالية التي وصفها الباحث بانها مجتمع توتاليتاري منغلق بشكل كامل على نفسه حيث يروي الفارون منه ان المجاعة تزيد من حدة الفساد لانكم بحاجة الى معرفة شخص فاسد داخل الحزب لتأمين سبل معيشتكم .
ومن بين الدول التي حققت اكبر قدر من التحسن ولو انطلاقا من ادنى المستويات، يذكر التقرير بورما حيث باشرت السلطات العسكرية الحاكمة عملية ادخال الديموقراطية وقد التزم هذا البلد الذي شهد اقبالا من المستثمرين باحترام قواعد الشفافية.
وقال هاينريش انه السبيل الوحيد الذي يسمح للبلدان بتفادي ما يعرف ب لعنة الموارد ، اي ان تكون الموارد متوافرة فقط لنخبة محدودة جدا وهو بحسبه وضع نيجيريا ودول اخرى مزدهرة بفضل ثروتها النفطية .
وحذرت رئيسة منظمة الشفافية الدولية الكندية اوغيت لابيل بان جميع البلدان مهددة بالفساد، على جميع مستويات الحكومة، سواء حين يكون المطلوب تسليم رخصة محلية او عند تطبيق قوانين وتنظيمات .
وشددت المنظمة عل استحالة قياس الفساد بشكل دقيق لانه يمارس خلسة وبصورة غير شرعية.
وتحدد منظمة الشفافية مؤشرها بناء على اراء خبراء في مسائل الفساد ضمن منظمات مثل البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية ومؤسسة برتلسمان الالمانية وغيرها.
وتصنف البلدان على سلم يتدرج من صفر الى مئة، حيث يكون البلد المصنف بدرجة صفر الاكثر فسادا.
ورأت المنظمة ان التصنيف الاخير يرسم جدولا مثيرا للقلق موضحة انه ان كانت حفنة صغيرة من الدول تحقق نتيجة جيدة، الا ان ايا منها لا يصل الى العلامة الكاملة. واكثر من ثلثي البلدان تحصل على درجة دون الخمسين .
وبين الدول الاكثر فسادا بين الدرجتين 10 و19 العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان وجنوب السودان وتشاد وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو وهايتي وتركمانستان واوزبكستان.
وفي اعلى التصنيف بين الدرجتين 80 و89 نجد الدنمارك ونيوزيلندا ولوكسمبورغ وكندا واستراليا وهولندا وسويسرا وسنغافورة والنروج والسويد وفنلندا.
AZP01